التحديث الاخير بتاريخ|الإثنين, نوفمبر 18, 2024

التدخل الأممي في “اللجنة الدستورية”؛ يا أيها السوريون اتحدوا !! 

أسبوعان مرا على انعقاد أعمال مؤتمر الحوار الوطني السوري بمدينة سوتشي الروسية، الذي أضفى طابعا إيجابيا على مسيرة المفاوضات السياسية بين الحكومة والمعارضة السورية، ومهد الطريق نحو بدء خطوات فعالة وجدية في حلحلة الأزمة السورية بالرغم من وجود عقبات كان للهيئة العليا للمفاوضات دور كبير في إيجادها وتكريسها من خلال خلق حجج وذرائع لا تصب في صالح احد.

وبالمحصلة استطاع المجتمعون في سوتشي أن يقروا بتشكيل لجنة دستورية ترعاها الأمم المتحدة تبدأ بصياغة دستور مستقبلي لسوريا تمهيداً لإجراء انتخابات ديمقراطية في البلاد، وهذا بحد ذاته يعد إنجازا مهما لسوتشي حتى المعارضة أقرت به، وهناك رضى من جانب الحكومة السورية على مخرجات المؤتمر.

أما على مستوى الدول الراعية لهذا المؤتمر فقد كانت تصريحاتهم إيجابية على حد كبير حول هذا المؤتمر، حيث اعتبر كل من أردوغان وبوتين نتيجة مؤتمر “الحوار الوطني السوري” “مكسباً كبيراً رغم العقبات”، كما اعتبرا الخطوات المتخذة فيما يتعلق بتشكيل لجنة دستورية “أهم نتيجة حققها المؤتمر”.

ولكن حتى اللحظة لا يزال هذا المؤتمر محط جدل واسع في الأوساط السياسية، نظرا لعدة أسباب سنذكرها بالنقاط التالية:

أولاً: يحاول المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا خلال هذه المرحلة العمل على صيغة يتم من خلالها فرض وصاية أممية معينة على الحوار الوطني السوري، وهذا ما ترفضه دمشق جملةً وتفصيلا، ولا تسمح لأي أحد خارج إطار السوريين بالوصاية أو فرض شروط على الحوار الذي لا تريد الحكومة إلا ان يكون سوري_سوري.

وحول الجهود التي يقوم بها دي ميستورا مع المعارضة حاليا حول تشكيل اللجنة الدستورية وما قد ينتج عن هذه الجهود، استبقت دمشق هذه النتائج وأعلنت رفض الوصاية الأممية والتدخل في تركيبتها خارج إطار “سوتشي”، وعارضت الدولة السورية آلية التمثيل ووجود كل من هو غير سوري، معتبرة أنها غير ملزمة بأي لجنة ليست سوريّة ــ سوريّة، وللتأكيد فقد عقد معاون وزير الخارجية أيمن سوسان، مؤتمراً صحفيا في دمشق، أكد عبره أن بلاده “ملتزمة فقط فيما جرى التصويت عليه في مؤتمر الحوار الوطني في سوتشي، وهي غير ملزمة بأي لجنة ليست سوريّة ــ سوريّة، تشكيلاً ورئاسة وحواراً”.

ثانياً: من الجيد الآن ان المعارضة السورية لا تتحدث عن مدى شرعية مؤتمر سوتشي أو رفضه بالكامل، لأنها وجدت في سوتشي فرصة ذهبية قد لا تتكرر، حيث وجدت الأوساط المعارضة أن ما يجري في سوتشي هو تقدم جيد في مسار المفاوضات فلجنة دستورية مشتركة بين النظام والمعارضة بعد أن كان النظام يرفض في جنيف أن يجلس مع المعارضة في نفس الغرفة يعتبر أمراً جيداً للمعارضة وقد رأينا بعض المعارضين يطالبون باستثمار ذلك لأبعد حد ممكن.

ولكن وبالرغم من ذلك ما زالت الهيئة العليا للمفاوضات تضع عراقيل أمام نجاح سوتشي، عبر اعتراضها على حجم التمثيل هناك، وتتمحور نقطة الخلاف الرئيسية وفق الأوساط المعارضة، حول الثلث المعارض ضمن اللجنة، الذي تشترط “الهيئة العليا للمفاوضات” أن تحجزه لأعضائها بعيداً عن المعارضين الآخرين الذين حضروا “سوتشي”.

وجاء اعتراض “الهيئة” بعد ان انتشرت اخبار بأن الاقتراح الأممي حول تمثيل الأطراف في هذه اللجنة مقسم بين الحكومة السورية ولها ثلث الأعضاء، والثلث الثاني للمجتمع المدني والمستقلين والنساء، والثلث الأخير للمعارضة بأطيافها المختلفة، وأن حصة وفد الهيئة التفاوضية هي جزء من الثلث الأخير، وهذا ما أغضب قيادة “الهيئة” التي تريد الحصول على ثلث كامل دون الاهتمام بأي أطراف أخرى.

ثالثاً: على ما يبدو وجدت المعارضة ولا سيما “هيئة المفاوضات العليا” أن المشاركة في سوتشي هي لصالحها أولا وأخيرا، خاصة أن شعبية هذه الأوساط المعارضة بدأت تنحسر على الأرض بعد ان حرر الجيش السوري مساحات واسعة من البلاد وسيطرت على غالبيتها، وبالتالي فإن ما تسمح به الآن الحكومة السورية قد لا تسمح به مستقبلا.

وبالرغم من أنهم قاطعوا مؤتمر سوتشي إلا أنهم سيكونون جزءاً من اللجنة الدستورية وبالتالي هم يعترفون بالمؤتمر وما صدر عنه ويريدون أن ينخرطوا باللجنة الدستورية.

رابعاً: نص البيان الختامي للمؤتمر الذي عقد في 29 و30 من شهر كانون الثاني، على تشكيل لجنة دستورية تتكون من وفد الحكومة السورية ووفد معارض واسع التمثيل، “بغرض صياغة إصلاح دستوري يسهم في التسوية السياسية التي ترعاها الأمم المتحدة وفقا لقرار مجلس الأمن الدولي 2254”.

هذا الكلام وافقت عليه جميع الأطراف إلا انه سيبقى في إطار الكلام إلى حين البدء بتفعيل مخرجاته التي توافق عليها المشاركون في المؤتمر، وفي حال البدء بتفعيل هذه المخرجات سنشهد تقدما في المفاوضات السورية_ السورية إلى حد كبير وقد يتمخض عن ذلك خطوط عريضة للخروج من الأزمة السورية خلال برنامج يتم التصويت عليه والقبول به من جميع الأطراف.

ختاماً، نخشى ما نخشاه أن تقوم واشنطن بتنفيذ التمثيلية الكيميائية في ادلب واتهام الجيش السوري بذلك تمهيدا للضغط على دمشق بغية تمرير أي تدخّل في اللجنة الدستورية بعيداً عن مخرجات سوتشي.

المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق