التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, نوفمبر 17, 2024

القمة الاسلامية الطارئة في اسطنبول .. العقبات والإمكانيات 

عقب الاعلان عن القرار المثير للجدل من قبل رئيس جمهورية الولايات المتحدة الامريكة بنقل سفارة واشنطن من تل ابيب الى القدس، كانت احدى ردود الأفعال الرئيسية للعالم الاسلامي هو عقد قمة اسلامية طارئة لمنظمة التعاون الاسلامي تلبية لدعوة من تركيا والتي عقُدت يوم الأربعاء 13 ديسمبر في هذا البلد، ليكون بإمكان زعماء العالم الإسلامي إتخاذ موقف موحد، بعد مناقشة الموضوع والخوض فيه فيما يتعلق بهذه الخطوة المُتَخَذة من قبل رئيس الولايات المتحدة.

وتكمن أهمية عقد هذه القمة في أن عدم وجود استراتيجية مشتركة في العالم الإسلامي في الوقت الحاضر الذي هو وقت حاسم لصنع القرار، يمكن أن يجلب عواقب لا تُحمد عُقباها للدول العربية والإسلامية، والتي بإمكان عواقبها ان تؤثر على جيوسياسية النظام الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط.

لذلك، في المرحلة الحالية، فإن استخدام إمكانيات منظمة التعاون الإسلامي مع نطاقها الواسع، يمكن أن يُقرّب مواقف الزعماء الإسلاميين أكثر، والذي سيؤدي بطبيعة الحال إلى إتخاذ موقف مشترك ضد هذا القرار غير الصائب.

الإمكانيات المُتاحة

تُعد منظمة التعاون الإسلامي ثاني أكبر منظمة دولية بعد الأمم المتحدة. وتجمع المؤسسة سبعة وخمسين دولة إسلامية بأكثر من 1.5 مليار شخص في نطاق يتعدى على أربع قارات. والدافع الرئيسي لعضوية الدول الإسلامية في منظمة المؤتمر الإسلامي، التي سميت بمنظمة التعاون الإسلامي في عام 2001، هو الهوية الدينية المشتركة للدول الاعضاء. في الواقع، في أواخر الستينات، ظهرت نظرية في المجتمعات الإسلامية، تنص على ان الانقسامات والتشتت هي السبب الرئيسي لضعف الدول الإسلامية، وخاصة ضد التهديدات الناشئة عن تأسيس الكيان الإسرائيلي. وبناء على ذلك، أنشئت منظمة المؤتمر الإسلامي في عام 1969 لأن الطريقة الأساسية للتخلص من الضعف والتشتت، هي الوحدة الإسلامية ونمو التضامن الإسلامي.

وبطبيعة الحال، ونظرا إلى وسعة والعدد الكبير لدول الاعضاء، فإن هناك مجموعة من الإمكانيات المُختلفة في هذه المنظمة، حيث انه في حال وجود إرادة حقيقية للدول الاعضاء من أجل لعب دور فعال وواقعي في القضية الفلسطينية، سوف تكون هذه الامكانيات قادرة على إحداث فرق حاسم في القضية الفلسطينية.

ما يخص الشأن العسكري

كما أشار الأمين العام لأنصار الله في اليمن في الأيام الماضية، فإن أحد الامور المهمة في هذا الشأن، هو تشكيل جيش إسلامي موحد لتحرير فلسطين. وعلى مدى العقود الماضية، رفضت تقريبا جميع البلدان الإسلامية والعربية، ما عدا ايران وسوريا، دعم وتسليح الفصائل الفلسطينية واللبنانية لمواجهة الاعتداءات الإسرائيلية.

وقد كانت بعض هذه البلدان أيضا تعاني من أزمات خلال تلك الفترة، وعلى الرغم من ذلك، فإن حرب حزب الله التي استمرت 33 يوما في عام 2006 وحرب غزة عام 2009 ضد الكيان الإسرائيلي قد أثبتت فعاليتها.

ما يخص الصعيد السياسي والثقافي

يمكن للدول الاسلامية ان تقطع علاقاتها الدبلوماسية مع الكيان الإسرائيلي والولايات المتحدة. ويمكنهم الضغط على الكيان والولايات المتحدة في المجتمعات الدولية أو استخدام أصواتهم في هذا الصدد.

ويمكن أن يكون للبلدان الإسلامية تأثيرات هائلة في هذا المجال من خلال الأنشطة الإعلامية. ويمكنهم أيضا أن يكشفوا عن طبيعة وأهداف واداء الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة – وخاصة الكيان الإسرائيلي – من حيث الوقائع والحقائق، بما في ذلك قمع الشعب الفلسطيني.

ما يخص الصعيد الاقتصادي

تتمتع الدول الإسلامية بقدرة لا مثيل لها في المجال الاقتصادي بما لديهم من موارد هائلة، ولا سيما النفط والغاز، اضافة لإمتلاكهم أكثر من 1.5 مليار نسمة، حيث أنه اذا كانت اجراءاتهم وخطواتهم متناسقة وموحدة، فلا توجد قوة لكسر إرادتهم. وحتى مقاطعة السلع الأمريكية والإسرائيلية فقط بإمكانها ان تُعرّض هذين النظامين لضربات موجعة وصعبة.

العقبات الرئيسية

على الرغم من أن منظمة التعاون الإسلامي لديها إمكانات كبيرة ومهمة للدفاع عن حق الفلسطينيين، لكنهم لعبوا دورا محايدا تقريبا على مدى العقود الماضية. ويمكن مناقشة أسباب ذلك في عدة أبعاد. ومما لا شك فيه أن دور السعودية الكبير في منظمة التعاون الإسلامي هو أحد الأسباب الرئيسية لعدم فعالية المنظمة، ووفقا لبعض المحللين فانها اصابت المنظمة بشلل كُلي.

لعبت السعودية دورا هاما في تشكيل منظمة التعاون الإسلامي، حيث اختيرت مدينة جدة في السعودية كمقر دائم للمنظمة ولكنها ايضا لعبت دورا محوريا لحرف المؤسسة عن غاياتها واهدافها. والسبب في ذلك هو مواءمة سياسات آل سعود مع أهداف الولايات المتحدة والكيان الإسرائيلي في المنطقة. حيث يوجد هناك تقارب واضح بين السياسة السعودية وبين مصالح الولايات المتحدة و”إسرائيل” في الأزمات الأخيرة للعالم الإسلامي، وهذا التقارب يتزايد بسرعة بعد مجيء الملك سلمان وولي العهد محمد بن سلمان الى السلطة.

كم ان للسعودية تأثير ونفوذ كبير في بعض الدول العربية الكبرى، بما في ذلك الإمارات والأردن والمغرب، وبصفة عامة، الأعضاء الصغار في جامعة الدول العربية في منظمة التعاون الإسلامي. وتعتمد هذه البلدان اعتمادا اقتصاديا كبيرا على المساعدات السعودية، ونتيجة لذلك، فلا تعترض بعض تلك الدول على سياسات الرياض في منظمة المؤتمر الإسلامي، خلافا لميولهم الداخلية.

لذلك، وعلى الرغم من أن جميع الدول الإسلامية تقريبا (وحتى غير الإسلامية) حضرت القمة الطارئة لمنظمة التعاون الإسلامي للدفاع عن القدس الشريف في اسطنبول بمستوى حكومي رفيع، فقد رفض زعماء وكبار المسؤولين من السعودية والإمارات والبحرين حضور القمة وأرسلوا بدلا عنهم بعثات على مستوى وزارء الخارجية إلى تركيا.

وإن هذه البلدان لا تدخر أي جهد في سبيل مصلحة الكيان الإسرائيلي، ولكن فيما يخص القضايا الهامة في العالم الإسلامي التي لها أهمية حيوية، بما في ذلك قضية فلسطين الأخيرة، فبالإضافة الى تعاطيهم البارد والسطحي مع القضية، فإنهم يحاولون بكل ما لديهم من مساعٍ، ان يصرفوا الأذهان عن مثل هكذا قضية مهمة تماشيا مع مصالح تل ابيب وواشنطن. ولهذا السبب، وبدلا من التركيز على قضية فلسطين، فإنهم يحاولون إظهار إيران على انها التهديد الأكبر في المنطقة لحرف البوصلة عن فلسطين.

هذا اللغز الذي يتم تصميمه وتهيئته من قبل بعض الشخصيات مثل بن سلمان وجاريد كوشنر وبن زايد وآخرين، هي محاولة منهم لتبديل قضية القدس من قضية رئيسية الى قضية هامشية. لذلك، وبجهود السعوديين، أصبحت مسألة الهوية، لها طابع سياسي بعد ان كان الطابع الديني هو العامل الرئيسي في تشكيل منظمة التعاون الإسلامي.

وهناك عامل آخر هو تدخل ونفوذ الولايات المتحدة بين بعض أعضاء منظمة التعاون الإسلامي. حيث ان بعض الدول الاعضاء تحتضن قواعد عسكرية أمريكية لغرض كسب الدعم المالي والأمني من ادارة واشنطن. وهذا العامل يجعل هذه الدول تنظر في مصالح الولايات المتحدة في المنظمات والمجاميع الإقليمية، مثل الجامعة العربية ومجلس التعاون، وفي المنظمات الدولية مثل منظمة التعاون الإسلامي، ويحرصون على ان لا يعملوا خارج اطار هذه المصالح.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق