داعش والنصرة وجيش الإسلام.. إخوة المنهج الذين فرّقتهم المصالح
كثرٌ هم المُسوقون للمجموعات الإرهابية الموجودة في الغوطة الشرقية لدمشق على أنّها فصائل معتدلة، ومن المُسوقين لتلك الإسطوانة المشروخة العديد من الدول ولا سيما السعودية وقطر وتركيا والولايات المتحدة الأمريكية وعدد من الدول الأوروبية، غير أنّ ممارسات تلك الفصائل “المعتدلة” أثبتت غير مرّة أنها لا تختلف عن نظرائها من تنظيم داعش الإرهابي أو تنظيم القاعدة، بل على العكس؛ فقد فاقت تصرفات تلك المجموعات “المعتدلة” في بعض الأحيان تصرفات وأساليب داعش والقاعدة، بل إنهم متقدمون عليها بأساليب إجرامية جديدة لم يعهدها السوريون قبلاً.
إرهابي مُدرن
بالعودة إلى بداية تشكيل تلك الفصائل يتبيّن للعيان أنّ تنظيم “جيش الإسلام” على سبيل المثال، عمل على استهداف العاصمة دمشق منذ إعلان تشكيله بآلاف مدافع الهاون والقذائف الصاروخية، ولقد سقط عشرات الشهداء نتيجة تلك الاستهدافات حتى اليوم.
وبعيداً عن تلك الاستهدافات غير المُبررة، لم يألُ “جيش الإسلام” جهداً في محاولة تثبيت وجوده، من خلال عمليات القتل المُمنهج التي قام بها بحق أهالي الغوطة من المعارضين لوجوده بينهم، أو المعارضين لنهجه المتشدد، ومن أبرز عمليات القتل التي جرت على يد جيش الإسلام ما فعله بما كان يُعرف سابقاً بـ “جيش الأمة” حيث قتل المئات منهم لمجرد أنّهم باتوا يُشكلون قوّة قد تنافسه مستقبلاً على الانفراد بحكم الغوطة الدمشقيّة.
وما زال أهالي الغوطة يتحدثون عن شاحنات المساعدات التي قُدمت من خلال الهلال والصليب الأحمر والتي قام عناصر جيش الإسلام الإرهابي بنهبها عن بِكرةِ أبيها، الأمر الذي دفع سكان الغوطة للخروج بمظاهرات اتهمت التنظيم بإخفاء الكثير من المواد الغذائية ومنعها عن السكان.
إخوة المنهج
مُراقبون أكدوا أنّ لائحة المجموعات الإرهابية الصادرة عن مجلس الأمن كان يجب أن تتضمن فصيل جيش الإسلام الإرهابي، حيث إنّ انتهاكاته لا تقلّ إجراماً عن نظرائه في داعش والقاعدة، ومن ناحية أخرى يؤكد المراقبون أنّ أفكار جميع التنظيمات الإرهابية تنبع من مصدرٍ واحد، فهم “إخوة المنهج” يستقون أفكارهم من معينٍ واحد.
ويرى عدد من السوريين أنّ إخراج داعش من الغوطة الشرقية ما هي إلّا تمثيليّة أحسن جيش الإسلام أداءها، غير أنّ السؤال الذي يجب أن يُطرح هو أين ذهب عناصر داعش الذين كانوا في الغوطة؟، ليأتي الجواب من داخل الغوطةِ نفسها، حيث يؤكد ناشطون أن تلك العناصر أعلنت انضمامها إلى جيش الإسلام، وكأن الانضمام إلى هذا الفصيل يجبُّ ما قبله من جرائم.
أما العناصر التي رفضت الانضمام إلى جيش الإسلام فقد تمّت تصفيتها، وما يُثبت أنّ هذا التنظيم لا يختلف عن داعش شيئاً؛ أنه قام بقتلهم على الطريقة الداعشية المشهورة دون أي اعتبار لكونهم أسرى حرب، وإذا كان يدلُّ هذا الأمر على شيء إنما يدلُّ على أنّ كلا التنظيمين لا يختلف عن الآخر إلا باختلاف المصالح بينهم.
حقوق الإنسان.. ليست للسوريين
ما إن يتم الحديث عن “حقوق الإنسان” حتى يقف السوريون مشدوهين فاغري أفواهم، فهي -حقوق الإنسان- متاحةٌ لكل سكان الأرض إلا للسوريين، فأحد لم ينبس ببنت شفة جراء ما لاقاه السوريون طوال سنينٍ ست نتيجة استهدافهم بقذائف المجموعات الإرهابية المنتشرة في الغوطة.
وبعيداً عن استهداف دمشق بالقذائف، يتساءل السوريون عن مصير الناشطة المدنية رزان زيتونة ورفاقها الذين اعتقلهم جيش الإسلام الإرهابي منذ سنوات، كما أنّ اختفاء زيتونة ليس الانتهاك الوحيد لحقوق الإنسان السوري، بل وصلت انتهاكات حقوق الإنسان إلى إعدام العشرات من المدنيين في مدينة عدرا العمالية، وخطف العشرات من النساء والأطفال من المدينة، واستخدامهم كدروع بشرية، بعد وضعهم في أقفاص نُشرت على أسطح المباني وفي طرقات مدينة دوما.
أما السعودية وهي “الراعي الرسمي” لتنظيم جيش الإسلام الإرهابي؛ فقد حمّلها السوريون المسؤولية الكاملة عن الجرائم التي يقترفها هذا التنظيم بحق دمشق وغوطتها وساكنيها، حيث إنّ –جيش الإسلام- يأتمر بأمرها ويتلقى الدعم منها وينفذ خططها في محيط دمشق، فقد أقدم “جيش الإسلام” على اعتقال وتصفية عشرات المسلحين من الغوطة الشرقية بعد أن قرروا تسليم أنفسهم إلى الحكومة السورية، الأمر الذي رأت فيه السعودية تهديداً لوجود جيش الإسلام، كما أنّ قيام البعض بتسليم أنفسهم قد يُشكل نموذجاً للمسلحين في الغوطة.
وفي الختام لا بدّ من ذكر الاستهداف الكيماوي للغوطة الشرقية والتي اتُهمت به الحكومة السورية، غير أنّ تقارير استخباراتية غربية أكدت ضلوع جيش الإسلام بهذا الاستهداف، والذي كان يهدف إلى جر الدول الغربية لاستهداف الجيش السوري، وما الإشاعات التي نسمعها اليوم إلّا استمرار لتلك الأكاذيب.
كما أنّه من الواضح أنّ المجموعات الإرهابية الموجودة في الغوطة الشرقية باتت تشكّل رأس حربةٍ لإبقاء الغوطة الشرقية بؤرة إرهابية وهو ما تُريده الدول التي ترعى الإرهاب، وأنّ الرعاة يستخدمون هذه المنطقة كمنصّةٍ لتهديد العاصمة دمشق، وأنهم –الإرهابيون- ليسوا إلا أداة لتنفيذ هذه الرغبات.
المصدر / الوقت