التحديث الاخير بتاريخ|الثلاثاء, نوفمبر 19, 2024

محور المقاومة وعام الحصاد 

كان العام المنصرم 2017 حاسما في النتائج التي حملها لمحور المقاومة ولبلدان الشرق العربي في وجه الغزوة الاستعمارية الصهيونية الرجعية التي انطلقت قبل سنوات وحركت معها حروبا مدمرة وحرائق كبرى في عدد من البلدان العربية كانت غايتها الحاسمة تعويض الخسائرالتي لحقت بالكيان الصهيوني والغرب الاستعماري استراتيجيا منذ انتصار محور المقاومة في حرب تموز 2006 وبعد مأزق الاحتلال الأميركي في العراق وهزائم العدو وفشله المدوي في غزة.

القلعة الكبرى في هذا المشهد المتحول نوعيا هي سورية التي قام على صمودها بنيان عظيم من الملاحم التي خاضتها الدولة والشعب والجيش بقيادة الرئيس بشار الأسد وبشراكة ترسخت وتعمقت مع كل من إيران وروسيا والصين وحزب الله وقوى وفصائل شعبية مقاومة من العراق الشقيق.
خطط الاستعماريون الأميركيون وقادو خلفهم دول الغرب والحكومات الإقليمية التابعة والكيان الصهيوني إلى حرب بالوكالة تجتاح المنطقة فتعبر الحدود وتجتاح الكيانات وتدمرها بواسطة شبكات تنظيم الأخوان والقاعدة وداعش لتتجاوز عشرين عاما من طوفان طواحين الدم والخراب الشامل.
كان مقدرا لتلك العملية ان تؤمن ظرفا مواتيا للشروع في ظلها بعملية تصفية قضية فلسطين وفرض الكيان الصهيوني كقوة مركزية مهيمنة على البلاد العربية خصوصا لو نجحت خطة تدمير سورية والعراق وعزل إيران وتصفية حزب الله الذي قيل يوما إن داعش انتجت لتكون قادرة على التخلص منه.
العام المنصرم كان فاصلا في تعثر هذا المخطط وفشله بفضل نهضة الشعوب وقواها الحية وبفعل وجود قادة كبار وقوى حرة جديرة وكتل مقاومة صلبة وحازمة في سورية ولبنان والعراق وإيران وروسيا والصين تحركت لصد المخاطر الوجودية واستطاعت صناعة التحول التاريخي النوعي وهزمت الفصل الأخطر من خطة التدمير الأميركية الصهيونية.
بدعم كبير من الحليف الروسي وبمشاركة صينية هادئة ومع انخراط إيراني هجومي استطاعت بلدان المنطقة وقواها الحية وجيوشها وفصائلها المقاومة ان تقضي على داعش والقاعدة وتهديدها والصورة انقلبت انطلاقا من ملحمة الصمود السورية التي كلفت تضحيات هائلة لكنها عكست اتجاه الأحداث وأسست عمليا لنواة الحلف الشرقي الذي اشترك في القتال وفي العمل معا لتوفير مستلزمات الصمود العظيم الذي يغير وجه العالم .
روسيا والصين وإيران مثلث القوة الشرقية الصاعدة ينطلق من سورية ومعها ويبدل في التوازن العالمي عسكريا وسياسيا واقتصاديا ويتكفل بفضح الأكاذيب الأميركية الصهيونية عن الحرية والعدالة والأمن العالمي وهذه القوة ستظهر من سورية بوصفها القدرة البناءة الهائلة لشعوب الشرق وحضارات الشرق العملاقة.
العام الجديد المقبل 2018 سيكون عام الحصاد لمحور المقاومة فسيشهد خاتمة العدوان على سورية ونهوض الدولة الوطنية وانطلاق مسيرة إعادة البناء بعد طرد القوات الأميركية الغازية وإجبارها على الرحيل وبالتخلص من العدوان التركي وبطرد ثعالب أردوغان الذين يشتهون حصرم الكروم السورية وبعد وضع حد حاسم ورادع للعربدة الصهيونية التي افتضح دعمها للقاعدة وداعش ولشبكات الإرهاب التكفيري الأخواني بالتنسيق مع الأردن وتركيا وقطر والسعودية تحت الإشراف الأميركي.
2018 مفتوح من اوله على التغييرات الكبرى الهادرة في سماء الشرق وحيث تواجه انتفاضة فلسطين خيارا واحدا هو التقدم في طريق الكفاح ضد الاحتلال الصهيوني على خلاف ما جرى في الانتفاضتين الأولى والثانية اللتين تم احتواء نتائجهما بمساومات مع الكيان الصهيوني فقادت الانتفاضة الأولى إلى اتفاق اوسلو الصريع الذي كرس الاعتراف بالكيان الغاصب والتنسيق معه وأثمرت الانتفاضة الثانية هروب الاحتلال الصهيوني من قطاع غزة الذي ما يزال تحت الحصار والعدوان.
المرة سيبقى المخاض مفتوحا ومهما فعلت الرجعية العربية لإنقاذ الدولة العبرية من خطر الانتفاضة ومن نتائج تطور المقاومة الشعبية المسلحة وتجذرها فإن اجيالا فلسطينية جديدة مدججة بالوعي وبثقافة المقاومة والقدرة على الابتكار تتحفز لحمل الراية ونواتها هم رفيقات ورفاق الشهيد باسل الأعرج والأسيرة المناضلة وعد التميمي وحيث يمثل انتصار سورية وصعود قوى الشرق الجديد ومحور المقاومة في المنطقة سندا يمكن الاعتماد عليه في هذه المعركة المصيرية.
مشهد النهوض العربي المقاوم ضد الهيمنة الاستعمارية الصهيونية الرجعية يكتمل بثبات شعب اليمن الجريح النازف حيث يزداد مأزق حلف العدوان الأميركي السعودي الذي استهلك محاولاته ومناوراته للتحايل على هزيمة محتومة امام شعب عنيد يقاتل بلحمه الحي وبإرادة مذهلة وتصميم لا يلين رغم المجازر والحصار والتجويع الذي باتت معه الحرب القذرة عملية إبادة منظمة باعتراف معظم دول العالم.
لبنان الذي شاركت المقاومة منه وفيه وعبره في ملحمة نهوض الشرق وقدمت تضحيات هائلة يشهد مع العام الجديد اول انتخابات نيابية على أساس القانون النسبي وهو يواجه تحديات كبرى سياسية واقتصادية لن يستطيع التصدي لها ما لم يحسم خياره كشريك في محور الشرق المنبثق من سورية وهذا يتطلب إسقاط القيود التي استرهنت قراره السياسي السيادي للشروط الأميركية الفرنسية السعودية بعد احتجاز رئيس الحكومة في الرياض وهي المعركة المقبلة التي ستفرض نفسها على اللبنانيين شعبا وجهات سياسية مهما كان حجم محاولات التهرب من استحقاقها فمصالح لبنان الفعلية هي مع القوى الناهضة وما ينتقص من سيادته وقراره ويعيق تقدمه وازدهاره هو قيود وضغوط تفرضها القوى الآفلة المأزومة والمهزومة الشريكة للصهاينة ولخططهم الدموية وأطماعهم التاريخية.
بقلم / غالب قنديل

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق