واشنطن تلوح بإغلاق مكتب منظمة التحرير لديها.. الأهداف والدلالات!
ليس جديدا على الأمريكيين سياسة العصا والجزرة مع السلطة الفلسطينية. فلطالما استثمرت الدعم الأمريكي والمساعدات المسماة بإنسانية في هذا السياق من أجل تحصيل مكاسب مختلفة في سياق المفاوضات التي ترعاها الأخيرة بين السلطة والكيان الإسرائيلي.
ما يحصل اليوم من عملية تلويح بإغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن لا يمكن عزله عن نفس السياسة الأمريكية المنحازة وبوضوح للطرف الإسرائيلي. حيث كانت وزارة الخارجية الأمريكية قد رفضت تمديد التصريح المعطى للمكتب والذي يمدد كل ستة أشهر تحت ذريعة قانون تم المصادقة عليه في الكونغرس يتعلق بضغوطات فلسطينية على المحكمة الجنائية الدولية، ضغوطات عبر تصريحات فلسطينية اعتبرها الكونغرس تؤثر في مجرى تحقيقات تتعلق بأشخاص إسرائيليين ملاحقين أمام المحكمة.
ناهيك عن أن هذا الأمر يُعدّ وبلا شك خطوة أمريكية وقحة في مسار الانحياز الكامل لإسرائيل إلا أنه يأتي في ظروف يجب الوقوف عليها تتعلق بالمصالحة الفلسطينية الأخيرة التي جرت في القاهرة والتي جمعت حركة حماس إلى فتح. حيث تريد الإدارة الأمريكية تغيير مسار هذا الاتفاق ليتلائم مع مصالح الكيان الإسرائيلي والمفاوضات بين الطرفين بشكل عام.
وعن هذا الهدف الإسرائيلي تتحدث المعلومات والتقارير الإعلامية عن ضغوطات من قبل واشنطن (منذ مدة) على محمود عباس ليشترط على حركة حماس أمرين. الأول الاعتراف بالكيان الإسرائيلي بشكل رسمي، والثاني القبول بالدخول في مفاوضات تفضي لخلع سلاح حماس الذي يشكل تهديدا لإسرائيل.
وبالتالي تريد واشنطن من محمود عباس إقحام حماس في نفس النفق الذي دخلته منظمة التحرير منذ عقود وقبولها باتفاق السلام مع الإسرائيليين والذي أودى إلى الحالة التي هي فيها هذه المنظمة اليوم.
إزاء هذه الضغوطات أعلنت السلطات الفلسطينية عن قطع كل قنوات الاتصال بالأمريكيين، ومنع المسؤولين الفلسطينيين من التواصل أو لقاء أي مسؤول أمريكي احتجاجا على الأمر. فيما أكدّ وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي أن السلطة لن ترضخ لضغوطات واشنطن المكشوفة الأهداف. ولكن ليس من المؤكد إن كانت ستتمكن السلطة الفلسطينية وعلى رأسها محمود عباس من مواصلة هذه القطيعة بسبب التجارب السابقة التي تمكن فيها الأمريكيين من كسر قرارات السلطة. كما أن عباس قد صرّح بالفعل في وقت سابق عن طلب من حركة حماس بالاعتراف بإسرائيل بشكل رسمي وهذا المطلب لا زال قيد التفاوض بين الطرفين حيث تتمسك حماس بالرفض القاطع لهذه الخطوة.
في مقابل ذلك صرحت الأمس المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية “هيذر ناويرت” ما مفاده أن الخارجية الأمريكية تريد بقاء مكتب منظمة التحرير فاعلا في واشنطن محاولة تقديم تبرير قانوني لمنع تمديد المجوز في رسالة تؤكد وجود نوع من الأخذ والردّ في القرار الأمريكي.
اللافت أيضا أن ما يحصل ترافق مع حملة اعتقالات لمسؤولين في السلطة من قبل سلطات الاحتلال في القدس الشريف، حيث اعتقل ما لا يقل عن 13 شخصية من السلطة من بينهم قيادات أساسية في المدينة. كل ذلك لزيادة الضغط على السلطة من أجل قبول الشروط الأمريكية.
وبالفعل بدأت تصدر تقارير إعلامية تشير إلى نية لتأخير مفاوضات تشكيل حكومة الوحدة الوطنية لأسباب غير معروفة. وهذا يؤكد أن حجم الضغط على السلطة ومحمود عباس بات يتهدد اتفاق المصالحة، وبناء عليه من الضروري التمسك أكثر من قبل بأسس الوحدة التي بني عليها الاتفاق الأخير برعاية القاهرة.
الواقع أنه ومنذ بداية الاتفاق بين حركة فتح وحماس كان هناك مؤشرات تؤكد عدم رضا واشنطن (والكيان الإسرائيلي) عن بنوده. وبالفعل كان متوقعا حصول ضغوطات لتفتيت مخرجات هذا الاتفاق وقد بدأت بالفعل والأيام القليلة المقبلة كفيلة بكشف اللثام عما ستؤول إليه الأمور في نهاية المطاف.
المصدر / الوقت