تقرير للأمن القومي الإسرائيلي… استعدوا لانهيار الحكم بالسعودية
الجميع يعلم كيف بدأت العملية العسكرية التركية “غصن الزيتون” في مدينة عفرين السورية قبل خمسة أيام ولكن لا أحد يعرف كيف يمكن أن تنتهي، نظرا لتعقيدات المرحلة وخطورة الظرف هناك، الجميع يراقب وينتظر إلى ماذا ستؤول الأمور هناك وكيف يمكن أن يستفاد من هذه المعركة لصالحه.
تركيا كانت تعتقد أن أياما قليلة ستحسم لها المعركة هناك وتنفذها في إطار “عملية جراحية” قصيرة وسريعة كما جاء على لسان الرئيس التركي، رجب طيب اردوغان قبل أيام، لكن المعركة لم تأخذ هذا المنحى وبدأت تتعقد اكثر، خاصة وان الأكراد يستشرسون في الدفاع عن مدينتهم البالغ عدد سكانها “800 ألف” نسمة، معلنين يوم الثلاثاء الماضي حالة “النفير العام” دفاعا عن عفرين، وقالت الإدارة الذاتية الكردية في الشمال السوري في بيان لها: “نعلن النفير العام وندعو كل أبناء شعبنا الأبي الى الدفاع عن عفرين وكرامتها”.
والظاهر حتى الآن وبالرغم من أن اردوغان صرح قبل قليل بأن “عملية غصن الزيتون متواصلة بنجاح والقوات التركية وفصائل الجيش الحر يسيطرون على عفرين خطوة تلو خطوة”، إلا أن الوقائع على الأرض لا تعكس ذلك مئة في المئة وإن كان هناك تقدم فعلي على الأرض إلا أن المحللين العسكريين يستبعدون السيطرة التركية على عفرين.
وتقول الأرقام القادمة من هناك بالرغم من تضاربها بأن الطرفين يتكبدان حاليا خسائر بشرية وعسكرية، فقد أعلنت “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) مقتل 53 جنديا تركيا وجرح 38 آخرين خلال تصديها للهجمات التي شنتها القوات التركية، يوم الاثنين الفائت، على مدينتي عفرين والشهباء شمال غربي سوريا، في إطار عملية “غصن الزيتون”. في حين أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، ومقره لندن، بارتفاع أعداد الضحايا جراء القصف التركي على منطقة “عفرين” بشمال سوريا إلى 78 قتيلا”.
وللوقوف أكثر حول مستجدات الأوضاع هناك ومعرفة سيناريوهات الحسم في عفرين، لابد من الإشارة إلى النقاط التالية:
أولاً: لمعركة عفرين أبعاد سياسية قد يستفيد منها التركي والأمريكي على حد سواء، فالتركي يريد القيام بعمليات محدودة في أطراف عفرين من خلال الاستيلاء على عدة قرى للضغط على الأمريكي الذي ضحى بحلفائه لأسباب نذكرها بعد هذه النقطة، حيث أن التركي حاليا يريد الحصول على تنازلات من واشنطن من أجل السيطرة على المناطق التي تقع تحت سيطرة الـ”PYD” حاليا وإبعاد خطر الجماعات الكردية عن تركيا كما تدعي الأخيرة لحماية أمنها القومي وهذا ما اعتبرته واشنطن مخاوف مشروعة لتركيا، بحسب وزير الدفاع الأمريكي، جيمس ماتيس.
أما الفائدة الأمريكية فتكمن في استخدام الأكراد كورقة والتضحية بهم لصالح دخول واشنطن في المفاوضات القادمة بشأن سوريا، خاصة بعد ان تم استبعادها من مؤتمر سوتشي الأخير والذي عقد في روسيا وبالتالي تريد أمريكا إعادة نفسها إلى المشهد السياسي السوري بقوّة بعد أن تم تجاهلها في استانا وسوتشي، هذه العودة ستكون عبر البوابة التركيّة، فضلاً عن العودة السياسية عبر الأكراد.
ثانياً: إبعاد قوات “pyd” عن جنوب عفرين المتصل مع ادلب “التي لاتزال تسيطر عليها المعارضة المسلحة المدعومة تركياً”، سيصب في صالح تركيا خاصة بعد تقدم الجيش السوري وحلفاءه في محيط محافظة ادلب، وبالتالي قد تكسب معركة عفرين الأتراك ورقة رابحة يتم استخدامها في المفاوضات القادمة مع إيران وروسيا وسوريا.
ثالثاً: أن تسيطر تركيا على كامل عفرين “2% من مساحة سوريا” هذا أمر أبعد ما يكون عن العقل، نظرا لتعداد سكانها وشراسة مقاتليها، فضلاً عن تضاريسها الجبلية المرتفعة، وتركيا حاليا تقاتل فقط بكتيبتين وعدة آلاف من مقاتلي الجيش الحر.
وحاليا، يواصل الجيش التركي إرسال المزيد من القوات الخاصة والآليات والدبابات إلى جبهات القتال في منطقة عفرين، في حين تواصل المدفعية الثقيلة والمقاتلات التركية قصف مواقع وحدات حماية الشعب الكردية، إلى جانب فتح ممرات آمنة لاستقدام قوات إضافية تمهيدا لتنفيذ مراحل متقدمة من عملية غصن الزيتون.
ولكن وبالرغم من هذا من الصعب جدا أن تتمكن تركيا من حسم معركة عفرين، وقد تصب نتائجها في الإطار السياسي اكثر منه العسكري.
حاليا تضغط تركيا بكل ما أوتيت من عزم لتحقيق اعلى سقف ممكن من المكاسب السياسية، ورفعت سقف التهديد مؤخرا للضغط اكثر على واشنطن، حيث قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو “إن أنقرة لا تسعى للمواجهة مع أحد في سوريا، لكنها لن تتراجع عن محاربة الإرهابيين، منوها بإمكانية شن عمليات جديدة خارج عفرين”.
وأضاف اوغلو، “الإرهابيون في منبج يطلقون دوما نيراناً استفزازية.. إذا لم توقف الولايات المتحدة هذا فسنوقفه نحن، وتابع “مستقبل علاقاتنا يعتمد على الخطوة التالية التي ستتخذها الولايات المتحدة”.
في الختام؛ ربما تقلب تركيا الطاولة على الأمريكي كما فعلت مع روسيا لتحقيق مصلحة آنية، إلا أنها قد تعيد العلاقات بعد فترة إلى دفئها مع واشنطن كما فعلت مع روسيا بالسابق، تركيا لاعب جيد في السياسة لكنها قد تُخطئ في حال ظنت أن المعركة في عفرين نزهة يمكنها حسمها متى ارادت ذلك.
المصدر / الوقت