السعودية واسرائيل..غزل وتحالف جديد في المنطقة
كتب موقع “دويتشه ويله”، دي دبليو الالماني في تحليل له عن العلاقات الاسرائيلية – السعودية: “ان في منتصف تشرين الثاني / نوفمبر، اجرت صحيفة ” ايلاف” السعودية مقابلة إعلامية غير مسبوقة وتداولتها أكثر من وسيلة إعلام إسرائيلية، مع رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، غادي إيزنكوت، تطرقت فيها الى رؤيته الإجمالية بالعلاقات مع إيران من ناحية، ومن ناحية أخرى، العلاقات مع المملكة العربية السعودية.
وقالت “إيلاف” على موقعها في سياق تقديمها للمقابلة إنها “مقابلة حصرية مع إيلاف، هي الأولى مع صحيفة عربية”، وأكد الجنرال الإسرائيلي أنه يتابع ما تنشره “إيلاف” إلى جانب اهتمامه بالإعلام العربي، معبّراً بحسب الصحيفة نفسها عن “سروره بهذه الفرصة للتحدث عبر الإعلام العربي عن إسرائيل عسكرياً وسياسياً”.
ويملك عثمان الأمير، وهو ناشط إعلامي وصاحب وكالة إيلاف الإعلامية، علاقات وثيقة مع جريدة الشرق الأوسط التابعة للملك السعودي، وعلى هذا الاساس فقد وضع ايزنكوت قدمه في جوف وسائل الإعلام الرئيسية في المملكة العربية السعودية.
واوضح ايزنكوت ان اسرائيل مستعدة لتبادل المعلومات والخبرات مع الدول العربية في مواجهة ايران. وأكّد وجود توافق تام بين تل أبيب والرياض فيما يتعلق بإيران، وأنّ السعودية لم تكن عدواً في أي يوم من الأيّام لإسرائيل.
حيث أكد إيزنكوت أن “للسعودية وإسرائيل مصالح مشتركة ضد التعامل مع إيران”، مضيفاً أن المخطط الإيراني هو السيطرة على الشرق الأوسط بواسطة هلالين شيعيين الأول من إيران عبر العراق إلى سوريا ولبنان، والثاني عبر الخليج من البحرين إلى اليمن وحتى البحر الأحمر وهذا ما يجب منع حدوثه”.
وردا على سؤال حول ما اذا كانت اسرائيل قد تبادلت بالفعل معلومات مع السعودية، قال “نحن مستعدون لتبادل المعلومات اذا لزم الامر، ولدينا العديد من المصالح المشتركة مع المملكة العربية”. بيد انه صّرح بوضوح ان ايران تُعتبر “اكبر تهديد للمنطقة” من وجهة نظر اسرائيل.
وخلال المقابلة قال رئيس الأركان الإسرائيلي إن “إسرائيل هي الآن في أفضل حالاتها العسكرية، ونحظى بالتقدير من الدول المعتدلة في المنطقة”، لافتاً إلى أنه وعلى الرغم من وجود “مناطق توتر سريعة الاشتعال مثل لبنان والضفة الغربية وغزة وسيناء وسوريا” إلا أن “الخطر الفعلي الأكبر في المنطقة هو إيران، من البرنامج النووي وبسط نفوذها في المناطق المختلفة وتفعيل أذرع تقوم بمهمات مثل حزب الله وأنصار الله والجهاد الإسلامي”.
وتعتبر تصريحات إيزنكوت الأولى من نوعها لشخصية عسكرية إسرائيلية رفيعة تتحدث عن العلاقة بين تل أبيب والرياض بهذا الشكل.
كما أشار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو إلى قضية تغيير مسار العلاقات بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية بشكل عام، دون الإشارة بشكل مباشر إلى المملكة العربية السعودية.
وتطرق نتنياهو في مراسيم تأبين الذكرى الرابعة والأربعين لوفاة مؤسس اسرائيل، ديفيد بن غوريون الى “وجود تعاون مثمر بين اسرائيل والعالم العربي”. ورفض الحديث عن التفاصيل الا انه قال “من المؤكد ان العلاقات ستتسع اكثر واكثر”. واضاف “هذا سيمكننا من مواصلة السعي من اجل إحلال السلام”.
