جدل حول قرارات “المركزي”: ردود الأفعال وأبرز ما جاء فيه
الوقت- خرج المجلس المركزي الفلسطيني في ختام دورته الـ28 التي عقدت يومي 14 و15 كانون الثاني 2018 بمقر الرئاسة الفلسطينية في رام الله بقرارات عديدة، أبرزها تعليق الاعتراف بإسرائيل إلى حين اعترافها بدولة فلسطين، ووقف التنسيق الأمني مع الاحتلال، في وقت تفاوتت فيه ردود الأفعال الفلسطينية حوله، فكانت الفصائل بين متحفّظة على بيانه، ومنتظرة لتنفيذ بنوده، فالقضية لم تعد تحمل شعارات ولا قرارات على ورق. فماذا جاء في البيان؟ وكيف كانت النظرة الفلسطينية إليه؟
بمشاركة نحو تسعين عضوا من أعضاء المجلس البالغ عددهم نحو ١١٠ وسط مقاطعة من حركتي المقاومة الإسلامية حماس والجهاد الإسلامي ومسؤولين في فتح، أصدر المجلس المركزي الفلسطيني بيانا أبرز ما جاء فيه:
– تكليف اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية بتعليق الاعتراف بإسرائيل إلى حين اعترافها بدولة فلسطين على حدود عام 1967.
– إعتبار الفترة الإنتقالية التي نصت عليها الاتفاقيات الموقعة في أوسلو والقاهرة وواشنطن بما انطوت عليه من التزامات غير قائمة.
– وقف التنسيق الأمني مع الإحتلال بكافة أشكاله، والانفكاك من علاقة التبعية الاقتصادية التي كرسها اتفاق باريس الاقتصادي، وذلك لتحقيق استقلال الاقتصاد الوطني، والطلب من اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير ومؤسسات دولة فلسطين البدء في تنفيذ ذلك.
– تبني حركة مقاطعة إسرائيل، ودعوة دول العالم إلى فرض العقوبات عليها لردع انتهاكاتها الصارخة للقانون الدولي، ولجم عدوانها المستمر على الشعب الفلسطيني ونظام الأبارتايد الذي تفرضه عليه.
– استمرار العمل مع جميع دول العالم لمقاطعة المستوطنات الإسرائيلية في المجالات كافة، والتأكيد على عدم قانونية الاستيطان الاستعماري الإسرائيلي من بداية عام 1967.
– رفض الاعتراف بإسرائيل دولة يهودية، كما أعلن رفضه أي طروحات أو أفكار للحلول الانتقالية أو المراحل المؤقتة، بما فيها ما تسمى الدولة ذات الحدود المؤقتة.
– إدانة ورفض قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اعتبار القدس عاصمة لإسرائيل، ونقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى القدس والعمل على إسقاطه. واعتبار الإدارة الأميركية قد فقدت بهذا القرار أهليتها وسيطا وراعيا لعملية السلام، ولن تكون شريكا في هذه العملية إلا بعد إلغاء القرار.
– التشديد على ضرورة إلغاء قرار الكونغرس باعتبار منظمة التحرير منظمة إرهابية منذ عام 1987، وقرار وزارة الخارجية الأميركية إغلاق مكتب المنظمة في واشنطن.
على المستوى الفلسطيني
– إعلان التمسّك باتفاق المصالحة الموقع في أيار 2011 وآليات وتفاهمات تنفيذه وآخرها اتفاق القاهرة 2017، وتمكين حكومة الوفاق الوطني من تحمل مسؤولياتها كاملة في قطاع غزة وفقا للقانون الأساسي المعدل، ثم إجراء الانتخابات العامة وعقد المجلس الوطني الفلسطيني بما لا يتجاوز نهاية عام 2018.
– التأكيد على حق الشعب الفلسطيني بممارسة كافة أشكال النضال ضد الاحتلال وفقا لأحكام القانون الدولي والاستمرار في تفعيل المقاومة الشعبية السلمية ودعمها وتعزيز قدراتها.
على صعيد التحركات الخارجية
– تأكيد استمرار العمل لتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني في أراضي دولة فلسطين المحتلة، واستمرار العمل لتعزيز مكانة دولة فلسطين في المحافل الدولية، وتفعيل طلب العضوية الكاملة لدولة فلسطين في الأمم المتحدة، وتقديم الإحالة بشأن مختلف القضايا (الاستيطان، الأسرى، العدوان على قطاع غزة) إلى المحكمة الجنائية الدولية.
– المطالبة بتفعيل قرار قمة عمّان 1980 الذي يلزم الدول العربية بقطع جميع علاقاتها مع أي دولة تعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل وتنقل سفارتها إليها، بالإضافة إلى تأكيد المجلس الفلسطيني تمسكه بمبادرة السلام العربية، ورفض أي محاولات لتغييرها أو تحريفها، والاحتفاظ بأولوياتها.
– العمل مع الأشقاء العرب (الجامعة العربية) والدول الإسلامية (منظمة التعاون الإسلامي) وحركة عدم الانحياز لعقد مؤتمر دولي كامل الصلاحيات لإطلاق عملية السلام وبالتنسيق مع دول الاتحاد الأوروبي وروسيا والصين واليابان وباقي المجموعات الدولي.
ردود الأفعال الفلسطينية
هذا وعبرت أربع فصائل فلسطينية عن تحفظها على البيان، وقال القيادي في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين عمر شحادة، إنه جرى التحفظ على البيان من الجبهتين الشعبية والديمقراطية، وحزب فدا، وحركة المبادرة الوطنية. وبيّن أن التحفظ هو بسبب عدم اعتماد البيان لغة حاسمة وواضحة، واللجوء إلى لغة حمّالة أوجه. معتبرا أن الجو العام الذي صدر فيه البيان عكس لغة تراوح منطق الانتظار والتحايل اللغوي في الرد على الواقع، خاصة فيما يتعلق بالمأزق الإستراتيجي الذي تعيشه القضية الفلسطينية.
وأضاف القيادي الفلسطيني أنه لم يكن هناك قرار واضح بإنهاء اتفاق أوسلو وسحب الاعتراف بإسرائيل ووقف التنسيق الأمني معها ووقف التبعية الاقتصادية، معتبرا أن تكليف (اللجنة) التنفيذية (التابعة للمنظمة) بتنفيذ القرارات يثير مخاوف من الدخول في دوامة الانتظار والعودة بها للمجلس المركزي من جديد، واستمرار سياسة المراوحة.
واعتبر شحادة أن ما وصفها القيادة المتنفذة في منظمة التحرير ما زالت تراهن على العودة للمفاوضات، وتعقد الأمل على عودة الإدارة الأميركية للعب دور في إحياء المفاوضات.
أما “حماس” فلم تكتف بالتحفّظ بل اعتبرت أن الاختبار الحقيقي لما صدر عن المجلس المركزي من قرارات هو الالتزام بتنفيذها فعليا على الأرض ووضع الآليات اللازمة لذلك. وقال الناطق باسم الحركة فوزي برهوم في تصريح صحفي، إن في مقدمة الآليات ترتيب البيت الفلسطيني وفق اتفاق القاهرة 2011، والتصدي لمتطلبات المرحلة الهامة في تاريخ القضية الفلسطينية والصراع مع الاحتلال.
أما حركة الجهاد الاسلامي في فلسطين، فقالت على لسان مسؤول العلاقات الوطنية في الحركة، خالد البطش: “كنا نأمل أن يصدر عن المركزي قرارات أكثر قوة ووضوحا، لكن ما صدر من توصيات أمس تحمل لغة يجب على المركزي متابعتها بهدف تنفيذ القرارات ووضع الآليات الضرورية لها خاصة فيما يتعلق بتحقيق المصالحة ووقف التنسيق الامني والغاء اتفاقية باريس الاقتصادية”.
وأكد البطش “على ضرورة سحب الاعتراف بـ”إسرائيل” خاصة ان البيان لم يلغ العملية السياسية (التسوية) بل اعتبرها قائمة على اساس البحث عن راعي جديد لها”، مشدداً على ضرورة رفع الاجراءات والعقوبات التي فرضتها السلطة على القطاع.
وأشار البطش إلى أن المطلوب حماية الثوابت وليس تحسين شروط التفاوض وصولاً لترتيب البيت الفلسطيني وفق اتفاق القاهرة 2005 و2011 والتصدي لمتطلبات المرحلة المهمة في تاريخ القضية الفلسطينية والصراع مع الاحتلال. وشدد على ضرورة الحرص على وحدة الصف الوطني وتعزيز العلاقات الوطنية بين مختلف قوى المقاومة وكافة مكونات الشعب الفلسطيني ودعم خيار انتفاضة القدس في مواجهة الاحتلال.
بالتالي بات من المؤكد أن الشارع الفلسطيني وقضيته الأساس، في ظل الهجمة الصهيوأمريكية، لا يحتاج إلى قرارات مهمّشة لا ترى النور، بل يتطلّع إلى خطوات عمليّة رسمها المركزي في اليومين الماضيين، ويبقى تنفيذها المهمّة الأصعب.
المصدر / الوقت