المعارضة السورية تقود جنيف إلى الهاوية.. و(PYD) عميل برتبة معارض
ستُّ سنواتٍ مرّت على انعقاد أول مؤتمرات جنيف؛ غير أنّ جولةً بعد أخرى يثبت المؤتمر فشله؛ ودون أن ينتج عنه أيَّ حلٍ يخلّص السوريين من مرارة الحرب التي تعصف ببلادهم، أو أن تكون نتائجه سبباً بعودة ملايين السوريين الذين شرّدتهم الحرب في بقاع الدنيا، ورغم كلّ الأهوال التي ضربت السوريين الذين استهلكت الحرب أرواحهم، ما تزال المعارضة السوريّة تضع شروطاً “تعجيزية” مسبقةً تؤدي لإفشال أي مفاوضات مع الحكومة السورية، ناهيك عن إرتهانها الكامل للأجندات الخارجية البعيد عن مصالح السوريين.
تجارة الموت
“تجارة الموت” ربما أفضل العبارات التي توصف الحالة التي وصل لها حزب الإتحاد الديمقراطي الكردي، وهو المرتبطة وجودياً بأمريكا، خصوصاً بعد ارتهانه وبشكلٍ كامل لأجندات وزارتي الخارجيّة والدفاع الأمريكية، غير آبهٍ بكميّة الموت والدمار الذي شهدته سوريا خلال الحرب التي تعصف بالبلاد.
ويرى مراقبون أنّ حزب الإتحاد الديمقراطي الكردي والذي يتبع منظمة (حزب العمال الكردستاني) المُصنف دولياً كحزب “إرهابي” يُعدُّ أحد أكبر العوائق في طريق التسوية السورية، حيث أنّه وبتوجيهٍ من المخابرات الأمريكية يحاول توسيع رقعة وجوده على الأراضي السورية، وفي هذا السياق يؤكد الرئيس السوري بشار الأسد أنّ المقاتلين الأكراد أنّهم “خونة” وذلك لخضوعهم الكامل لأميركا، ويرى المراقبون أنّ محاولات الحزب الإنفصالي الكردي ستعود وبالاً عليه، خاصةً بعد اقتراب إعلان النصر النهائي على جيوب داعش المتبقية على نهر الفرات.
ويذهب آخرون إلى أنّ أمريكا وبسبب مصالحها في سوريا؛ تتناسى الجرائم التي يرتكبها الـ (PYD) يومياً بحق السوريين الذي يعيشون تحت سيطرة قواته، إذ يُجبر الحزب السوريين هناك وبغض النظر عن إنتمائهم القومي على (عرب- أكراد-آشوريين) على الإلتحاق بقواته والقتال تحت راياته، ناهيك عن تجنيد الأطفال والفتيات، كما أنّه أنشئ سجوناً خاصة به لإعتقال السوريين المناوئين لسلطته.
أمريكا.. عقدة المنشار
وتسعى أمريكا ومن خلال سلطتها على الحزب المذكور من زيادة تواجدها على الأراضي السورية، من خلال إنشاء المزيد من القواعد العسكرية، أما حجتها في ذلك فهي محاربة الإرهاب، كما أنّ واشنطن لا تستعجل إنهاء الحرب السورية والدخول في مفاوضات جديّة؛ إذا أنّ الوضع الحالي هو المناسب لإبقاء القواعد العسكرية الأمريكية على الأراضي السورية، غير أنّه وبعد انحسار الخطر الإرهابي فإن القوات الأمريكية باتت معرضةً وأكثر من أيِّ وقت مضى لهجمات من قبل مقاتلين سوريين يرفضون وجودها على أراضيهم.
وفي السياق ذاته يذهب مراقبون إلى أنّ مشاركة حزب الـ (PYD) في مفاوضات السلام السورية، وفي حال قبول تركيا بذلك –وهو مستبعد- فإنّ الحزب وبسبب نزعته الإنفصالية والتقسيمية والقومية مرفوضٌ ليس فقط من الشعب السوري أو الحكومة السورية، إنما مرفوضٌ أيضاً من بقيّة المعارضات، حيث يرى فيه الجميع حزباً انفصالياً.
أما أمريكا التي تدعم الحزب، فإنها تقوم ومن تحت الطاولة بتشجيعه على شن المزيد من الهجمات ضد القوات السورية وقوات المعارضة، وذلك لإبقاء الوضع السوري في حالة من التوتر، إذ تسمح هذه الحالة لأمريكا بإبقاء تواجدها العسكري في سوريا، ولعلّ أكبر الشواهد على ذلك أنّ عناصر تنظيم داعش الإرهابي اتخذوا من أماكن سيطرة القوات التي ترعاها الولايات المتحدة طريقاً للهرب بعد هزائمهم أمام الجيش السوري.
ولا يستبعد مراقبون وبعد القضاء على تنظيم داعش وبهدف سحب هذه الورقة من يد أمريكا أن تقوم قوات الجيش السوري والقوات المتحالفة معه من جهة والقوات التركية من جهةٍ أخرى بشنِّ حملات عسكرية كبيرة ضد مواقع الحزب تعود به إلى جبال قنديل التي أتى منها مُعضم مقاتليه.
سبعٌ عجاف
سبعٌ عجاف تلك التي عاش خلالها السوريين أهوال الحرب والدمار والتشرد، لم تُثنِ ما تبقى من المعارضة ولا سميا تلك التي تعتاش على قرارات الرياض، فبعد اجتماعين (الرياض 1 و2) لم تخرج المعارضة من السُبات الذي تعيش فيه بأيِّ قرارات جديدة سوى تلك التي اعتادوا على اجترارها لا سيما ضرورة تنحي الرئيس السوري قبل بداية المرحلة الإنتقالية.
مراقبون للوضع السوري أكدوا أنّ المعارضة السورية لاتستطيع إلا وضعَ شروطٍ مسبقة لأيِّ حوارٍ مع الحكومة السورية، حيث أنّها -المعارضة- لا تملك من أمرها شيئاً غير السمع والطاعة، إذ تتولى إدارة المخابرات السعودية، وبالتنسيق مع وكالة المخابرات الأمريكية (سي أي إي) بوضع أولويات المعارضة و”لائاتها”، فيما تقوم المعارضة السورية بترديد أيّة مقولاتٍ تُملى عليهم من قبل تلك الدوائر.
وما فشل جميع جولات المفاوضات إلّا تعبيراً عن الحال السيء الذي وصلته إليه المعارضة السورية، إذ تتناسى وفي كل جولة أنّها باتت عسكرياً مهزومة، وهي لا تستطيع أن تُفاوض من موقع القوي أو المنتصر، غير أن الحكومة ورغم انتصاراتها في العامين الأخيرين ما تزال مُصرّة على الدخول في مفاوضات سياسيّة لإنهاء الأزمة السورية من جذورها.
يُشار إلى أنّ أول جولات مفاوضات جنيف عُقدت في الثلاثين من يونيو من العام 2012، أما الثانية فقد عُقدت في العاشر من فبراير من العام 2014، فيما شهد الأول من فبراير من العام 2016 الجولة الثالثة من تلك المفاوضات وبعد قرابة العام -23 فبراير- 2017 عُقدت الجولة الرابعة، وبعد شهرين -23 مارس- من العام ذاته عقدت الجولة الخامسة، فيما عقدت الجولة السادسة في السادس عشر من شهر مايو من العام ذاته، أما الجولة السابعة وقبل الأخيرة فقد عُقدت في العاشر من يوليو من العام ذاته، والجولة الثامنة والأخيرة عُقدت في الثامن والعشرين من شهر نوفمبر الماضي، غير أنّ كل تلك الجولات والمفاوضات لم تفلح بالوصول إلى حلٍّ للزمة السورية، إذ يُشكل تعنّت المعارضة السورية وتنفيذها للأجندات الأجنبية العامل الأساسي في ذلك الفشل.
المصدر / الوقت