حان من جديد تفعيل المقاومة بشكل اوسع
اعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة موحدة لإسرائيل هذا القرار تم اتخاذه ونيته نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس يوم الاربعاء7/12/2017 ما يعني أن الإدارة الأمريكية نفذت قرار إتخذه الكونغرس الأمريكي منذ عام 1995 اي ليس بشيء جديد ولم نسمع أو نشاهد تحركات عربية وإسلامية في ذلك الوقت للتأثير في المجتمع الأمريكي حتى يتم التراجع عن هذا القرار.
كما أن الرئيس الامريكي دونالد ترامب أعلن عن نيته نقل السفارة أثناء حملته الانتخابية وكرره أكثر من مرة لاحقا، وبدلا من اتخاذ مواقف وإجراءات ضد إدارته لثنيه عن عزمه بهذا الشأن ولأن الخطوة تمثل الحياة او الموت السياسي اذا لم يتخده لأسباب كثيرة، ومنها الاتهامات بشأن التدخل الروسي في حملته الانتخابية والتي قد تهدد مصير رئاسته. وقد عززت الأنظمة العربية علاقاتها مع إدارته ودخلت معها في تحالفات عسكرية وأمنية وعقدت معه صفقات بمئات مليارات الدولارات، بل أن ترامب كان قد أعلم بعض العواصم العربية اخيراً بنيته الاعتراف بالقدس الموحدة كعاصمة للكيان الإسرائيلي، وكماعرض ولي عهد المملكة العربية السعودية محمد بن سلمان قبل ايام على الرئيس محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية أن تكون بلدة أبو ديس عاصمة للدولة الفلسطينية وأن يتم الضغط على أبو مازن ماليا بل والتهديد بالبحث عن قيادة جديدة إن لم يتجاوب مع الرؤية الأمريكية للتسوية.
واشنطن بسلطتيها التنفيذية والتشريعية اعترفت بالقدس كعاصمة لإسرائيل. على علم العديد من قادة الدول العربية والاسلامية والعالمية بعد ان اتصل ترامب بقادة تلك الدول ليعلمهم بنيته قبل اتخاذ قراره وكانت هذه الخطوة محاولة منه لمعرفة ردود الافعال المتوقعة على قراره.
هذه الخطوة ليست مفاجئة وكانت متوقعة من الرئيس ترامب حيث اعلن منذ البداية، اي فترة حملته للإنتخابات ونوّه لإتخاذ مثل هذا القرار في حال فوزه بها واخيراً عندما قال إن قرار نقل السفارة قد تأخر والآن اصبح مسألة وقت فقط، والخلل عند البعض من الذين استمروا في المراهنة على واشنطن كشريك للسلام أو وسيط نزيه ووضعوا كل آمالهم في سلة الحل الأمريكي منذ مؤتمر مدريد حتى ما تسمى الصفقة الكبرى، دون البحث عن خيارات بديلة. بالرغم من خطورة هذه الخطوة الأمريكية إلا أن الفلسطينيين والعرب والمسلمين تأخروا في التحرك، لا بل لم يتحركوا حتى هذه اللحظة وتحرك اللحظات الأخيرة التي لم تتجاوز الشجب من البعض باستحياء لم تكن تردع ترامب وتثنيه عما كان يريد اتخاذه.
أما بالنسبة لتداعيات هذا القرار فإنه يضع الفلسطينيين والعرب والعالم أمام الأمر الواقع وخصوصا في تعاملهم مع أي مشروع تسوية جديد سواء في إطار ما تسمى الصفقة الكبرى أو غيرها، وأن ترامب ومعه أطراف عربية يسعون لتفكيك الملفات العالقة وهي القدس واللاجئين وجغرافيا الدولة الفلسطينية. ترامب الان مهد الطريق بالنسبة للقدس، والدول عربية سوف تمهد الطريق لحل مشكلة الدولة الفلسطينية من خلال الضغط على القيادات الفلسطينية للرضوخ لهذا القرار، والتلاعب بجغرافيا الدولة الفلسطينية وتوسيع غزة باتجاه سيناء وتبادل أراضي، وكل ذلك يترافق مع ضغوط مالية ولعل اول الأمر بوقف تمويل السلطة مالياً من قبل الكونغرس الامريكي وسوف تتناغم معه إغراءات مالية سعودية وإماراتية في حالة قبول الرئيس أبو مازن بالرؤية الأمريكية، مع تهديد مبطن بتغيير القيادة الفلسطينية إن لم تتجاوب مع كل ذلك.
قرار الاعتراف بالقدس كعاصمة موحدة لإسرائيل ونقل السفارة حتى وإن كان في إطار النوايا يعتبر انقلابا على اتفاقات التسوية وعلى قرارات الشرعية الدولية وانحيازا كاملا لإسرائيل كدولة يهودية في الجغرافيا التي تحددها إسرائيل وليس الأمم المتحدة، الأمر الذي يتطلب، حتى قبل أن يصدر القرار وبغض النظر عن صيغته، مواقف من كل الأطراف المؤيدة لعدالة القضية الفلسطينية تتجاوز مجرد التنديد والشجب، والرد الفلسطيني سيكون المحَدِد والموجه لأي ردود فعل أو تحركات عربية ودولية، فإن لم تكن ردة الفعل الفلسطينية قوية وعقلانية فيجب ألا ننتظر أن يكون العالم أكثر غيرة وحرصا على فلسطين من أهلها.
حتى اذا اقتصرت ردة الفعل الفلسطينية على التنديد والشجب وثلاثة أيام غضب فهذه أمور يمكن أن تستوعبها وتحتويها إسرائيل والإدارة الأمريكية، وهي ردة فعل لن تشجع دول وشعوب العالم بردة فعل أكبر مما فعله الفلسطينيون. المطلوب اليوم للرد على توجهات ترامب وعلى مؤامرة الصفقة الكبرى لتصفية القضية الفلسطينية أن تتخذ القيادة الفلسطينية قرارات حاسمة، كإعادة النظر في اعتراف منظمة التحرير بإسرائيل وإلغاء ما على السلطة من التزامات بمقتضى اتفاقية أوسلو وخصوصا التنسيق الأمني، والعودة لمنظمة التحرير كحركة تحرر وطني، والتوجه للأمم المتحدة للمطالبة بالإعتراف الكامل بالدولة الفلسطينية أو أن تستلم الأمم المتحدة المسؤولية عن فلسطين وشعبها، وتفعيل حراك أو مقاومة شعبية بشكل اوسع مما فيه الان تشارك فيها كل الفصائل الفلسطينية وترك الخلافات الى جانب.
بقلم / عبدالخالق الفلاح