هجرتهم اسرائيل والآن تخنقهم أمريكا؛ لاجئوا فلسطين في مهب الريح؟!
تحت ذريعة “الحاجة إلى مراجعة عميقة لطريقة عمل الأونروا وتمويلها” خفضت الولايات المتحدة الامريكية تمويلها لوكالة الإغاثة “الأونروا” من 355 مليون دولار سنوياً إلى 60 مليون دولار لهذا العام، وذلك بناءا على قرار كان يسعى إليه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب منذ عدة أشهر لاستكمال “صفقة القرن” التي يلهث لتحقيقها بالتعاون مع أصدقائه في اسرائيل وعدة دول عربية، دون الاكتراث بتبعات أو نتائج ما يخطط له، ولكن لماذا هذا الاستهتار بأرواح الناس وما هي تبعات ما تخطط له واشنطن وحلفائها؟!.
تسلسل الأحداث في المنطقة ابتداءا من اغراق الشرق الأوسط بهذه الفوضى التي يشهدها وما زال يعاني منها والتي سببها له أسلاف ترامب وترامب نفسه الذي جاء ليكمل ما قد بدأ به من سبقه بالتعاون مع بعض الحكام العرب الذين استفحلوا في عشق واشنطن وبدأوا يغازلون صديقتها وعدوتهم السابقة “اسرائيل”، كل هذه الأحداث وغيرها دفعت ترامب لاتخاذ قرار، يوم الـ6 ديسمبر/كانون الأول الماضي، يعترف فيه بالقدس عاصمة لاسرائيل، وبعد سلسلة الفضائح التي كشفت أن ترامب قد نسق مع كل من مصر والسعودية قبل اتخاذ القرار، لم يعد مستغربا أن يضييق ترامب الخناق على الفلسطينيين أكثر فأكثر طالما أن الضوء الأخضر السعودي_ المصري_ الاسرائيلي ينور طريق ترامب ومخططاته.
قرار واشنطن بشأن “الاونروا”
بعد اتخاذ القرار المجحف بتجميد اكثر من نصف إجمالي المبلغ المخصص لتمويل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التابع للأمم المتحدة أونروا، يجب أن يفكر كل من يهتم بالشأن الفلسطيني ويهمه الأمر بتداعيات هذا القرار الخطير على اللاجئين الفلسطينيين والمجتمعات التي يعيشون فيها والدول التي تجاورهم، ومن خلال النقاط التالية نبرز لكم بعضا من تداعيات هذا القرار الخطير:
أولاً: الجميع يعلم بأن الاونروا تقدم خدمات كبيرة للاجئين الفلسطينيين على مستوى الرعاية الصحية والتعليم وغيرها من الخدمات الأخرى، وفي حال انقطاع هذه الخدمات سيعيش قسم لا بأس فيه من لاجئي فلسطين جحيما حقيقية نظرا لاعتماد أكثر من 5 ملايين لاجئ وذريتهم على وكالة الأونروا.
هذا الأمر سينعكس بدوره على حياتهم اليومية ومستقبل أبنائهم، حيث يحصل 525,000 طالب وطالبة في 700 مدرسة للأونروا على التعليم ومستقبلهم يواجه خطراً، بحسب ماصرح المفوض العام للأونروا بيير كرهينبول، يوم أمس الأربعاء، مشيرا إلى أن كرامة وأمان الملايين من لاجئي فلسطين والذين هم بحاجةٍ للمساعدات الغذائية الطارئة وأشكال الدعم الأخرى في الأردن ولبنان وسوريا والضفة الغربية وقطاع غزة ناهيكم عن المخاطر المتعلقة بحصول اللاجئين على الرعاية الصحية الأولية بما في ذلك الرعاية لما قبل الولادة والخدمات الأخرى المنقذة للحياة، إن حقوق وكرامة مجتمع بأكمله في خطر.
ثانياً: القرار الجديد قد يكون له دورا كبيرا في ازدياد التطرف التي تدعي الولايات المتحدة بأنها تحاربه، وبالتالي فإن الأمن الاقليمي سيدخل دائرة الخطر وتصبح المنطقة على شفا انفجار مدوي لن يرحم أحد ممن كان لهم دور في سببه.
الأردن سيكون أحد أبرز المتضررين بسبب القرار، لكونه يستضيف آلاف الفلسطينيين حتى أن 60% من شعب الأردن فلسطينيين، وحاليا يعاني الأردن من ضغوط اقتصادية نظرا للفوضى التي تحيط به، حتى أن أكثر من ثلث الشباب الأردني ليس لديهم وظائف، ما يحولهم إلى أهداف محتملة للتجنيد من قبل المتطرفين.
وفي غزة “2.2 مليون نسمة” قد ينفجر الوضع في أي لحظة في الأيام القادمة، لأن الأوضاع هناك لم تعد تطاق نظرا لتدهور الأوضاع الاقتصادية منذ عام 2009 وتضييق الخناق على القطاع من قبل اسرائيل ومصر، ووفقا مكتب الإحصاءات الفلسطيني الرسمي، يبلغ معدل البطالة 43 في المائة، ويبلغ معدل الفقر 38 في المائة، وهذا الأمر ينطبق على اللاجئين في سوريا ولبنان والذين اضطر بعضهم للجوء مرتين نظرا للحرب في سوريا وتردي الاوضاع هناك.
ثالثاً: هذا القرار سيضع المجتمع الدولي أمام تحدي كبير لمساعدة ملايين الفلسطينيين الذين اجتمع أكثر من نصف العالم على تجويعهم بينما صمت النصف الآخر، وهناك مبادرات بدأت بالانطلاق لتخفيف معاناة الشعب الفلسطيني، منها ما أعلنه المفوض العام للاونروا حيث طالب الجميع بالمساهمة عبر #تبرع_للأونروا، لابقاء المراكز الطبية وأبواب المدارس مفتوحة أمام طلاب المدرسة وعدم حرمانهم من حق التعليم والعناية الطبية.
ختاماً: هذا العقاب الجماعي الذي تفرضه واشنطن وأذنابها في الشرق الأوسط لن يمر مرور الكرام لطالما هناك دم فلسطيني ينبض بالعزة والكرامة، وما هذا القرار إلا محاولة أمريكية_اسرائيلية، لاجبار الفلسطينيين على تنفيذ ماتريده واشنطن دون أي قيد أو شرط عبر ممارسة ضغوط كبيرة عليهم وإرضاخهم بالقوة، دون أخذ أي اعتبار للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة، ومن ايجابيات هذه القرارات أنها تفضح زيف بعض الزعماء العرب الذين يخلطون السم بالعسل لأبناء فلسطين ويوجهون قنواتهم الإعلامية لدعم القضية الفلسطينية من على شاشات التلفاز دون تنفيذ اي شيء فعلي على ارض الواقع، وما يجري اليوم ليس إلا خير دليل على ازدواجيتهم التي اصبحت تماثل ازدواجية واشنطن في التعامل مع القضية الفلسطينية التي أصبحت على المحك إن لم يتم دعمها بشكل فعلي وحقيقي على الأرض.
المصدر / الوقت