شبه جزيرة سيناء حلم اسرائيل الجديد القديم؛ هل يتحقق؟!
لاتترك مكانا لا تحاول العبث به بما يخدم مصالحها وحلمها بإنشاء دولة على مقاس طموحاتها، هذا هو حال “اسرائيل” التي تقضي على كل محاولات السلام منتهكة جميع الحقوق الدولية دون أي حسيب أو رقيب، فبعد أن عاثت فسادا في سوريا فاتحة ذراعيها للجماعات الارهابية المسلحة داعمة إياها لفتح ثغرات في الداخل السوري من جهة القنيطرة وبعد فشلها في تحقيق ذلك، تتجه اليوم “اسرائيل” إلى سيناء لتحقق حلماً جديدا قديما.
لماذا سيناء؟!
شبه جزيرة سيناء هي منطقة تقع في شمال شرق مصر، تتصل شرقا بخليج العقبة، وغربا مع خليج السويس، ومن الشمال مع البحر الأبيض المتوسط، ومن الجنوب مع البحر الأحمر، ويصل عدد سكانها إلى حوالي 800000، ونظرا لذلك نجدها تملك موقعا استراتيجيا مهما فضلا عن كونها تصل قارة آسيا بإفريقيا.
وتكسب هذه الجزيرة أهمية كبيرة بالنسبة لإسرائيل وقد حاول الصهاينة الحصول عليها مرتين عبر غزوها ولكن فشلت محاولاتهم حينها، وبعدها نفذوا العديد من التدابير الدولية والإقليمية للسيطرة على المنطقة ومع ذلك لم ينجحوا، ومنذ فترة الستينات وربما قبل ذلك حاول الاسرائيليون تهجير القبائل العربية من سيناء واستمرت هذه المحاولات حتى بعد السبعينات لكونهم أبدوا مقاومة كبيرة لاسرائيل في حرب أكتوبر 1973.
واليوم لا يختلف عن الأمس بالنسبة للإسرائيلي الذي مازال يحاول التعدي على سيناء وشعب مصر، وهذا ما شاهدناه في كلام وزيرة شؤون المساواة الاجتماعية الإسرائيلية، جيلا جامليئيل، قبل يومين، عندما قالت ” إن سيناء أفضل مكان لدولة الفلسطينيين”، ما جعل الشعب المصري يبدي استياءه الشديد من هذا التصريح الذي أحدث غليان في الشارع المصري وعلى اثر هذا الكلام رد وزير الخارجية المصري، سامح شكري، على الوزيرة الاسرائيلية بالقول، إن بلاده لن تسمح بالتفريط في ذرة واحدة من تراب شبه جزيرة سيناء.
الكلام الذي قالته الوزيرة الاسرائيلية لم يكن برئيا ومن الواضح أنه جاء عن سابق اصرار وترصد، وتريد من ذلك إيصال رسالة للجميع بأن اسرائيل ليس لديها خطط ولا رغبة في إقامة دولة فلسطينية مستقلة في فلسطين، وأن سياستها المستقبلية ستكون احتلال كامل الأراضي الفلسطينية وتهجير كل من يعارض مشروعها، وبطبيعة الحال، فإن تردد الدولة الصهيونية في إقامة دولة فلسطينية مستقلة ليس أمرا جديدا، وقد اعترفت به السلطات الاسرائيلية مرات عديدة، ففي وقت سابق من شهر أب من العام الحالي، صرح نافتالي بينيت، وزير التعليم الصهيوني وزعيم حزب “البيت اليهودي” اليميني المتطرف، قائلا ” هناك من يحلم بإقامة دولة فلسطينية، أعدكم لن يكون ولن تكون هناك دولة اسمها فلسطين”، وتعهد حينها بإنشاء المزيد من المستوطنات.
صفقة القرن
الكلام الذي صرحت به الوزيرة الاسرائيلية والذي جاء بعد أيام من هجوم إرهابي الجمعة الماضية، على مسجد بالعريش أسفر عن مقتل 305 أشخاص، يأخذنا إلى “صفقة القرن” التي يجري بمتقضاها نقل فلسطينيي الضفة إلى سيناء وإقامة دولة لهم فيها وترك الأراضي الفلسطينية كاملة تحت سيطرة الاحتلال.
