طهران الجارة الأكثر أمانا لبغداد.. والعراقيون يثقون بإيران اكثر من امريكا
تناول المجلس الأطلسي، في أحد تقاريره الأخيرة، التأثير الإقليمي لإيران، ولا سيما تأثير الجمهورية الإسلاميّة على المعادلات السياسية والدولية للعراق حيث أثر هذا الدور على العديد من حلفاء واشنطن في غرب آسيا (الشرق الأوسط).
وقد كتب كينيث بولاك، الخبير المعروف في مركز الأبحاث التابع لمعهد المؤسسة الأمريكية تقريراً تحت عنوان “إيران في العراق”، تناول فيه دوافع وأدوات التاثير الايراني في العراق.
فبعد انتهاء تنظيم داعش في سوريا والعراق، وفشل المؤامرات السعودية في اليمن، فُرضت تكاليف باهظة على الولايات المتحدة دون أن تحقق واشنطن أهدافها في العراق، وهذه ليست سوى بعض الأمور التي تؤيد هذا الواقع. فالعراق له مكانة استراتيجية بالنسبة لايران، فما هي بحسب الكاتب؟
أهمية العراق بالنسبة لإيران
بدأ كينيث بولاك في تقريره قائلا: “منذ انسحاب القوات الأمريكية من العراق في عام 2011، أصبحت إيران القوة الأجنبية الأكثر تأثيرا في البلاد، وهذا ليس عرضياً. فالعراق ليس “دولة شرق أوسطية” فقط بالنسبة لإيران، وإنما جار حساس. فالدولتان لديهما حدود مشتركة على طول أكثر من 1400 كيلومتر، وتتشابك دولهما بشكل عميق، وتبلغ تجارتهما السنوية أكثر من 12 مليار دولار، وترسل إيران نحو 15 في المئة من صادراتها غير النفطية إلى العراق “.
واضاف “ان منطقة النجف هي اهم منطقة للشيعة في العالم، وبالنسبة للكثير من الشيعة..ويسافر ملايين الإيرانيين إلى مدينتي كربلاء والنجف المقدسة كل عام لزيارة الاماكن المقدسة”.
واضاف “يجب على الامريكيين أن يدركوا أن المعلومات التي لدينا حول تأثير ايران في العراق هي في افضل الاحوال غير مكتملة، مما يشكل نقاط قوة لايران وتخوف امريكي كبير في المنطقة.
أهداف إيران في العراق
وفي سياق متصل يصف المجلس الأطلسي أهداف إيران في العراق قائلا: “تشير الدلائل التاريخية إلى أن أفضل طريقة لفهم أهداف إيران في العراق هي منحهم تسلسل هرمي، لأن إيران، شأنها في ذلك شأن جميع البلدان الأخرى، ولها الأهداف التي تستحقها في العراق”.
وقال الكاتب: “ان ايران لا تريد الا ان يكون العراقيون حلفاء اقوياء لها وان لا يكونوا اعداء، ويفضل ان يكون لهم علاقات ودية مع طهران”. ولا شك في أن الجمهورية الإسلامية تبحث عن عراق لا يسيطر عليه مصالح القوى الأجنبية، ولا سيما مصالح القوى الأجنبية التي تهدد إيران: فعدو إيران رقم واحد هي امريكا و السعودية، و الجماعات الإرهابية المعادية للشيعة مثل داعش “.
ويتابع الخبير “بالاضافة الى ذلك فان ايران تريد عموما ان يبقى العراق بلدا موحدا بالرغم من ان هذا الاهتمام قد يرجع فقط الى ان تفكك العراق يمكن ان يصبح نموذجا خطيرا.
وعلى صعيد متصل يشير بولاك إلى عوامل عدة لتأثير إيران في العراق، يصفها بـ”أوراق لعبة” و”نقاط قوة إيران” ويوضحها على النحو التالي:
الزمان والمكان
تبدأ نقاط قوة ايران بالزمان والمكان. فالعراقيون الذين يعتمدون على إيران واثقون من أن الدعم الإيراني سيستمر كما أن الشعب العراقي يعلم أن وضع بلده مهما كان سيئا، قد يزداد سوءا غدا. وفي ظل هذه الظروف، قد يغادر الأمريكيون أو حلفاء عراقيون آخرون بغداد عندما ياتي الغد، في حين أن إيران ستكون دائما إلى جانب العراق.
ومن ناحية أخرى، فإن التقارب الجغرافي مهم أيضا. وستكون ايران دائما على مقربة من العراق ويمكنها الرد بسرعة على اي حادث اذا لزم الامر. وكثيرا ما تسارع طهران بطرق أكثر دقة وأكثر ثقافية لمساعدة العراق، لأنها جزء من نسيج غرب آسيا (الشرق الأوسط)، لا سيما في الحالات التي تكون فيها القوى الأجنبية مخطئة حتما.
التواصل الشخصي
ولا ننسى التواصل الشخصي من قبل الجمهورية الاسلامية مع قيادات الحشد الشعبي من ” فيلق بدر” و”عصائب اهل الحق” و”كتائب حزب الله” وغيرهم من مجموعات الحشد الشعبي وتقديم الدعم لهم بشتى أنواعه، فكل هذا اعطى قوة كبيرة لايران في الوسط العراقي.
التضامن الشيعي
وحول التضامن الشيعي يشير الكاتب الى ان الدين هو النقطة الأخيرة التي يمكن أن تلعبها إيران. في العصر الحديث، أصبحت إيران هي أقوى حكومة شيعية في العالم.
ويضيف الكاتب قائلا:” ان طهران لديها بعض الأمثلة المقنعة لإثبات دعمها للعراق. وعلى سبيل المثال، في يونيو / حزيران 2014، عندما استولى تنظيم داعش الإرهابي على أجزاء كبيرة من شمال غرب العراق، دعمت إيران العراق بالسلاح والمال كما ذهب قائد قوة القدس “الجنرال قاسم سليماني” لتعزيز قوات الدفاع العراقية(الحشد الشعبي) ووقف تقدم داعش”.
المصدر / الوقت