التحديث الاخير بتاريخ|السبت, ديسمبر 21, 2024

عملة افتراضية تغزو العالم ! 

عبدالرضا الساعدي
كل شيء أصبح قابلا للتداول ، اليوم ،على ما يبدو، وكثير من الأمور تبدو مقبولة ربما في المجالات الاجتماعية والسياسية وغيرها وبشكل افتراضي أيضا ، لكن أن نصل إلى مرحلة التداول الافتراضي في الاقتصاد والأسواق والعملة تحديدا ، فتلك قضية مختلفة وغامضة وتحتاج إلى تسليط الضوء وبعض التفاصيل الضرورية لمعرفة ذلك.
ما يدعونا لهذا المدخل هو بروز عملة افتراضية ( وهمية ) تدعى ( البيتكوين ) ، لم نكن نعرفها من قبل ولم نسمع عنها رغم أنها طرحت ،كفكرة ، أولا ، من قبل شخص اسمه – ساتوشي ناكاموتو- في ورقة بحثية في عام 2008، وطرحت للتداول للمرة الأولى عام 2009 .

العملة كما توصف في المفهوم العلمي أو المصرفي ، هي ((عملة معماة ، ونظام الدفع فيها عالمي يمكن مقارنتها بالعملات الأخرى مثل الدولار واليورو وغيرها ، لكن مع اختلافات وفوارق مهمة أساسية ، من أبرزها أن هذه العملة هي عملة إلكترونية بشكل كامل تتداول عبر الإنترنت فقط من دون وجود مادي لها )) ، بمعنى أنها عملة الكترونية يتم تداولها عبر النت فقط .. وهي أول عملة رقمية لامركزية غير خاضعة لرقابة أو جهة حكومية أو مصرفية ، و من الممكن استخدام هذه العملة في أشياء كثيرة منها شراء الكتب و الهدايا أو الأشياء المتاح شرائها عن طريق الانترنت وتحويلها لعملات أخرى مثل الدولار أو اليورو .

قيمة (البيتكوين ) ليست مستقرة ، بين صعود وهبوط ، ولها إيجابيتها وسلبياتها طبعا ،
ومن بين الإيجابيات هي ( السرعة ، الرسوم المخفضة ، والعالمية ) ، بينما يرى بعض خبراء الاقتصاد الجوانب المثمرة في هذا النظام الاقتصادي ، ‘‘ إذ يمكن القول إن الحافظات النقدية الرقمية هي الوجهة الحقيقية والبوابة الأوسع لتنمية الاقتصاد المعرفي والاستثمار الثقافي فبقدر ازدهار التعاملات النقدية الإلكترونية فإن حجم اقتصاديات المعرفة وأسواقها سيكون مزدهراً لا محالة لأن المادة الرقمية موجودة في متناول الناس متزامناً مع اعتيادهم على تدبير أمور حياتهم عبر الشبكة الافتراضية، فيكون توجه كل صاحب علم ومعرفة نحو هذا السوق محققاً لحالة تفاعل اقتصادي حقيقي وبين كل وقت ووقت ستضخ هذه الأسواق دماء جديدة في كل المجالات ولها مستقبل مشرق حتماً ‘‘.
أما أول سلبياتها فهي سرية العملة و تشفيرها، رغم أنها تعتبر ميزة مهمة ، إلا أنها مقرونة ببعض المخاطر كونها تعطي بعض السهولة للعمليات المشبوهة على الانترنت ، ومنها عمليات التجارة بالمخدرات .
وبخصوص تعامل الدول مع عملة البيتكوين ، فقد حذرت كثير من الدول التعامل بهذه العملة الافتراضية الرقمية ومنعت التعامل بها ، بل أن هناك دولا عربية حرمت التداول أو التعامل بها كمصر مثلا ، حيث حرّم مفتي مصر تداول عملة “البيتكوين” الافتراضية معتبرا إياها وسيطا غير مقبول للتبادل وتشتمل على أضرار “الغرر والجهالة والغش الخفي”.
ووفق هذا المفهوم فقد أعتبر شيوع هذا النظام غير المنضبط يخل بمنظومة نقل الأموال التقليدية والتعامل فيها كالبنوك ويسهل بيع الممنوعات وغسل الأموال والتهرب من الضرائب، ويؤدي لإضعاف قدرة الدول على الحفاظ على عملتها المحلية والسيطرة على حركة تداول النقد واستقرارها.
في حين تعد –ألمانيا- الدولة الوحيدة التي اعترفت رسميا بعملة البيتكوين على أنها نوع من النقود الإلكترونية، أما في كندا فقد وضعت أول ماكينة صراف آلي للبيتكوين في مدينة فانكوفر، بمقاطعة بريتيش كولومبيا بكندا عام 2013، وتسمح للمستخدمين بشراء العملات الرقمية أو بيعها ، بينما سمحت هيئة سوق المال الأمريكية ، نهاية العام الماضي ومطلع هذا العام ، لشركتين من الشركات التقليدية العاملة في أنشطة الأوراق المالية ، وهما مجموعة سي إم إي وسي بي أو إي غلوبال ماركت، بالبدء في إتمام عقود مالية بعملة بيتكوين.
يختلف الوضع القانوني للبيتكوين بشكل كبير من بلد إلى آخر ولا يزال غير محدد في كثير منها ، وبخصوص العراق فإنّ البنك المركزي يتعامل مع عدد محدود من العملات المعروفة والمتداولة عالمياً ، كالدولار واليورو والباوند الاسترليني والين الياباني وعملات أخرى معروفة في السوق المالية الدولية، التي تجري بها معاملات واستثمارات ولها احتياطيات دولية وتُدار بها التجارة الخارجية المعلومة، لذلك لا يتعامل هذا البنك إلا مع عملة صادرة عن مؤسسة معلومة ورسمية لتجنب المخاطرة من تداول العملات غير المعروفة ،
ومن الجدير بالذكر أن البنك المركزي العراقي قد حذّر في وقت سابق ،في بيان رسمي له ، من التعامل مع عملة البتكوين Bitcoin، مؤكدا أن “هذه العملة تنطوي على مخاطر عدة قد تنجم من تداولها لاسيما فيما يتعلق بالقرصنة الالكترونية والاحتيال ،على الرغم من عدم وجود رواج لها داخل العراق”، مشيرا الى انه “يؤكد بضرورة عدم استخدامها وإخضاع المتعاملين بها لأحكام قانون غسل الأموال رقم (39) لسنة 2015 والقوانين ذات العلاقة بهذا الخصوص”.

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق