مرحلة مختلفة يدخلها الميدان السوري !
بعد تحرير قطاع بيت جن والتلول الحمر من المؤكّد أن استكمال العمليات سينطلق من اتجاهين، الأول وهو اتجاه عمليات مزدوج من جنوب حضر باتجاه طرنجة وجباثا الخشب، بموازاة اتجاه ينطلق من مدينة البعث نحو الحمدانية والصمدانية الغربية سيُستكمل باتجاه القنيطرة والقحطانية وهي مناطق سيطرة لجبهة النصرة.
دخل الميدان السوري منذ شهرين مرحلة مختلفة، فبموازاة عمليات القضاء على تنظيم داعش الإرهابي انطلقت منذ حوالي الشهرين عمليات تمهيدية بمواجهة جبهة النصرة في جبهتي ريف حماه الشمالي الشرقي وريف إدلب الجنوبي الشرقي وكذلك في نطاق جبهة بيت جن.
اختلف هدف العمليات بين جبهة وأخرى لجهة التفاصيل الميدانية، ولكنها تعكس رغبة سورية – روسية في القضاء على جبهة النصرة وهو ما جاء صراحة على لسان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف والعديد من المسؤولين الروس إضافة إلى تصريحات عديدة للمسؤولين السوريين.
خلال الأسبوعين الفائتين شهدت الجبهات المذكورة أعلاه تسارعاً في وتيرة العمليات أدّت إلى إنهاء تواجد الجماعات الإرهابية في قطاع بيت جن، وأعادت وحدات الجيش السوري الوضع في هذا القطاع إلى ما كان عليه قبل سيطرة الجماعات الإرهابية عليه، إضافة إلى عودة قواعد الاشتباك مع العدو الصهيوني للصيغة السابقة منذ تحديد خط الإشتباك سنة 1974 على جبهة عرضها حوالى 24 كلم تمتد من قلعة جندل عند سفوح جبل الشيخ وتصل حتى شمال جباثا الخشب بعمق يصل حتى دمشق وما بعدها، وهو أمر حسّن من شروط تموضع الجيش السوري بمواجهة العدو الصهيوني والجماعات الإرهابية.
بعد تحرير قطاع بيت جن والتلول الحمر من المؤكّد أن استكمال العمليات سينطلق من اتجاهين، الأول وهو اتجاه عمليات مزدوج من جنوب حضر باتجاه طرنجة وجباثا الخشب، بموازاة اتجاه ينطلق من مدينة البعث نحو الحمدانية والصمدانية الغربية سيُستكمل باتجاه القنيطرة والقحطانية وهي مناطق سيطرة لجبهة النصرة.
الإتجاه الثاني سيكون من مثلث ربط المحافظات الثلاث ريف دمشق والقنيطرة ودرعا، قاعدة ارتكازه الأساسية في دير العدس ويستهدف تحرير كفر ناسج وكفر شمس جنوباً وصولاً حتى تل الحارة مروراً بتل المال الذي قد تُستكمل العمليات منه نحو مسحرة غرباً ونبع الصخر جنوب غرب، وهو أمر يرجّح إطلاق اتجاه هجوم مواز من الصنمين باتجاه زمرين غرباً، وتثبيت نقاط ارتكاز لعمليات لاحقة لإستكمال عمليات الجنوب السوري في حال فشل اتفاقية مناطق خفض التصعيد المعمول بها حالياً.
على جبهتي ريف حماه الشرقي الشمالي وريف إدلب الجنوبي الشرقي تسير العمليات ضمن وتيرة منتظمة تعتمد على الإشباع الناري والتقدّم ببطء إلى القرى بطريقة القضم وهو ما أسفر عن تحرير 68 قرية حتى اللحظة في الجبهتين.
من جهة أخرى لا يبدو أن جبهة غرب خناصر وجبهة ريف حلب الجنوبي تشهد أية عمليات وهو ما يتعارض مع التحليلات التي تقول إن هدف العمليات الحالية في الجبهتين هو الوصول إلى مطار أبو الضهور من جبهة غرب خناصر، فمن جهة غرب خناصر توقّفت عمليات الجيش السوري بتثبيت خط تموضع من رسم السيالة شمال غرب حتى أبو غار جنوب غرب، بمواجهة الرملة شمالاً والرهجان جنوباً بسبب التضاريس المعقّدة للأرض، ما يعني أن الجيش السوري إذا ما قرّر التقدّم إلى مطار أبو الضهور سيسلك اتجاه تقدّم أسهل من الريف الجنوبي لحلب في مناطق تموضعه الحالية في كفرحداد وأبو رويل وخربة الزواري، حيث تبعد القوات في هذه النقاط عن مطار أبو الضهور حوالي 20 كلم بموازاة استكمال العمليات التي تجري حالياً في ريف إدلب الجنوبي الشرقي، حيث من المتوقّع أن تتقدّم القوات إلى سنجار شمال المشيرفة وشمال شرق خوين الكبير من منطقة أم صهريج باتجاه سنجار التي تبعد عن مطار أبو الضهور حوالى 16 كلم، وبهذا يمكن أن تنطلق العمليات بالتوازي نحو مطار أبو الضهور لتحقيق هدفين:
تحرير مطار أبو الضهور وتحويله إلى قاعدة انطلاق للطوّافات الهجومية في المرحلة الأولى ومن ثم إعادة تشغيله للطيران الحربي في المرحلة اللاحقة.
وضع الجماعات الإرهابية التي تنتشر من جبل الحص جنوب حلب حتى الرهجان وأبو خاف شمال السعن داخل الطوق بمساحة تقارب 3500 كيلومتر مربع.
في اتجاه آخر بات باستطاعة الجيش السوري استكمال عملياته في اتجاه التمانعة والإطباق عليها من اتجاه خوين الكبير شمالاً وعطشان جنوباً، من خلال سكيك التي من المؤكّد أنها باتت هدفاً سهلاً للجيش السوري بالنظر إلى طبيعة العمليات.
الوصول إلى التمانعة سيمكّن القوات المتقدمة من تثبيت نقطة ارتكاز يمكن إطلاق العمليات منها باتجاه خان شيخون غرباً وباتجاه الهبيط تالياً، وهو يتطلّب إطلاق عملية موازية من كرناز نحو كفرنبودة غرب الهبيط وهي عملية قد تكون بعيدة برأي البعض، لكنني بالاستناد إلى أنماط عمليات الجيش السوري خلال السنة الفائتة والقائمة على نمط التطويق والإطباق أعتقد أن العمليات ستسير بهذا الشكل.
وإذا ما سارت العمليات بهذا الشكل فسنكون أمام تطويق كامل لريف حماه الشمالي إضافة إلى اعتماد خان شيخون كنقطة انطلاق في ما بعد للتقدّم شمالاً نحو معرّة النعمان وسراقب التي من المؤكّد أن قوات أخرى ستتقدّم إليها من الريف الغربي الجنوبي لحلب بعد عمليات خاطفة للسيطرة على الإيكاردا الواقعة على أوتوستراد حلب إدلب، وهو أيضاً يضع الجماعات الإرهابية داخل طوق آخر من جنوب حلب شمالاً وغرب أبو الضهور وشرق أوتوستراد حلب إدلب.
هذه العمليات قد تبدو حالمة عند البعض لكنها بحكم الناجزة برأيي، نظراً لما بات الجيش السوري يمتلكه من العديد البشري والمرونة الحالية في استخدام عنصريّ الحركة والنار، وهي عوامل ارتبطت بالنصر على داعش، حيث وفّرت للجيش احتياطياً كبيراً في القوى والوسائط، لتبقى الأمور بانتظار معركة كبرى أو تسوية تنهي وضع إدلب ومعها الجنوب السوري حيث أشرنا في بداية المقالة.
بقلم / عمر معربوني