التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, نوفمبر 17, 2024

مؤتمر المانحين .. ماله وما عليه ؟ 

عبدالرضا الساعدي
بعد انتهاء مرحلة مهمة من مراحل البلد المصيرية والتاريخية ، وهي الحرب على داعش الإجرامي والانتصار عليه بفضل تضحيات أبناء العراق الكبيرة ، وهي المرحلة التي اعتبرها العالم ، نقطة تحول كبرى في مسيرة البلد نحو الأمن والاستقرار والبناء ..بدأنا ننتظر مرحلة أخرى أهم وأكبر ؛ وهي مرحلة البناء والإصلاح والقضاء على الفساد.
لكن حجم التدمير والخراب الناتج عن هذه المعركة الطويلة والشاقة ، جسيم وهائل في بعض المناطق ، على صعيد البنى التحتية والسكانية والخدمات ، وهناك مشاكل مترتبة عديدة جراء ما حدث ، اقتصادية وصحية ومعيشية وإنسانية ،لتشمل حتى المحافظات البعيدة عن جو المعركة المباشر؛ بمعنى أن المحافظات الجنوبية من العراق والتي قدمت أبناءها وخدماتها وإمكاناتها في سبيل مواجهة داعش في نينوى وصلاح الدين والرمادي ، وغيرها من المحافظات الأخرى،كانت متأثرة ومتضررة بشكل غير مباشر أيضا ، وتستحق أن يشملها الاهتمام والرعاية والإصلاح .. ولكن ؟!
لقد وصفتْ معركة العراق ضد داعش ، كمعركة تحدث نيابة عن العالم بأسره ، العالم الذي كان مهددا من قبل هذا الوباء الخطير ، لهذا كانوا ينظرون باهتمام غير عادي إلى نتائجها والمرحلة التي تليها ، ولهذا بدأت فصول مؤتمر المانحين الذي أقيم مؤخرا في الكويت .. فكيف يمكن تقييم هذا المؤتمر ، وكيف يراه الشارع اليوم ؟
كثر الحديث والجدل حول إقامة هذا المؤتمر ، الذي أشرفت عليه 5 جهات من بينها العراق ، إضافة إلى الدولة المضيفة له وهي الكويت ، وصندوق النقد الدولي ، والاتحاد الأوربي ، والأمم المتحدة ، وكان سقف التوقعات والتكهنات المقرونة بالنتائج ،قبل انعقاده ، أكبر بكثير لدى السياسيين العراقيين والخبراء الاقتصاديين والمحللين ، لهذا جاءت ردود الفعل متباينة ، متفاوتة ، بعد انتهائه ، حيث كانت قيمة الأضرار المقدرة من قبل الجانب العراقي ما يعادل ال 88 مليار دولار ، بينما خرج المؤتمر ب 30 مليار مقسمة بين قروض واستثمارات وائتمانات ، كتعهدات من قبل الدول المانحة ، حيث يمكن أن توصف نتائجه من قبل بعض المحللين والسياسيين ، كسرا لأفق التوقع المحلي بشكل مخيب ، وربما كانت لدى بعضهم الآخر ، منطقية ومرضية وملبية للحاجة . . أما القسم الآخر من الآراء فقد خرج عن إطاره المادي والاقتصادي ليربطه بالجانب الانتخابي ، فقد اعتبر المؤتمر دعاية انتخابية للسيد العبادي !

ترى لماذا حصل هذا ؟ .. وما هي العوامل التي جعلت النظر إلى المؤتمر فيه الكثير من الارتياب والشكوك أو عدم الارتياح ، والعكس صحيح أيضا ،
هل كونه ليس ملبيا لحاجة العراق الحقيقية والفعلية في البناء والإصلاح ، أم المؤتمر انحرف عن مساره المفترض ، أم أنه لم يرضِ البعض من الذين كانوا يتوقعون أن المُنح ستدفع لهم كأموال ، بشكل مباشر هكذا ! _ بحسب وصف السيد رئيس الوزراء _ !..؟
أم ماذا ؟ ..
لكن الشارع يكاد أن يكون متفقاً في الرأي على أن الفساد المستشري في المؤسسات الحكومية والتشريعية كان أحد العوامل المهمة التي أوصلت المؤتمر إلى نتائجه التي انتهى إليها ، كما أنه راح يتساءل عن مدى جدية هذه الدول التي ساهم بعضها في تمويل داعش خلال المواجهة ،في الإيفاء بتعهداتها ، إضافة إلى قناعات هذا الشارع وإيمانه أن مهمة بناء البلد وإعادة إصلاحه وتعميره هي من مهمات أبنائه باستثمار قدرات البلد وإمكاناته الذاتية ، بدلا من ارتهانه لشروط وقيود وديون ثقيلة من هنا وهناك ،قد تكون غير مجدية في النهاية ، وهناك تجارب سبقتنا في هذا المجال ، وعلى سبيل المثال لا الحصر ، تجربة الجمهورية الإسلامية في إيران ، بعد الحرب ، كيف اعتمدت على قدراتها وإمكاناتها الذاتية في البناء والإعمار والتطور ، من دون اللجوء إلى الاستعانة بالغير ، فخرجت قوية من محنتها ومؤثرة في محيطها الدولي والإقليمي ، فلماذا لم نستفد من هذه التجربة ؟
في المستوى الآخر ، يشير بعض المحللين إلى أهمية المؤتمر من الجانب السياسي والإعلامي الذي سلط الضوء على قضية العراق ، وتغير الاتجاه والنظرة والتعامل معه ، من قبل بعض الدول التي كانت بالضد من النظام السياسي بعد 2003 ، وهذا يعتبر مؤشرا إيجابيا قد يسهم في تحسن العلاقات وتطويرها ومن ثم انعكاسه على الجانب الأمني والسياسي والإعلامي ، وما بين السلب والإيجاب وما بين الحقيقة والافتراض هناك فواصل زمنية وحدود عملية ستتضح فيما بعد وتتبين من خلالها كل الأوجه الحاضرة والغائبة للقضية ،متعلقين بآمال وتطلعات أكثر قوة ورسوخا للوصول للمستقبل المشرق، حتى وإن سبقتها القراءات والاستنتاجات المتفاوتة والمتناقضة ، أو بذلنا من أجل ذلك التعب والدماء ، لأننا بحاجة لوطن يليق بأبنائه المضحين المخلصين ، وليس مرتعا للفاسدين .

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق