“ثورة كردية على البارزاني”..هل من ربيع كردي على الابواب؟!
لا تزال تداعيات الاستفتاء الذي قام به رئيس إقليم العراق السابق مسعود البارزاني في 25 سبتمبر 2017 الماضي ترخي بظلالها على الأوضاع السياسية والأمنية والاقتصادية في الإقليم، وذلك بسبب الأخطاء التي ارتكبها البارزاني الذي قرر المضي باستفتاء الانفصال عن العراق منفرداً، ما اثار ردود فعل محلية وإقليمية ودولية ادت الى نتائج عكسية ذهب ضحيتها الشعب الكردي، وذلك بفرض القيود على الاقليم من قبل الدول المحيطة به واغلاق كل المنافذ البرية والجوية للاقليم ما جعل الاكراد ينتفضون في وجه سياسات البارزاني الخاطئة.
وتتواصل التظاهرات الكبيرة في الاقليم منذ صباح اليوم الاثنين حيث شهد الشارع الكردي تطورا خطيراً تمثل باحراق المتظاهرين لمقرات حزب البارزاني و الاحزاب الكردية الخمسة الأخرى في ناحية بيره مكرون، وذلك لاسباب عديدة سنذكرها فيما بعد.
الشارع الكردي ينتفض
و في مظاهرة كبيرة جابت شوارع مدينة السليمانية، اتهم ممثل المعلمين في كلمة له بالتظاهرة حكومة الإقليم بعدم الاهتمام بأوضاع المواطنين، مؤكدا فشلها في إدارة شئون الإقليم مشددا على ضرورة رحيلها.
وأكد ممثل المعلمين استمرار التظاهرات حتى يتم تحقيق المطالب المشروعة للمتظاهرين متهما المسئولين بسرقة أموال الشعب والتسلط على رقابه. وأطلق المحتجون شعارات تطالب رئيس الوزراء حيدر العبادي والبرلمان العراقي بالتدخل وسط دعوات لقوات البيشمركة العسكرية والاسايش الأمنية بالانضمام إلى المحتجين.
الا ان قوات البارزاني الامنية استهدفت المتظاهرين بالغاز المسيل للدموع الامر الذي ادى الى حدوث حالات اختناق في صفوفهم.
ولم تقتصر المظاهرات على مدينة السليمانية فقط بل شهد قضاء جمجمال مظاهرة كبيرة احرق خلالها المتظاهرون محطة وزن السيارات الثقيلة التابعة لمديرية مرور القضاء على الطريق الرابط بين السليمانية وكركوك.
اما في قضاء “طق طق” لم يختلف المشهد عن باقي المدن حيث أغلق المتظاهرون الطريق الرابط بين أربيل وكركوك بإشعال اطارات السيارات”، مؤكدين ان”التظاهرات ستستمر لحين ان تستجيب حكومة الاقليم لمطالبهم”.
كما وشهدت كل من حلبجة ورواندوز وكويسنجق وكلار وسيد صادق تظاهرات جماهيرية للمطالبة بتأمين الرواتب للموظفين وإصلاح النظام السياسي في الاقليم.
الاسباب التي اشعلت الشارع الكردي
ويربط محللون اكراد هذه الانتفاضة الكردية في وجه البارزاني الى سببين رئيسيين وهما على الشكل التالي:
1- يعاني إقليم كردستان العراق من أزمة مالية واقتصادية خانقة في السنوات الماضية وخصوصاً بعد قيام البارزاني باجراء الاستفتاء حول انفصال اقليم كردستان العراق عن العراق، حيث تعاني ميزانية الاقليم من عجز مزمن ناجم عن الفساد المالي لمسعود البارزاني وحزبه الذي امتص دماء الشعب الكردي، اضافة الى تراجع مستمر للإيراد العام نتيجة تباطؤ أسعار النفط واغلاق المنافذ البرية والجوية من قبل الدول المحيطة للاقليم بسبب اجراء الاستفتاء، مما ادى إلى تفاقم الديون فوصل حجمها إلى 22 مليار دولار.
2- خسر الشعب الكردي الكثير من الامتيازات التي كان قد حصل عليها خلال الاعوام الماضية بعد خطوة البارزاني الانفصالية الفاشلة، والتي ادت الى “خنق الاقليم وإنهاء حالة المركزية”، ومن بين هذه الامتيازات الحكم الذاتي الذي كان يتمتع به الاقليم في الملفات الأمنية والسياسية والتجارية وحتى تلك المتعلقة بعلاقاته مع العالم الخارجي بمعزل عن بغداد، اضافة الى إدارة حقول النفط الشمالية وغيرها من الامور.
هذه المكاسب التي كان يتمتع بها الاكراد قد تلاشت اليوم، وأخرى في طريقهم إلى فقدانها، إلا أن الأهم هو عودة شبح الحرب الأهلية والتناحر بين الأحزاب الكردية، خصوصاً بعد الذي حدث في كركوك واتهام الاحزاب الكردية لبعضها البعض بالخيانة مما عزز الشرخ القائم بين الحزب الديمقراطي وأغلب الأحزاب الكرديّة المستاءة من سطوة وهيمنة البارزاني وحزبه، اضافة الى ما يحدث اليوم في الاقليم من مظاهرات عارمة الى اضرام الحرائق في مكاتب حزب البارزاني بسبب ما وصفوه بـ “ممارسة الظلم من قبل الاحزاب على المواطنين”.
وفي السياق، كشف مسؤول كردي رفيع المستوى، اليوم الاثنين، بان اقليم كردستان العراق سيشهد ثورة عارمة بسبب سياسات حكومة اربيل الخاطئة.
وقال المصدر بأن “ثورة عارمة ستنطلق في كافة مناطق الاقليم بسبب سياسات حكومة اربيل الخاطئة”، لافتا الى ان “تلك الثورة قد تنطلق خلال الاسبوع الحالي وهناك انباء تحديدا يوم الاربعاء المقبل”.
واضاف، ان “استياء شعبيا من تصرفات الحزب الديمقراطي الكردستاني وحكومة اقليم كردستان وتغليب المصالح الشخصية والحزبية على مصالح شعب بأكمله”.
واكد، ان “الشعب الكردي غاضب ولن يتنازل عن حقوقه هذه المرة خاصة وان ابسط حقوقه الا وهي الرواتب لم تسدد منذ عدة اشهر”.
اذاً، بعيدا عن خطابات الشعارات المستعارة من ثوابت وحدة البلد أو من حق الشعوب في تقرير مصيرها، على ما يبدو ان الشعب الكردي قد ايقن خطورة ما قام به البارزاني و بدأ يتخوف من مستقبل سيصبح اقتم اذا ما استمر البارزاني وحزبه في السيطرة على مفاتيح القرار في الاقليم، وامام هذه الاضطرابات التي تضرب الاقليم يوما بعد يوم يبقى السؤال هل ستشهد الايام المقبلة بداية الربيع الكردي الحقيقي على “ابن الجبل البارزاني”؟
المصدر / الوقت