وتبرز من وقت لآخر محاولات دولية لاستئناف مبادرات السلام بين إسرائيل وفلسطين، منها ما تحدث عنه الرئيس عبد الفتاح السيسي من أهمية إتمام ما أسماه “صفقة القرن” لحل القضية الفلسطينية، دون تفاصيل أكثر، وذلك خلال زيارته إلى واشنطن في أبريل الماضي. التصريحات جعلت البعض يطرح مجددا أن هناك مخططا لإخلاء سيناء لصالح صفقة القرن، وهو أمر تنفيه تماما السلطات المصرية وتعتبره “أكاذيب”.
وذكرت تقارير أن فلسطينيين يحملون الجنسية الصهيونية تمكنوا من شراء أراضي في شبه جزيرة سيناء على مدار السنوات القليلة الماضية، وربما اسرائيل هي من يدفع بالجماعات الإرهابية إلى تلك المنطقة لتنفيذ عمليات إرهابية ترعب المواطنين وتجبرهم على مغادرة مناطقهم وإطهارها للعالم أجمع بأنها غير آمنة للتحضير فيما بعد لنقل الفلسطينيين إلى المنطقة نفسها.
وثائق جديدة
كشفت وثائق سرية نشرتها ” BBC” بالأمس، موافقة الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك على توطين فلسطينيين في مصر، وجاء في الوثائق أن مبارك استجاب لمطلب أمريكي بتوطين فلسطينيين في مصر قبل أكثر من ثلاثة عقود، لكنه اشترط التوصل لاتفاق بشأن “إطار عمل لتسوية الصراع العربي الإسرائيلي”.
وكشف مبارك عن موقفه من الطلب الأمريكي خلال مباحثاته مع رئيسة الوزراء البريطانية مارغريت ثاتشر أثناء زيارته إلى لندن في طريق عودته من واشنطن في شهر فبراير/شباط عام 1983 حيث التقى بالرئيس الأمريكي رونالد ريغان، وفقا للوثائق، وحسب محضر جلسة المباحثات فإن مبارك أبدى استعداده لاستقبال مصر الفلسطينيين من لبنان رغم إدراكه للمخاطر التي تنطوي عليها مثل هذه الخطوة، ولكنه أبلغ الولايات المتحدة أنه يمكن أن يفعل ذلك فقط كجزء من إطار عمل شامل للحل.
في مقابل ذلك كان الوزير الإسرائيلي أيوب قرا، وهو وزير من دون وزارة من الطائفة الدرزية، قد قال في تغريدة على تويتر، فبراير/شباط الماضي، إن “ترامب ونتنياهو سيعتمدان خطة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بإقامة دولة فلسطينية في غزة وسيناء بدلا من الضفة الغربية “، مضيفا “هذا هو السبيل الذي سيمهد الطريق إلى السلام، وتحالف مع المجتمع السني”، فيما كذبت الرئاسة المصرية هذا الأمر وقالت أن موضوع توطين الفلسطينيين في سيناء أمر لم يسبق مناقشته أو طرحه على أي مستوى، من جانب أي مسؤول عربي أو أجنبي، مع الجانب المصري.
أيا يكن ما يقولوه الساسة المصريين أو يكذبوه، فإن حقيقة الأمر تقول أن ” مصر في مأزق شديد”، ومنذ ثورة 25 يناير وحتى الآن الأزمات تعصف بالمجتمع المصري فضلا عن النزاعات الداخلية، والأزمة الأمنية والاقتصادية، وما إلى ذلك، لذلك، إذا لم ترغب مصر في تفاقم وضعها الأمني، يجب عليها أن تحاول استبدال التعاون مع التحالف الكاذب الذي تقوده الولايات المتحدة ضد داعش بسياسة التعاون مع روسيا ومحور المقاومة.
المصدر / الوقت