الحمد لله الذي جعل أعداءنا من الحمقى.. ترامب مثالاً
حاولت امريكا من خلال صناعة الجماعات التكفيرية وعلى راسها القاعدة و«داعش»، استهداف وحدة المسلمين باعتبارها العامل الرئيسي الذي وقف في وجه الصهاينة، وحال دون ابتلاعهم لباقي الاراضي الفلسطينية المحتلة ومن بينها القدس، وحال ايضا دون «دمج» الكيان الصهيوني في المنطقة.
فكرة استخدام الجماعات التكفيرية كمعول لضرب الوحدة الاسلامية، تفتقت عنها العقلية الغربية بعد فشل الغرب في تسويق «اسرائيل» ككيان يمكن ان تتعايش معه الشعوب العربية والاسلامية، فكان لابد من «اختراع» خطر يهدد العرب، يكون اكبر بكثير من خطر «اسرائيل» على العرب.
هذه الخطة نفذتها الجماعات التكفيرية، وخاصة منذ 7 سنوات، والتي قدمت ايران وبعض المسلمين من اتباع الطوائف الاخرى وكذلك المسلمين السنة الرافضين للعقيدة التكفيرية، على انهم الخطر الداهم الذي يهدد «السنة»، ولابد من مواجهتهم والقضاء عليهم مهما كلف الامر.
منذ فترة والغرب يعمل على اضعاف الوحدة الاسلامية، وتسويق «ايران» على انها «العدو» الذي يشكل خطرا وجوديا على العرب «السنة»، واُستخدمت امبراطوريات اعلامية ضخمة بخطاب طائفي مقزز، واُنفقت عشرات المليارات من الدولارات في هذا الاطار.
الفكرة السابقة تم تنفيذها عمليا منذ عام 2003 في العراق حصرا، الا انها امتدت الى سوريا وبعض البلدان الاخرى منذ عام 2011، حيث تم تجنيد مئات الالاف من التكفيريين من مختلف انحاء العالم وارسالهم الى العراق وسوريا ليحاربوا تحت شعار «الدفاع عن اهل السنة» ضد الشيعة والعلوييين والسنة الرافضين لعقيدة التكفير، وكذلك اتباع الديانات الاخرى.
بالتوازي مع تنفيذ هذا المخطط، كان مخطط تقديم ايران ك «عدو» يتربص بالعرب، يتم تنفيذه على قدم وساق، وتم تكثيف العمل فيه مع مجيء ادارة الرئيس الامريكي دونالد ترامب، وخاصة بعد تصدي ايران ومحور المقاومة للجماعات التكفيرية في سوريا والعراق.
امريكا سعت جاهدة ان تستغل ما تفعله الجماعات التكفيرية من فظاعات، وتقديم ما يجري على انه ردة فعل لجماعات «سنية» على محاولات ايران «الشيعية» فرض «هيمنتها» على العرب، الامر الذي يتطلب، كما ترى امريكا، تحالفا عربيا «اسرائيليا» ضد العدو المشترك وهو ايران.
للأسف الشديد المخطط الامريكي نجح في بعض جوانبه، بعدما لاقى تجاوبا من حكومات عربية خليجية، التي وقعت في الفخ الامريكي «الاسرائيلي»، واخذت تجند فضائياتها ومنابرها الاعلامية، للترويج لتلك «الكذبة» الكبرى، وتلميع صورة «اسرائيل»، وبيان «فوائد» التطبيع معها، والتهجم بالمقابل على فلسطين والفلسطينيين والقضية الفلسطينية، واستخدام لغة طائفية بغيضة ضد ايران ومحور المقاومة وحزب الله واتباع اهل البيت عليهم السلام.
بعد ان بدت الارضية اكثر ملائمة للاعلان رسميا عن تطبيع العلاقات بين «اسرائيل» وبعض الانظمة الخليجية، على خلفية ما اُتخذ من اجراءات لتصفية القضية الفلسطينية في اطار ما بات يعرف بـ «صفقة القرن»، نسف الاهوج ترامب كل ما قامت به الادارات الامريكية السابقة وكذلك ما قامت به ادارته خلال عام كامل، وما انفقه حلفاؤه في الدول الخليجية من اموال طائلة، بقراره الاخرق بالاعتراف بـ «القدس» عاصمة لـ (اسرائيل).
ترامب بهذا القرار اثار غضب الشارعين العربي والاسلامي، اللذان انتفضا تنديدا بالقرار، واخرج هذين الشارعين من حالة اللامبالاة ازاء القضية الفلسطينية وخاصة قضية القدس بسبب القصف الاعلامي الطائفي المكثف الذي تعرضا له منذ 7 سنوات، واحرج حلفاء امريكا من العرب، الذين وضعوا كل امكانياتهم من اجل تسويق «اسرائيل» ك «حمامة سلام» «مهددة»، شأنها شأن بعض الدول العربية من قبل ايران.
اليوم وبسبب سياسة ترامب الحمقاء، قفزت القضية الفلسطينية لتحتل مكانتها الطبيعية في صدر اولويات العرب والمسلمين، وتراجعت كذبة «الصراع السني الشيعي» وكذبة «ان ايران هي الخطر»، وكذبة ان «اسرائيل» هي صديقة العرب، وكذبة ان امريكا هي «راعية السلام»، وهي قضايا ما كانت لترى النور لولا حمق وغباء الارعن ترامب وبطانته.
بقلم / نجم الدين نجيب