امريكا خلط الاوراق… الغايات والاهداف
ان المنطقة تعيش ظروف سيئة وأتون حروب حمقاء دون اسباب ولا اساس لها تقودها دول الجهل التي تنقط منها دم العمالة وبحجج واهية مدعومة من جهات عالمية تخطط لتغيير وجه المنطقة واللعب بمشاعرها حسب مصالحها لتعمل على إشعال الأزمات التي يصعب اطفائها وفوهات براكين لايمكن السيطرة عليها او اخمادها متى ما اشتعلت وابقائها بؤر نارية ملتهبة.
ولا شك تقف ورائها الولايات المتحدة الامريكية التي أعتمدت استراتيجية استقطاب قوية وشخصيات سياسية مأجورة وعميلة يمكن استخدامها في اي وقت، لتوظيفها في تغيير وضع الانظمة في بعض بلدان المنطقة باستخدام كافة الوسائل وبغض النظر عن شرعية تلك الوسيلة ام لا.. وبغض النظر عن مصالح تلك الدول وشعوبها. واهمها تبني سياسة التهديد بالقوة التي تساهم في تفجير الأمن الداخلي للعالم العربي والاسلامي وتشجيع وتأجيج المشاعر الطائفية وتوظيفها في خلق الفوضى. والحقيقة أن مصطلح الفوضى الخلاّقة وخلط الاوراق بين حين واخر التي تتهم واشنطن بها هي لتغطية فشلها الذريع في المنطقة لدرجة أن الفوضى التي لم تكن يوما ولن تكون بنّاءة في يوم ما، بأي شكل من الأشكال فهي دائما هدّامة، ولأنها تصب في مصلحة أمريكا فبذلك تكون بنّاءة بنظرها ولكن هدّامة للجميع.
وقد أمكنت الاعتماد على التنفيذ وفق برنامجها الأمني والسياسي في منطقة الشرق الأوسط والذي يشمل مجموعة من الأولويات الضرورية وبحجة القضاء على دكتاتورية السلطة والسير في طريق الإصلاح لنشر الديمقراطية والعمل على نقل القيم الحضارية الى الدول المتأخرة ( كما تدعي) وهو ما تسعى وتعمل للوصول إليها من خلال ملامح اهدافها الخبيثة التي تريد تحقيقها في ضوء المصالح الحيوية لها في هذه المنطقة لما تتمتع به من مميزات إستراتيجية مهمة لها، حيث تنبع كافة المصالح والأهداف الأمريكية من هدفها الرئيسي المتمثل بضمان وتأكيد الهيمنة على العالم ويتصل مباشرة بالتوجهات والمصالح الأميركية والإسرائيلية ولا تخمد إلا بإرادتها ومتى ما شاءت وقدرت وحسبت واتخذت شتى الاجراءات فيها، بما في ذلك استخدام القوة وإحداث التغيير المطلوب في المنطقة، وتحاول ان تفرض على الدول كيفية التصرف في مواردها الطبيعية، وتهدد بإنزال العقاب في حال رفضه لأن المرحلة التي تريدها أن تكون فوضى متصاعدة ومستدامة وتكريسها من خلال ما يتم فرضه من أساليب منتهكة كل المواثيق والأعراف الدولية والقيم والقواعد الشرعية الدولية والأخلاقية وغير مهتمة بالقوى والمنظمات الدولية وأن تخنق بسرعة أي محاولة حل لاخمادها بتوفير الأجواء المناسبة لإبقاء هذه الأزمات متأججة باستراتيجيات محسوبة تساعد على ادامتها. وما إن مسألة التلاعب أو التحكّم بورقة الأقليّات وحقوق الإنسان مسألة معروفة قديما في العرف السياسي الأمريكي الخارجي، وهو الأسلوب الذي يظهر الولايات المتّحدة بمظهر المدافع عن حقوق البشر وتوجّهاتهم في وقت تعاني هي أصلا فيه من عنصرية بغيضة تجاه الأقليات سواء العرقية أو القوميّة. على العموم الخطة الأمريكية الجديدة تقوم على استعمال ورقة الأقليات لزعزعة استقرار ووحدة الدول القائمة في الشرق الأوسط لاسيما أن لهذه الورقة قوّة كبيرة وقد تؤدي إلى مواجهات عنيفة تتفكك على إثرها الدولة إلى دويلات طائفية وعرقية أو تضعف الدول كثيرا في أحسن الأحوال، لأنّ الدولة في الشرق الأوسط بطبيعتها الحاليّة ومنذ انهيار الدولة العثمانيّة هي دولة قوميّة بالأساس وتضم عددا كبيرا ومتنوعا من الأعراف والطوائف والقوميات. والهدف الاساسي من هذا المشروع تبرير وجود إسرائيل وتوسيع رقعة المشاكل والنزاعات الإقليمية. ومن هنا كان لقرار الرئيس الامريكي دونالد ترامب الاعتراف بالقدس كعاصمة لإسرائيل من هذا الباب والذي جوبه برفض عارم «شعوبا وحكومات» في العالم والذي من المؤكد يضرب الأساس الذي تقوم عليه لقاءات التسوية بين الاطراف وعلامة استفهام كبرى حول التزام واشنطن بحل الدولتين كصيغة لهذه التسوية والتي نوه عنها في خطابه واعادها ترامب للاتفاق بين المتباحثين انفسهم، يعني الحقيقة القضاء على الدور الأمريكى كوسيط رغم عدم الموثوقية به للتسوية بين الفلسطينيين والقوة الغاشمة للإحتلال والقضاء على أية فرصة حقيقية لإحياء عملية سياسية ذات معنى بين الفلسطينيين والكيان الإسرائيلي المحتل وإثارة النزاعات الداخلية العرقيّة والقوميّة لإشغال العالم العربي والإسلامي وشعوب هذه الدول بالمشاكل الداخلية المستجدّة لديهم والمخاطر التي تتهدّد بلدانهم المعرضّة للتفتيت والتقسيم، وبمعنى آخر تقسيم المقسّم أصلا وتجزئة المجزأ وإعطائها اكثر بعداً حتى تصبح قضاياهم في آخر اهتماماتهم.
بقلم / عبدالخالق الفلاح