“سوتشي” وتداعيات المشهد السوري من “ادلب” إلى “عفرين”
يوم واحد يفصلنا عن مؤتمر “سوتشي” المزمع عقده في 29 و30 الشهر الجاري، برعاية روسية وإيرانية وتركية لحل الأزمة السورية، ويأتي هذا المؤتمر في ظل ظروف جديدة تشهدها الساحة السورية على المستوى العسكري، لاسيما في “عفرين” التي تتعرض لهجوم تركي منذ أكثر من أسبوع، ومحافظة ادلب التي حرر الجيش السوري ثلث مناطقها بما فيها مطار أبو الضهور الاستراتيجي.
وبالتالي فإن تسارع الأحداث الجارية على الأرض السورية سيلقي بظلاله شأنا أم أبينا على أحداث مؤتمر “سوتشي” وربما يمكننا القول أنه لولا هذين الحدثين لما عقد المؤتمر في هذا التوقيت بعد أن تم تأجيله سابقا.
وحصل موقع الوقت التحليلي الاخباري على نسخة من مسودة البيان الختامي لمؤتمر”سوتشي” والذي تتمحور نقاطه الـ”12″ حول الحل السياسي في سوريا عن طريق مبادئ عامة تم طرحها في هذه المسودة والتي كان أبرزها الحديث عن الالتزام الكامل بسيادة سوريا ووحدتها أرضا وشعبا، وأن تلتزم الدولة السورية بالوحدة الوطنية والسلم الاجتماعي والتنمية العادلة، وفي نقطة أخرى تحدثت المسودة عن الالتزام الكامل بسيادة واستقلال سوريا، وأن الشعب السوري وحده من يقرر مستقبل البلاد، ويختار نظامه السياسي بالوسائل الديمقراطية ودون أي ضغوط.
ومن أبرز النقاط الأخرى كان الاتفاق على تشكيل لجنة دستورية بمشاركة وفد الحكومة السورية ووفد آخر يمثل طيفا واسعا من المعارضة من أجل التحضير لتعديل الدستور برعاية الأمم المتحدة، ووفقا لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254، هذا القرار الذي لم تحترمه الولايات المتحدة الأمريكية في وثيقتها “مجموعة واشنطن” التي تهدف لإيجاد سوريا “كونفدرالية” يحكمها رئيس منزوع الصلاحيات، وعدم السماح للسوريين بتقرير مصير بلادهم وأهداف تقسيمية بعيدة المدى على عكس المبادئ التي تنص عليها مسودة مؤتمر “الحوار السوري” في سوتشي الروسية.
وعلى الرغم من أن الجميع متفق بأن “مؤتمر سوتشي” لن ينهي الأزمة السورية وتداعياتها، إلا أنه يعتبر خطوة بناءة في مسير المفاوضات والحوارات القادمة مع السوريين ويعتبر مكملا لكل من “آستانا” و”جينيف” ولا يتناقض معهم كما يحاول أن يروج البعض، خاصة أن البلد المضيف والراعي للحوار “روسيا” حرصت على دعوة جميع الأطراف في سوريا من معارضة داخلية وخارجية وموالاة لتحقيق أكبر تمثيل ممكن لأطياف الشعب السوري والبدء باتخاذ خطوات جدية في هذا المجال، ودعت روسيا لهذا المؤتمر 1600 ممثل من المجتمع السوري للمشاركة فيه، بالإضافة إلى دعوة ممثلي الأمم المتحدة وعدد من الشركاء الإقليميين والدوليين بصفة مراقب، بحسب بيان لوزارة الخارجية الروسية.
وأعلنت الأمم المتحدة أن مبعوثها إلى سوريا ستيفان دي ميستورا سيحضر المؤتمر، من جانبه ذكر مصدر سوري أن 20 حزباً وكتلة من الموالين والمعارضة سيشاركون في مؤتمر الحوار الوطني السوري في “سوتشي”، وقال المصدر أن “معارضة الداخل ستشارك في لقاء سوتشي ممثلة بـ 400 شخصية، في حين ستمثل الحكومة السورية بـ 680 شخصية، والباقي من المعارضات الموجودة خارج سوريا”.
في مقابل ذلك قالت هيئة التفاوض السورية على “تويتر”: اللجنة التفاوضية لقوى المعارضة في سوريا قررت مقاطعة مؤتمر سوتشي، الذي دعت إليه روسيا يومي 29 و30 يناير”، وذكرت الهيئة في تغريدة على تويتر، أنها قررت بالأغلبية عدم المشاركة في المؤتمر بعد رفض المشاركة من قبل 26 من أصل 36 عضوا. وقالت مصادر في المعارضة إن أعضاء في الهيئة سيشاركون بصفتهم الشخصية إذا وجهت لهم الدعوة لحضور المؤتمر.
وكذلك الأمر بالنسبة للأكراد، حيث قالت الرئيسة المشتركة للهيئة التنفيذية لفدرالية شمال سوريا فوزة اليوسف: “أن الادارة الذاتية الكردية لن تشارك في مؤتمر سوتشي المزمع عقده بداية الاسبوع المقبل بسبب الهجوم التركي المستمر على عفرين”.
وبالرغم من بعض المحاولات التي تهدف لتقويض الحل السياسي في سوريا وإرجاع المحادثات إلى نقطة الصفر، إلا أن مؤتمر سوتشي من خلال مسودة بيانه والوثائق الثلاث التي ستطرح للمشاركين يوم غد والتي تتضمن تاريخ الأزمة وعملية أستانة والجانب الإنساني للأزمة، يبرهن أنه سيكون مختلف عن جينيف وجولاته الثمانية السابقة، خاصة أن النقاط التي تم ذكرها في الوثيقة من ضمان لوحدة سوريا والدفاع عن قرارها المستقل في تقرير مصيرها والحفاظ على مبادئ قرار مجلس الأمن 2254 وغيرها من النقاط، سيدفع أغلب المشاركين بحسب التوقعات للمصادقة على الوثيقة المطروحة.
ويجب ألا ننسى أن الكرة اليوم بملعب الحكومة السورية التي تفرض سيطرة غير مسبوقة على الأرض، خاصة بعد أن حررت عشرات القرى والمناطق في ادلب، النقطة الثانية أن حلفاء واشنطن في سوريا “الأكراد” تتم مهاجمتهم الآن من قبل تركيا وهذا سيؤثر على الدور الكردي ومن خلفه الأمريكي في أي مفاوضات قادمة، بالرغم من ان الحكومة السورية وإن كانت واشنطن قد خذلت اكراد سوريا إلا أن الحكومة السورية لن تتخلى عنهم وستشاركهم في مفاوضات قادمة.
وبالتالي ومن خلال ما تقدم سيكون من الصعب على واشنطن وحلفائها تقويض محادثات “سوتشي” في المدى المنظور، حتى أن تركيا نفسها لن تستطيع الالتفاف على روسيا كما في السابق خاصة بعد أن تورطت في محاربة الأكراد داخل الأراضي السورية، وبالتالي فإن الكفة حاليا ترجح لصالح محور “سوريا- ايران- روسيا” في أي مفاوضات قادمة.
المصدر / الوقت