ترامب يعلن استراتيجية تفوّقت عليها إيران والمقاومة؟
وكالات – الرأي –
تراوحت التعليقات الأميركية على إعلان ترامب استراتيجيته للأمن القومي، بين مرحّب احتراماً لموقع الرئاسة الأميركية وبين متحفّظ معوّلاً على أهمية استراتيجية في الجزء الذي لم تفصح عنه الوثيقة.
*قاسم عزالدين
وفي خارج أميركا من الدول الغربية زاد إعلان ترامب الضبابية تشكيكاً في عدم كفاءة الإدارة الأميركية على إدراك الفرق بين الرغبة والقدرة على تحقيقها. فالمرحّبون باستراتيجية ترامب أبروزا فضائل واهية كعدد صفحات الوثيقة الذي تجاوز عدد صفحات وثيقة أوباما وغيره. أو فترة إنجازها بسنة واحدة وإلقائه بنفسه وغير ذلك من الشكليات المدرسية كما فنّدت “فورين بوليسي” الأسباب العشرة. وفي الحقيقة لم يجد المحابون المقرّبون من ترامب في مضمون الوثيقة أكثر من إطناب الوعود الانتخابية والسياسة التي اتبعها ترامب طيلة سنة، وهي التي وصفت بأنها غرائبية متهورة لم تؤدِ إلى أحلامه الوردية.
استغرق باراك أوباما في إعداد استراتيجية “التحوّل من الأطلسي إلى الهادىء” حوالي 5 سنوات من العمل الذي اشتركت به كل وكالات الأجهزة الاستخبارية والعسكرية والاقتصادية والجيوسياسية…. بناء على دراسات وورشات عمل لا تنضب في معظم المحاور التي تشي بقراءة التحوّلات العالمية ونقاط القوّة والضعف التي تواجهها أميركا. لكن على نقيض هذا المنحى الجدّي في البحث عن استراتيجية بلد ما، اعتمد ترامب على بنات أفكاره المتولّدة من سرديات ثقافة السوق الشعبوية وبناء على موهبة النجاح في التجارة والمال والأعمال. وكزعيم ملهم بين أترابه اجتهدت حفنة تقتصر كفاءتها على نيل رضى زعيمها في إعداد الوثيقة منهم ستيف بانون وسيباستيان توركا وستيفين مولر وغيرهم على خطى أحلامه. بينما يتحفظ جيمس ماتيس وريكس تيليرسون وماكماستر على بعض التخرّصات، فيما يميل ترامب في نهاية المطاف على هوى نصائح صهره جاريد كوشنير وصديقة العائلة نيكي هايلي.
في تدبيج ما يسميه ترامب وأترابه “وثيقة استراتيجية للأمن القومي”، تتأسس أوهام ترامب على إظهار القوة في حل النزاعات بحسب مخيال كوشنير كما أفصحت هايلي في مجلس الأمن لرفض مشروع القرار المصري الذي أيدته كل دول العالم. “لأن الضعف هو المسار المؤكد للنزاعات” بحسب تعبير الوثيقة. فهي تظن أن المزيد من الدعم الأميركي لإسرائيل وإظهار القوة الأميركية ضد الفلسطينيين والعرب يرغمهم على الإذعان. وهو ما يسعى إليه كوشنير وفريقه بالاستعانة ببعض الدول العربية في التطبيع والسلام مع “إسرائيل” لفرض أولوية العداء لإيران والمقاومة على الصراع مع “إسرائيل”. لكن في واقع الأمر ما يجري على أرض الواقع الذي ينطبق عليه “الضعف مسار مؤكد” لعدم حسم الصراع، هو مراهنة بعض الفلسطينيين وبعض العرب على الحل مع “إسرائيل” من دون تعزيز القوّة. وهو الأمر الذي وصفته الإسرائيلية “دانا فايس” كأن السفير الإسرائيلي في واشنطن “رون دريمر” هو الذي كتب هذا الجزء في استراتيجية ترامب.
إيران والمقاومة تنطلقان في النهج العملي وفي الإدراك التاريخي والمعتقد، أن الضعف هو إذعان للظلم وهدر الحقوق. وفي تعزيز القوة تتحقق الانتصارات والإنجازات التي تتوهم استراتيجية ترامب أنها تقضي عليها بإظهار القوّة اللفظية. بل هي تحلم بأن إظهار القوة الأميركية يوصلها إلى رؤية الشرق الأوسط ليس كملاذ أمن للإرهاب وغير خاضع لنفوذ أية قوّة معادية للولايات المتحدة بحسب الوثيقة التي تفرض الحفاظ على استقرار سوق الطاقة الدولية وفق تعبير ترامب.
في هذا السبيل يتوعّد ترامب بدعم وتقوية مجلس التعاون والعمل مع الشركاء لحرمان النظام الإيراني من كافة الإنجازات. وفي هذا الإطار يستعرض ما سماه إجراءات تصفية إيران في امتناعه عن تصديق الاتفاق النووي واتخاذ عقوبات على الحرس الثوري. وخلافاً لما يبشّر به ترامب في حل جميع الأزمات اعتماداً على إظهار القوة الافتراضية، تدعو إيران والمقاومة إلى حلول عادلة. ومن أجل العدالة تواجه إيران والمقاومة القوّة الأميركية والإسرائيلية الافتراضية التي تعتمد على التخويف، برفض الإذعان في تعزيز القوّة. فالهوّة بين ترامب و”إسرائيل” من جهة وبين إيران والمقاومة في الجهة المقابلة هي الهوّة في موازين القوى بين الواقع والعالم الافتراضي. انتهى
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق