فلسطين في مواجهة الأصيل “الأمريكي” والوكيل “العربي”، فهل من منقذ؟!
أغلق خلفه الباب عائداً إلى أرضه التي لا يقبل بأن يساومه أحد عليها كما لا يقبل تجاهل قضية بلاده التي دفع عليها هو ورفاقه وأبناء بلده دماء قلوبهم لتبقى حية تنبض بالحياة والثورة على المغتصب، هذا هو حال وزير الخارجية الفلسطيني “رياض المالكي” الذي غادر اجتماع وزراء الخارجية العرب الذي عقد في عمان ، السبت الماضي، غاضبا، بعد أن خذله إخوانه العرب في عمان رافضين دعوته لقطع العلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية، حتى أن الدعوة لم تلق أي تجاوب بين الأعضاء، وهو ذات السبب الذي دفعه للتغيب عن المؤتمر الصحفي.
الاجتماع الذي استضافته عمان السبت الماضي ضم ” وزراء خارجية السعودية ومصر والأردن والإمارات وفلسطين والمغرب بالإضافة إلى الأمين العام للجامعة العربية”، وحاولت عمان جاهدةً أن تقدم يد العون للفلسلطينيين منذ إعلان الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب نقل السفارة إلى القدس الشهر الماضي وتحركت في جميع الاتجاهات وجميعنا يذكر كيف تعرضت هي نفسها للضغوط من قبل السعودية ودول أخرى لحثها على عدم المشاركة في مؤتمر القمة الاسلامية التي عقدت في تركيا على خلفية قرار ترامب، واليوم تسعى الأردن من جديد لتوحيد الصف العربي لمواجهة قرار ترامب الأخير حول القدس من خلال دعوتهم لعقد قمة عربية طارئة تخصص لملف القدس، وحاولت الأردن الضغط في هذا الاتجاه السبت الماضي لكن وبحسب قناة الجزيرة القطرية فقد تحفظت السعودية ومصر على دعوة الأردن لعقد القمة الطارئة، حيث بررت السعودية موقفها بأن قمة عربية عادية ستعقد في الرياض في آذار المقبل ، لذلك فهي لا ترى داعيا لقمة عربية طارئة لبحث قضية القدس.
صفقة تاريخية
الصمت العربي على مستوى الحكومات والقيادات إزاء موضوع القدس والاكتفاء بالتنديد أو الاستنكار ومن ثم إعجاب ترامب بهذا التنديد “المنضبط” يدفعنا للتساؤل عما يجري في الكواليس ولماذا كل هذا الالتفاف على القضية الفلسطينية وتهميشها وإخماد أي صوت ينادي بالحق الفلسطيني حتى لو كان محمود عباس نفسه، وما دور مصر والسعودية في ذلك؟!
نبدأ من العبقري والمتزن جدا “ترامب” كما يحب أن يصف نفسه، والذي مارس ضغوطا كبيرة على الفلسطينيين وعلى كل من يدافع عنهم، وترجم هذا الأمر ذلك عندما هدد بقطع المعونات المالية للفلسطينيين متهماً إياهم بأنهم لم يقدروا هذه المساعدات، ونفس الأمر فعله مع الدول التي صوتت على قرار يندد بتحركات ترامب وقراره حول القدس في الجمعية العامة للأمم المتحدة مهددا اياها بقطع التمويل عنها إن لم تصوت لصالح قراره.
السعودية ومصر
يوما ما كتب مؤسس المملكة السعودية الملك عبد العزيز بن سعود إلى الرئيس الأمريكي السابق روزفلت رسالة جاء فيها: ” ليس لليهود حق في فلسطين، وإن مطالبتهم بها هي ظلم لم تعرف البشرية له مثيلًا”، ولكن ماذا حدث اليوم ولماذا انقلاب الأحفاد على سياسة جدهم المؤسس وبدلا من محاربة اسرائيل والوقوف في وجهها يسعون اليوم للتطبيع معها وبناء جسور صداقة ولو على حساب القضية الفلسطينية التي أصبحوا يدافعون عنها في الإعلام فقط وعلى المنابر دون تقديم أي شيء يذكر للقضية التي دافع عنا أجدادهم عشرات السنينن.
وما يؤكد هذا الكلام أن قرار ترامب لم يخرج للعلن دون تنسيق مسبق مع كل من مصر والسعودية لضبط الشارع العربي من جهة واحتواء ردة الفعل الفلسطينية من جهة أخرى بعد الإعلان عن قرار نقل العاصمة إلى القدس، هذا الكلام صرح به وزير الاستخبارات والمواصلات لدى دولة الاحتلال يسرائيل كاتس، في مقابلة أجرتها معه القناة العاشرة الإسرائيلية.
وحاولت مصر ضبط الشارع المصري من خلال توجيه رسائل خفية للقنوات الإعلامية تحضها فيها على اقناع المشاهدين بقبول قرار ترامب، هذا الأمر كشفته صحيفة نيويورك تايمز بعد حصولها على ثلاث ملفات صوتية يتحدث فيها ضابط كبير في المخابرات المصرية مع عدة إعلاميين مصريين ومقدمي برامج قائلا لهم: “مثلنا مثل الأشقاء العرب، سوف تندد مصر على الملأ بالقرار “. ولكن الضابط المذكور والذي يشغل منصب مدير المخابرات المصرية، أضاف أن النزاع مع إسرائيل لا يخدم المصالح القومية المصرية. وأخبر مقدمي البرامج إنه بدلا من التنديد بالقرار، سيعملون على إقناع المشاهدين بقبوله، مقترحا أن على الفلسطينيين أن يقنعوا بالبلدة الميتة في الضفة الغربية، التي تتخذ السلطة منها مقرا لها، أي مدينة رام الله.
في الختام؛ فلسطين شعرت بأن هناك طبخة تحضر لعقد صفقة تاريخية كان ألمح إليها ترامب وولي العهد السعودي، محمد بن سلمان عدة مرات وهي ما اصطلح على تسميتها”صفقة القرن”، واعتبر الاعتراف بالقدس الجزء الأصعب فيها، وفي حال تم تمريره سيصبح الوضع معقد جدا جدا بالنسبة للفلسطينيين، خاصة أنهم بدأوا يُحاصرون من الصديق قبل العدو، فهل سيكون من منقذ لقضيتهم في الأيام القادمة أم أن ما يخطط له في مطابخ أمريكا والسعودية ومصر سينفذ خلال النصف الأول من العام القادم 2018 ؟!
المصدر / الوقت