ويبدو ان الجانبين يَحذَران بشكل خاص من اقامة تقارب ثنائي من خلال القنوات غير الرسمية.
وحقيقةْ مقابلة ايزنكوت مع موقع ايلاف السعودي، يمكن أن تشير إلى استراتيجية دفاعية متعمدة في مجال العلاقات العامة.
كما يوضح أنور عشقي، وهو جنرال سابق في الجيش السعودي، بطريقة مماثلة، ويؤكد أن العلاقات بين الجانبين في هذه المرحلة غير رسمية بحتة. ومع ذلك، كان عشقي قد سافر في شهر تموز الى البيت المقدس برفقة وفد عربي. واجتمع هذا الوفد مع اعضاء البرلمان الاسرائيلي او الكنيست.
وكانت هذا المفاوضات قد ابتدأت رسميا من قبل الطرفين وكان من المفترض ان تنفخ هذه المحادثات روحا جديدة لمبادرة السلام العربية التي تقودها السعودية منذ عام 2002 والتي تهدف الى الحد من التوترات بين اسرائيل والعالم العربي.
وفي مقابلة مع برنامج لدي دبليو، اكد عشقي انه لم يكن في اسرائيل بل كان في القدس، عاصمة الفلسطينيين. وتهدف مثل هذه التصريحات إلى كسب رضا اغلبية العالم العربي الذي يجب أن يكون معتادا على هذه النبرة الجديدة بعد عدة عقود من المواجهة العسكرية والاعلانية. ومع ذلك، قال عشقي: ان مواطنو المملكة العربية السعودية مستعدون لهذا التقارب. والسبب في هذا التغيير في الرأي العام واضح تماما.
وادّعى عشقي: أنه لم تكن إسرائيل قد وجّهت الصواريخ علينا، بل كانت إيران من فعلت ذلك. الايرانيون هم من هددوا أمننا الوطني. ويلمح عشقي الى ما حدث مؤخرا في سياق الحرب بين السعودية واليمن. وفي مطلع تشرين الثاني / نوفمبر، اطلق الحوثيون اليمنيون صواريخ من داخل اليمن على العاصمة السعودية الرياض، الا انه قيل ان القوات الجوية السعودية قد تمكنت من الصاروخ. واتهمت الحكومة السعودية ايران بانها وراء الهجوم.
وقد كثف ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان بإستمرار التوترات الدبلوماسية مع إيران ووصف الجمهورية بأنها تهديد للأمن القومي السعودي. ومن ناحية أخرى، ترى إسرائيل نفسها مُهددة من قبل ايران.
لقد استخدم حزب الله اللبناني قضية الحرب الأهلية السورية للتقدم إلى مرتفعات الجولان المحتلة.
وفي أيلول / سبتمبر، أجرى الجيش الإسرائيلي مناورات عسكرية ضخمة لتحضير نفسه لمواجهة جديدة مع حزب الله.
يجب أن نرى مدى تأثير التقارب السعودي لإسرائيل على منطقة الشرق الأوسط بأسرها. لقد أعلن العالم العربي تضامنه مع فلسطين منذ عقود بعيدة، ومن الناحية التاريخية كان هنالك شخصيات عربية معادية لإسرائيل مثل صدام حسين وبشار الأسد.
وكان للدعاية التي قامت بها اسرئيل في مواجهة هذا العداء أثر عميق على الرأي العام.
من جانيه قال قيس عبد الكريم، نائب الامين العام للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، ان اعلان اسرائيل الاخير عن العلاقات الجديدة مع السعودية هو اعلان اعلامي فقط. ويضيف عبد الكريم لـ “دويتشه ويله”: إن الهدف من هذه التصريحات هو إعطاء شعور بأن العلاقة بين الجانبين تتجه نحو تحالف لإعلان موقف مشترك ضد إيران وحلفائها في المنطقة.
واضاف “طالما ان الحكومة السعودية لا تعترف علنا بهذه العلاقات الجديدة، فان من غير الممكن لها تطبيع علاقاتها مع اسرائيل”.
المصدر / الوقت