التحديث الاخير بتاريخ|الإثنين, نوفمبر 18, 2024

بعد الخيانة الأمريكية… هل يُعامل الرئيس الأسد الأكراد بالمثل؟! 

صال الأكراد وجالوا وتحالفوا مع الولايات المتحدة الأمريكية عندما بدأوا يشعرون بأن الدولة السورية بدأت تضعف في آخر الربع الأول من عمر الأزمة، حيث وجدوا أن الفرصة الآن مواتية لتحقيق حلمهم في الانفصال عن الدولة وإنشاء حكم ذاتي في الشمال السوري أطلق عليه اصطلاحا ” روج آفا”، ولكن هل من حق المرء أن يتحالف مع الشيطان في حال شعر بالظلم؟!.

“روج آفا” كان حلما مبنيا على الثقة بالأمريكي نظرا لقوته على اعتبار أنه ذو قدرات هائلة يمكن الاعتماد عليها مهما اشتدت الظروف، لكن كما يقول المثل الشعبي “الماء يكذب الغطاس”، فالظروف اشتدت في “عفرين” الشمال الغربي لسوريا والغطاس الكردي بدأ يغرق آملاً أن يجد اليد الأمريكية تمتد له لتنقذه من ورطته، لكن حبل النجاة الأمريكي تحول إلى مشنقة للأكراد في عفرين، ولم يبقى أمامهم سوى الاستنجاد بالجيش السوري لإنقاذهم من غضب التركي وخيانة الأمريكي.

وهنا يتبادر لذهننا السؤال التالي، هل ستتخلى الحكومة السورية عن الأكراد وتعاملهم بالمثل أم ستعمل جاهدة لإعادة مناطقهم إلى الحضن السوري كما كانت في السابق؟!.

عندما نقول تعاملهم بالمثل هذا يعني أن الأكراد لم يتعاملوا مع الحكومة السورية بطريقة جيدة بل على العكس تماما استغنوا عنها وضايقوا أخوتهم من العرب الذين كانوا يعيشون معهم تحت راية العلم السوري الذي رفض الأكراد رفعه على المباني الحكومية في مناطق سيطرتهم، ولو سمحوا بذلك لما كان حدث ما يحدث الآن بهم في عفرين بعد أن هاجم التركي مناطق نفوذهم في عملية أطلق عليها “غصن الزيتون” منذ حوالي الأسبوع ويتوعدهم بإكمال هذه العملية وتوسيعها حتى منبج وربما داخل كردستان العراق.

وفي ظل هذا الظرف الذي يعيشه أكراد عفرين وقيادتهم من حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، كان لابد من إعادة فتح النافذة مع الحكومة السورية للحوار وطلب المساعدة، حيث قال مصدر كردي في عفرين، أن الكرد يرحبون بدخول الجيش السوري إلى منطقة عفرين ضمن اتفاق مع الحكومة السورية، وذلك مقابل أن يكون الكرد جزءا من العملية السياسية، مشيرا إلى أن سلاحهم سيعود للدولة السورية الذي هو لها في الأصل.

وأكد المصدر أن الكرد حملوا السلاح “دفاعا عن النفس ولم يعلنوا العداء للنظام السوري”، وشدد على أن الكرد “لا يسعون إلى إنشاء دويلة في سوريا بل هم جزء من النسيج الوطني السوري”. وفي بيان رسمي لها توجهت الإدارة الذاتيّة في المُقاطعة إلى الرئيس السوري بشار الأسد وحُكومته طلبا للنّجدة، وضَرورة التدخّل للقِيام بواجِباتهما السياديّة تُجاه المدينة وحِماية حُدودها، ومُواطِنيها “السوريين” في مُواجهة هَجمات التركي المُحتَل، حَسب ما جاء في بَيانٍ رسميّ.

في مقابل هذا التذبذب الكردي كان هناك ثبات في الموقف الرسمي السوري تجاه الأكراد، حيث كانت الحكومة السورية وما زالت تمد يد العون للأكراد وتساعدهم في تأمين احتياجاتهم اليومية، وتعتبر مناطق نفوذهم هي جزء لا يتجزأ من النسيج السوري الذي دفعت الدولة السورية الغالي والنفيس وقدمت أرواح خيرة شبابها للحفاظ عليه، وقالت لهم الدولة السورية في عدة مناسبات بأنها مستعدة لتقديم كل شيء كالبنية التحتية والمدارس والطبابة والمؤسسات التعليمية، لكن القيادات الكردية في عفرين رفضت بشكل قاطع.

وأكثر من ذلك حيث لم تستجب القيادات الكردية في عفرين للمبادرة الروسية التي دعتهم فيها للسماح للجيش السوري بالدخول للمدينة لتجنيبها أي حرب مقبلة مع تركيا، خاصة وأن الجميع يعلم بأن الأتراك لن يسمحوا للأكراد بأن يقيموا دويلة خاصة بهم على حدودها.

وخلال الأزمة بادرت الحكومة السورية عشرات المرات ومدت يد العون للأكراد وجنست مئات الآلاف منهم في مدة قصيرة، وأوصلت لهم رسالة مفادها أن الأمريكي لا يمكن الوثوق به، لكنهم أصروا على موقفهم، وكانوا دائما يطالبون الحكومة بأن تقوم بواجباتها تجاه عفرين وتأمين كل ما يلزمها لكنهم في مقابل ذلك لا يسمحون لأحد بالإقتراب من عائدات الجمارك التي يجب أن تذهب لخزينة وحدات الشعب، وكل سيارة تحمل لوحه سورية ممنوع دخولها إلى عفرين أو تدفع رسوم 100 دولار، وكل مواطن سوري لا يحمل صفة كردي ممنوع دخوله إلى عفرين إلا بكفيل، وغيرها من الشروط التي تقوض أي مسار للمفاوضات أو المحادثات أو إيجاد أي حل لضمان أمن واستقرار سوريا التي بدأ الأكراد يقولون بأنهم جزء لا يتجزأ من نسيجها بعد أن اشتدت بهم الظروف وخذلهم الأمريكي وحاصرهم التركي.

ومن اليوم الأول للعدوان التركي على عفرين خرجت الحكومة السورية ونددت به، وفتحت الطريق أمام اللاجئين الأكراد ما جعل الحكومة التركية تهاجمها، ودان الرئيس الأسد “العدوان التركي الغاشم” على مدينة عفرين، حتى ان الحكومة نفت جملة وتفصيلا ادعاءات النظام التركي بإبلاغها بهذه العملية العسكرية، وبحسب مصدر رسمي سوري فقد طالبت سوريا المجتمع الدولي بإدانة هذا العدوان التركي واتخاذ الإجراءات الواجبة لوقفه فورا.

في الختام؛ الحكومة السورية لم تبخل يوما بمد يد العون للأكراد الذين تعتبرهم جزءا من نسيج سوريا الذي لا تسمح لأحد بالمساس به، على أمل أن يتعلم الاكراد من هذا الدرس تبقى الأبواب السورية مشرعة لاحتضانهم دائما وأبدا.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق