ماذا وراء التحركات السعودية في المهرة اليمنية؟!
أفادت مصادر مُطلعة يمنية وتحديدا من داخل “حضر موت” عن وصول تعزيزات ووحدات سعودية جديدة مُجهزة بمعدات عسكرية الى محافظة المهرة على الحدود الجنوبية الشرقية لليمن مع سلطنة عمان التي من المفترض أن يتم تكليفها بحراسة خفر السواحل لا سيما ان المهرة تشكل أهمية استراتيجية خاصة وأنها مجاورة لسلطنة عمان التي أعربت عن قلقها من التحركات العسكرية في محافظة المهرة التي تعتبرها سلطنة عمان امتدادا استراتيجيا لها، والتي ترتبط بها بتداخل تاريخي وجغرافي وعائلي.
وقالت هذه المصادر: أن 200 شاحنة نقل عسكرية عملاقة تحمل معدات عسكرية سعودية وصلت الى الغيظة عاصمة محافظة المهرة وتوزعت في بعض سواحلها ومديرياتها، وتحمل على متنها عتاداً عسكرياً متنوعاً، وهذه هي المرة الثالثة منذ أواخر العام الماضي التي تصل فيها القوات السعودية إلى هنا بحجة وقف التهريب بين اليمن وسلطنة عمان عبر منطقة المهرة.
فبعد أن حاول السلطان قابوس قطع الطريق أمام التحرّكات المشبوهة للإمارات في محافظة المهرة شرق اليمن عبر إصدار مرسوم قضى بمنح الجنسية العمانية لأسر نافذة هناك، عادت الإمارات إلى الالتفاف على خطوة السلطان عبر مهرجان حاشد للحراك الجنوبي يقام لأول مرّة في المحافظة المحاذية لسلطنة عُمان. فالسعي الإماراتي للسيطرة على الجنوب بدأ بالتوسّع إلى محافظات عدّة بعد عدن والتحرّك الجديد قد يقود إلى حرب بالوكالة في المحافظة اليمنيّة.
ويبدو أن التحرك العسكري باتجاه محافظة المهرة، يعكس اتفاق سعوديا ـ إماراتيا بتقاسم النفوذ في اليمن ضحيته الشعب اليمني، وعدم ترك مساحات فراغ أمني لسيطرة عمان، وذلك في سياق مواجهة محور قطر عمان الكويت”.
وبينما تدعي السعودية أن وجودها في المهرة يهدف لمنع تهريب الأسلحة لأنصار الله عبر الطرق البرية، كشف مصادر خاصة لـ “مساء برس”، ان الهدف السعودي الحقيقي هو السيطرة على المحافظة للتأكد من أن هذه المحافظة المجاورة لسلطنة عمان، لن تقع تحت سيطرة دولة الإمارات حيث تنشط بشكل متزايد في المحافظة. وكان وفد سعودي يرافقه المحافظ باكريت قد التقى زعماء جماعات سلفية متشددة بالمهرة قبل أيام بهدف التجهيز لإقامة مركز ديني سلفي وهو ما يشير إلى أن الهدف في المهرة ليس عسكري بل لضمان بقاء المحافظة تابعة للسعودية وتضيف المعلومات أيضاً أن من بين السلفيين المئات من غير اليمنيين وذوو الجنسيات الأجنبية.
واردفت هذه المصادر قائلة: ان السعودية قد سعت في الآونة الأخيرة إلى تأسيس مركز سلفي في مديرية قشن، ثالث أكبر مدن المحافظة، الأمر الذي جوبه برفض مجتمعي من قبل أبناء المنطقة الذين رفضوا أي تواجد للسلفيين من خارج محافظتهم في المنطقة، لكنهم فشلوا في منع ذلك. وقد ظل أهل المهرة رافضين لكل أشكال النفوذ الإماراتي في منطقتهم، واحتفظوا بعلاقات إيجابية مع سلطنة عمان المحاذية لهم. وقد رفض وجهاء المهرة سابقا مقترحات إماراتية لتشكيل حزام أمني عندهم، وظلت المحافظة تخضع لوحدات عسكرية محسوبة على شمال اليمن، بالتنسيق مع عمان”.
بالمقابل تعزز الامارات حضورها العسكري الكبير في محافظة المهرة بين حين وآخر، وسط سباق على السيطرة العسكرية، حيث أرسلت في نوفمبر الماضي قوات الى هناك وتدفع باتجاه تشكيل ما تسميها قوات النخبة المهرية الموالية لها على غرار تلك التي أنشأتها في شبوة وحضرموت وكذا الحزام الامني في عدن وبقية المحافظات الجنوبية، ما يضاعف قلق سلطنة عمان التي تعتبر محافظة المهرة جزءًا من أمنها القومي. حيث دفعت السعودية بالشيخ عبد الله صعتر، القيادي في تنظيم الإخوان المسلمين وحزب الإصلاح لإلقاء محاضرة على أبناء مديرية بيحان التي شهدت خلال الأيام الأخيرة معارك عنيفة بين قوات صنعاء وقوات التحالف انتهت بسيطرة قوات التحالف على المديرية.
