دور بوتين في المواجهة الأخيرة بين إيران والکيان الإسرائيلي; الوهم الذي يجب على الکيان الإسرائيلي تجنبه
لقد شعرت روسيا بقلق عميق إزاء دقة الضربات الجوية للکيان الاسرائيلي وإمكانية استهداف القوات الروسية ومعداتها في سوريا. ومن بين المخاوف فيما يخص قاعدة T-4 الروسية القريبة من تدمر، هو المكان الذي تستقر فيه قيادة القوات المسلحة الايرانية، وهو المكان الذي تم إطلاق الصاروخ المُدمر للطائرة الإسرائيلية، وفقا لما ذكرته صحيفة هآرتس الإسرائيلية.
ودعا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الجانبين الى انهاء هذه المواجهة العسكرية التي حصلت مؤخراً بين إيران والکيان الاسرائيلي في سوريا من اجل منع حدوث أي ظروف خطيرة جديدة في المنطقة، وقد استجابت كل من إيران والکيان الاسرائيلي بشكل إيجابي لطلبه. وهذا ما قامت صحيفة هآرتس الإسرائيلية بتحليله وعرضه خلال الأيام القليلة الماضية.
وقالت الصحيفة انه بعد الغارة الجوية الاسرائيلية الثانية على القوات والمعدات السورية والايرانية في الأراضي السورية، قام مسؤولون عسكريون اسرائيليون بخلق خط عسكري جديد ويبدو انهم يتهيؤون لشن المزيد من الهجمات ضد سوريا. الا ان مكالمة هاتفية بين نتنياهو وفلاديمير بوتين انهت بشكل سريع النقاشات حول عمليات عسكرية واسعة النطاق.
وقالت صحيفة هآرتس في اتصال هاتفي بعد ساعة من البيان الرسمي لوزارة الخارجية الروسية، إن روسيا اتهمت “إسرائيل” بانتهاك حدود سوريا، وطالب بوتين نتانياهو بتجنب أي خطوات تسفر عن “تصعيد الوضع في المنطقة وتؤدي الى تبعات خطيرة”.
لكن على ما يبدو لم يكن هذا هو الجزء الوحيد من القصة، فقد شعرت روسيا بقلق عميق إزاء دقة الضربات الجوية للکيان الاسرائيلي وإمكانية استهداف القوات الروسية ومعداتها في سوريا. ومن بين المخاوف فيما يخص قاعدة T-4 الروسية القريبة من تدمر، هو المكان الذي تستقر فيه قيادة القوات المسلحة الايرانية، وهو المكان الذي تم إطلاق الصاروخ المُدمر للطائرة الإسرائيلية، وفقا لما ذكرته صحيفة هآرتس الإسرائيلية.
ووفقا لصحيفة “هآرتس”، فإن الهدوء الذي ساد المنطقة بين إيران و”إسرائيل”، بعد الاتصال بين بوتين ونتنياهو الهاتفية أظهر مرة أخرى من هو سيد الموقف الحقيقي في الشرق الاوسط. فيما لا تزال الولايات المتحدة طرفاً “حاضراً غائباً” في الشرق الأوسط، وأن روسيا هي من تملي مسارات سير الأمور في المنطقة.
وقد بذلت روسيا جهوداً جبارة للحفاظ على بشار الأسد في سوريا، وسوف لن تسمح للکيان الاسرائيلي بإحباط هذا المشروع الاستراتيجي بسهولة. ويمكن فهم مفاد هذه الرسالة من الاتصال الهاتفي بين بوتين ونتنياهو.
هذا لا يعني بطبيعة الحال أن الکيان الاسرائيلي لا يملك ضغوط مساومة خاصة به، ولا يزال قادراً على إشراك سوريا في دورة دراماتيكية أخرى، ولكن من المشكوك فيه أن نتنياهو سيحرص على مواجهة الروس. فإن مواجهته مع إيران وحدها تكفي له.
من وجهة نظر صحيفة هآرتس، أدى تدمير طائرة مقاتلة من طراز F-16 الإسرائيلية إلى مواجهة إيران وسوريا بأكبر إنجاز إعلامي لها. وكان طيار الطائرة يحلق في ارتفاع جعل من الممكن للصاروخ أن يضربها ويغافلها في هذه الحالة.
ومن وجهة نظر إيران، فإن هذه العملية، التي جرت دون أي اعتماد على القوات الجانبية، مثل حزب الله، هي نجاح كبير في المنطقة. وقد تم ترجمة هذا النجاح سريعا إلى توازن القوى، حيث لم تعد إيران تسمح للکيان الاسرائيلي بشن عمليات جوية في سوريا كلما شاء ذلك.
ووفقا لصحيفة هآرتس، على الرغم من أن الغارات الجوية وقصف “إسرائيل” تسببت في أضرار كبيرة لقوات ومعدات بشار الأسد، فإن إنجاز تدمير المقاتلة الإسرائيلية الرمزي كان يستحق كل هذا.
بعد ذلك، وقعت حادثتان أخريان: إحداها هي تحليق طائرة بدون طيار إيرانية على الحدود الإسرائيلية، والأخرى استهداف طائرة ايرانية بدون طيار في سوريا من قبل “إسرائيل”. وهذان الحدثان يظهران أن الکيان الاسرائيلي عبر الحواجز النفسية ضد نفوذ إيران في سوريا – بعد شهور من التهديدات.
ومن ثم طرحت صحيفة هآرتس سؤالا مفاده، ان وبعد كل هذه الأحداث، وبعد أن أظهرت إيران قدرتها على المواجهة وهجومها المعاكس، ماذا سيكون ردة فعل “إسرائيل” على المجريات اللاحقة فيما يخص إرسال مُعدات عسكرية الى حزب الله اللبناني من قبل إيران؟ وهل ستنجم ردة الفعل هذه عن زيادة التوتر والصراع؟ وأجابت الصحيفة أنه حتى لو كانت ضربات المقاتلات الإسرائيلية المستقبلية أكثر دقة وحذرا، فسيظل هناك خطأ حسابي.
ونقلت صحيفة “هآرتس” عن رئيس هيئة الاركان المشتركة الاسرائيلية غادي “ايزنكوت” قوله في تقريره الاخير الشهر الماضي ان النجاح الاسرائيلي الاخير في مهاجمة وتدمير المعدات الإيرانية والسورية وحزب الله زاد من احتمال ان يقوم الطرف الاخر بردة فعل يجعل الحرب أمراً لا بد منه، وهذا ما حدث في نهاية الأسبوع الماضي.
وتقول صحيفة “هآرتس” إنه على الرغم من إزالة ظل الحرب من المنطقة في نهاية الأسبوع، إلا أن المواجهة العسكرية مع إيران لم تنته أبدا، وهي ليست سوى مسألة وقت. ووفقا لمحلل الصحيفة، على الرغم من أن الأصوات الغريبة تقول إن “إسرائيل” يجب أن تقضي على سوريا أولا ثم تذهب نحو إيران، والوصول حتى الى حدودها، فيجب على “إسرائيل” تجنب هذه الفكرة تماما. ووفقا لهذه الصحيفة، يجب على “إسرائيل” أن لا تتوهم أبدا بامتلاكها قوة عسكرية جامحة.
المصدر / الوقت