نتنياهو أمام مقصلة القضاء؛ ماهي السيناريوهات المتوقعة لحكومته؟
مرة أخرى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وجها لوجه أمام مقصلة القضاء وفي مرمى الاتهامات ودائرة المحاكمة، بعدما أوصت الشرطة الإسرائيلية، وبشكل رسمي، النيابة العامة بتوجيه تهم الرشوة والفساد ضده.
الشرطة الإسرائيلية وفي ختام تحقيقاتها أكدت أنها تملك من الأدلة ما يكفي لتوجيه الاتهام لنتنياهو بالرشوة وانتهاك الثقة في قضيتين منفصلتين تتعلقان بالرشوة وخيانة الأمانة.
تصريحات الشرطة الاسرائيلية دفعت نتنياهو الى الظهور سريعا لنفيها ولتبرئة صفحته واستدرار عطف الإسرائيليين من خلال سرد تاريخه منذ أن كان ضابطا في جيش الاحتلال وصولا الى سدة الحكم عام 1997 ورئاسة الحكومة أول مرة.
نتنياهو الذي تنتهي رئاسته للحكومة في عام 2019، أعلن ايضا أنه سيواصل عمله في منصبه بـ”مسؤولية”، وأضاف “سأواصل العمل من أجل مصلحة الدولة وليس من أجل الحصول على علب سيجار من صديق”، معلناً أنه منذ انتخابه “تتم مهاجمتي ومهاجمة عائلتي، وهذه المرة أيضاً القضية ستنتهي من دون أي شيء”.
واعتبر رئيس الوزراء الإسرائيلي أنّ توصيات الشرطة “لا قيمة لها في نظام ديمقراطي، وأكثر من نصف هذه التوصيات لا يتم قبولها من قبل الجهات القضائية، كما أن عليها ظلّ ثقيل”.
ماهي قضايا الفساد التي يتم التحقيق فيها مع نتنياهو؟
تلاحق نتنياهو عدد من قضايا الفساد وتلقي الرشوة وسوء استعمال السلطة وخيانة الأمان، وبدأ التحقيق الأولي معه منذ عدة أشهر وفيما يلي أبرز تلك القضايا:
القضية الأولى: “ملف 1000” نتنياهو مشبوه بالحصول على مئات آلاف الشواكل من رجل الأعمال ارنون ملتشن، من خلال تزويد نتنياهو بالسيجار والشمبانيا والمجوهرات بواسطة الوسطاء. ونتنياهو قدم خدمات لملتشن بالمقابل في صفقة لبيع القناة العاشرة، وساعده في الحصول على تأشيرة دخول للولايات المتحدة.
القضية الثانية: “ملف 2000” هو في الأصل ملف متعلق بالرشوة؛ فقد تم توثيق نتنياهو وهو يقوم بإجراء اتصالات مع مالك “يديعوت احرونوت”: موزيس يقوم بترجيح كفة رئيس الحكومة في التغطية الإعلامية، ونتنياهو يقوم بالعمل ضد صحيفة “إسرائيل اليوم” من خلال التشريع أو الحد من انتشارها، ويتهم نتنياهو بتلقيه هدايا بخلاف القانون، وتبادل المنفعة مع ناشر “يديعوت أحرونوت” العبرية، وسيتم التحقيق في القضية سالفة الذكر حتى نهاية شهر أبريل المقبل، لأن الرحلات المتكررة لنتنياهو أعاقت الانتهاء من عملية التحقيق.
القضية الثالثة: ملف آخر يحمل رقم “3000”، يتم التحقيق فيه مع نتنياهو ومتهم فيه بالفساد وخيانة الأمانة، والذي يتعلق بصفقة الغواصات الألمانية التي اشترتها تل أبيب من برلين لتعزيز أسطولها الحربي البحري.
القضية الرابعة: ” ملف رقم 4000″ حيث كشفت القناة العاشرة الإسرائيلية عن خضوع رئيس الوزراء الإسرائيلي للتحقيق، الإثنين الماضي، في قضية رابعة حملت رقم “4000”، ويواجه فيها نتنياهو اتهامات فساد جديدة، ولكن لم تكشف وسائل الإعلام الإسرائيلية عن تفاصيل القضية.
ماهي السيناريوهات المتوقعة بعد توجيه الاتهامات؟
تولى بنيامين نتنياهو ( 67 عامًا) السلطة في الكيان الإسرائيلي بشكل متقطع منذ عام 1996، وهو الآن في فترته الرئاسية الرابعة، واذا ما أكمل فترته الحالية بدون اجباره على الاستقالة، سيصبح نتنياهو أكثر رئيس وزراء إسرائيلي بقاءً في السلطة، وهو ما يعتبر أمراً مستبعداً نسبياً.
فبعد توجيه الشرطة الاتهامات بشكل رسمي اليه واحالته الى القضاء، فان نتنياهو الآن امام عدة خيارات نوجزها في اربعة بنود:
الاحتمال الأول: الاستقالة؛ سيجبر نتنياهو على الاستقالة اذا ما ثبت أي اتهام ضده، وأصبح الان تحت رحمة المستشار القضائي للحكومة “أفيخاي مندلبليت”، فبقرار من الاخير يستطيع أن يجبر نتنياهو على الاستقالة وربما الابتعاد عن عالم السياسة.
الاحتمال الثاني: انهيار الحكومة من الداخل؛ قد يستغل بعض حلفاء نتنياهو وفي مقدمتهم موشيه كحلون، وزير المالية الإسرائيلي، موجة الاتهامات هذه ويقلبون الطاولة على نتنياهو، وينسحبون من الائتلاف الحكومي اليمني، وهو أمر ليس مستبعد خاصة اذا ما أخذنا بعين الاعتبار السمعة السيئة التي لحقت بالحكومة وجميع مكوناتها باعتبار رئيسها فاسد ويخضع للتحقيق بقضايا فساد، وعليه وفي مسعى لتبرئة صفحتهم من نتنياهو واعماله قد ينسحب بعض أعضاء ائتلافه للبقاء بصورة افضل في أي انتخابات مقبلة.
الاحتمال الثالث: انتخابات مبكرة؛ قد يلجأ نتنياهو الى ما يسمى عملية خلط الأوراق، وتجنب غدر الحلفاء في لحظات الضعف ولقائهم في منتصف الطريق بالقيام بالدعوة الى انتخابات نيابية مبكرة ولتجنب الفوضى والشرذمة المتوقعة ضمن حزبه وائتلافه الحكومي، خاصة أن استطلاعات الرأي تظهر حتى الآن تفوق نتنياهو على جميع منافسيه.
الاحتمال الرابع: استمرار الوضع الراهن؛ إمكانية تأجيل القرار النهائي للائحة الاتهام ضد نتنياهو لبداية العام 2019، ولكن كيف يمكن أن يحصل ذلك؟
لابد هنا لفهم هذا الاحتمال التذكير بآلية العمل القضائي في “إسرائيل”، فالمسار القانوني للقضايا مثل التي يوجهها نتنياهو بعد صدور توصيات الشرطة سيتضمن عدة خطوات إلى أن يصل إلى المستشار القضائي للحكومة، وزمن عمل المستشار بحسب التقديرات هو 3 أشهر كحد أدنى أي بحلول شهر أيلول/ سبتمبر من العام الجاري، واذا قرر المستشار تقديم لائحة اتهام فسيبقى لنتنياهو حق الاستماع وهي فرصة لتقديم ادعاءاته في القضايا، وهذا سيستغرق على الأقل 5 أشهر حتى القرار النهائي بتقديم لائحة اتهام أي حتى شباط/ فبراير من العام 2019، وفي حال قُدّمت لائحة اتهام، حينها فقط يبدأ النقاش العلني الجماهيري إذا كان نتنياهو يجب أن يستقيل من منصبه، إذاً هذه القصة سترافقنا لمدة طويلة.
بقي لنا أن نُذكر بأن نتنياهو الذي يوصف بأنه ثعلب السياسية الداخلية الإسرائيلية، تعرض في وقت سابق لعدة خضات مماثلة ولكنه خرج منها مثل الشعرة من العجين، فالأخير كان في عام 1997 موضع تحقيقات مماثلة وذلك أثناء ولايته الأولى كرئيس للوزراء، وحققت السلطات معه بشأن اتهامات محتملة بالاحتيال وخيانة الثقة. واتُهم نتنياهو بتعيين مدع عام من شأنه أن يوفر معاملة تفضيلية لحليف سياسي. وأوصت الشرطة باتهام نتنياهو، ولكن النيابة العامة رفضت توجيه اتهامات له. وبعد ذلك بعامين، كان نتنياهو قيد التحقيق مرة أخرى بتهمة الاحتيال، وهذه المرة لاتهامات حول متعاقد مع الحكومة. ومرة أخرى، لم توجه إليه تهم. ونفى نتنياهو ارتكاب أي مخالفات ووعد لأنه لن يذهب إلى أي مكان، على غرار الوعود التي يقطعها على نفسه اليوم.
المصدر / الوقت