وقالت المصادر: لقد تم تدريب القوات التي وصلت المهرة في معسكرات سعودية ومعسكرات داخلية في اليمن ولا تخضع تلك القوات لأي جهة عسكرية تابعة لحكومة منصور هادي وتتلقى توجيهاتها مباشرة من قوات التحالف، وقد تمركزت تلك القوات في المناطق الاستراتيجية في المحافظة أبرزها الموانئ والمطار الرئيسي للمحافظة ومنافذ العبور بين اليمن وسلطنة عمان.
في سياق ذلك تقول مصادر صحفية إن محافظ المهرة راجح سعيد باكريت يبدو أنه “متماهياً مع توجهات السعودية حيث حرص باكريت على تبني أجندة التحالف ومنح السعوديين كافة الصلاحيات لممارسة عمليات الرقابة في المنافذ الحدودية”.
وكان رئيس الحكومة اليمنية السابق خالد بحاح قد كتب في صفحته على تويتر معلقاً على أحداث المهرة متهماً التحالف، ضمنياً، بسعيه للتأسيس لصراعات مستقبلية، حيث قال: “نتابع ما يحدث في محافظة المهرة، وخاصة مديرية_قشن .. إعادة إنتاج الجماعات الدينية تحت أعذار واهية بذور جديدة لصراعات مستقبلية”.
أما الإمارات فلا تزال هي الأخرى تسعى لإحكام سيطرتها على المحافظة عبر إنشاء قوات أمنية تابعة لها تحت مسمى النخبة المهرية أو الحزام الأمني للمهرة غير أن مساعيها قوبلت برفض القبائل المحلية وكبار المشائخ الذين تربطهم بسلطنة عمان علاقات قوية وبعضهم سبق أن منحتهم مسقط الجنسية العمانية، ما يعني أن أي تقارب إماراتي مع المشائخ في المهرة يزعج عمان، كما أن أبو ظبي فشلت حتى الآن في تحقيق مساعيها في الإمارات، غير أنها لم تتوقف ولا تزال تسعى للنفوذ في المهرة بهدف تطويق سلطنة عمان.
ويرى مراقبون أن الخلافات السعودية الإماراتية سوف تظهر إلى العلن لا محالة في الأشهر المقبلة، بسبب اختلاف الأجندات بينهما في اليمن، فالإمارات لم تدخل حرب اليمن رفضًا للنفوذ الإيراني، بل دخلت للسيطرة على الموانئ اليمنية في بحر العرب والبحر الأحمر، وهذا يعني أنها مستعدة لتسليم اليمن أو شطره الشمالي -على الأقل- إلى قوات نجل علي صالح والحوثيين، ما دامت تسيطر على الساحل اليمني في الجنوب.
وكشفت مصادر خاصة أن القوات السعودية الرمزية والقوات اليمنية التي تم تدريبها في السعودية والتي وصلت إلى المهرة ستكون قوات تابعة للسعودية وستنتشر على سواحل المهرة كقوات خفر سواحل، وأضافت أن هناك دورات تدريبية لقوات خفر السواحل اليمنية الموجودة سابقاً ويقوم بتدريبها سعوديون.
من جانبه قال الناشط السياسي والصحفي المنتمي لحزب الإصلاح ياسين التميمي إن اتفاقاً بين السعودية والإمارات قضى بتقاسم النفوذ في المحافظة الساحلية والصحراوية، وأن السعودية تهدف من خلال ذلك لمد أنبوب نفطي من السعودية إلى الشريط الساحلي الجنوبي لليمن بهدف التخلص من العبور عبر مضيق هرمز الذي تتحكم به إيران.
إلى ذلك تناقلت مواقع إخبارية أنباء اغتيال مواطن عماني في محافظة المهرة، في ثالث عملية اغتيال بعد دخول القوات السعودية إليها، واعتبر مراقبون أن ما يحدث في المهرة في هذه الأثناء يندرج ضمن مخطط لاستهداف عمان.
التسابق الخليجي على المهرة دفع بسلطنة عمان إلى تعزيز تواجدها العسكري على الحدود اليمنية العمانية، ففي أغسطس الماضي من العام الفائت كشفت السلطات العمانية أنها دفعت بتعزيزات عسكرية كبيرة وجديدة إلى حدودها مع اليمن، بعد أيام من سيطرة مسلحين قبليين موالين للإمارات على منفذ شحن الحدودي وإبعادهم للقوات الحكومية في محافظة المهرة.
المصدر / الوقت