مجلة أمريكية تکشف عن تعاون أمريكي إسرائيلي لاغتيال العلماء الإيرانيين
في مايو/ أيار من العام 2003، أعلن نائب رئيس الموساد عن برنامج سري خاص برؤساء أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية، وجاء هذا البرنامج نتيجةً لجهود صهيونية استمرت مدة 4 أشهر، تضمّنت استراتيجية سرّيّة للغاية ومتكاملة بهدف وقف تقدم إيران في مجال التكنولوجيا النووية.
واليوم بينما يقوم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالتخطيط لتقويض الاتفاق النووي بين إيران والدول الخمس الكبرى+ ألمانيا، فلا بدّ من النظر إلى الجهود العدائية التي بذلها جهاز الاستخبارات الإسرائيلي “الموساد” والتي هدف من خلالها إلى تقويض القوة النووية الإيرانية.
الخيارات الإسرائيلية
“تامر باردو” و”مائير داغان” رئيسا جهاز الاستخبارات الإسرائيلية السابق (الموساد) أكدا حسب ما نقلت مجلة “بوليتيكو-السياسة” أن الفرضية الأساسية تقوم على أنّ دولة مثل إيران ذات تكنولوجيا متقدمة وموارد غنية ستتمكن في النهاية من إنجاز برنامجها النووي، وبعبارة أخرى بحسب قول رئيسا الموساد: “إن الإيقاف الفوري للبرنامج النووي الإيراني لا يمكن أن يتم إلا بتغيير الهوية السياسية السائدة والتفكير السياسي في إيران”.
وأضاف باردو: “في مثل هذه الحالة، كان لدى إسرائيل ثلاثة خيارات: أولاً، الهجوم على إيران والسيطرة عليها، ثانياً تغيير الحكومة في إيران، وثالثاً إقناع الحكومة الإيرانية الحالية بأنّ الفاتورة التي ستدفعها في حال استمرت بهذا البرنامج ستكون أكبر من تكلفة الاستمرار به.
ولأن الخيارين الأول والثاني غير واقعيين وغير متوقعين أيضاً، فإن الخيار الوحيد المتبقي هو الخيار الثالث، وبناء على ذلك، قرّرت وكالة الاستخبارات الإسرائيلية استخدام كل ما بوسعها بما في ذلك الإجراءات السريّة والواضحة أيضاً، بالإضافة إلى ممارسة مزيد من الضغوط على طهران، وذلك لتصل في نهاية المطاف إلى إجبار طهران على وقف برنامجها النووي؛ وفي النهاية بحسب المجلة، ستتفهم السلطات في إيران أنّ البرنامج النووي قد لا يكون على قدر كافٍ من القيمة والأهميّة.
استراتيجيّة الموساد
وأشارت المجلة إلى أنّ الموساد الإسرائيلي أكد على أنّ مواجهة البرنامج النووي الإيراني مبنيّة على منهج واحد يتضمن خمس خطوات، أولها تكثيف الضغوط الدبلوماسية الدولية والعقوبات الاقتصادية، بالإضافة لدعم مثيري الشغب في إيران للمساعدة في تغيير نظام الحكم في البلاد، وتدمير شحنات المعدات والمواد الخام اللازمة للنهوض بالبرنامج النووي، أما الخطوة الخامسة والأكثر سريّة وخطورة فتقوم على العمليات السرية، بما تتضمنه من تخريب وتعطيل المنشآت واغتيال الشخصيات الرئيسية في البرنامج النووي الإيراني.
أبعاد النهج المذكور أعلاه انعكست وبشكل خاص على العمليات السرية والتخريبية، ومن أبرز هذه الأمثلة أن بدأت أجهزة الاستخبارات الصهيونية باغتيال العلماء الإيرانيين في المجال النووي، غير أنّ إسرائيل لم تعترف قبلاً باغتيال أي من العلماء الإيرانيين، وتؤكد المجلة أنّ هذه هي المرة الأولى التي تحدث فيها أكبر عميلة لجهاز الاستخبارات والتجسس وبالإضافة إلى العمليات السياسية والدبلوماسية والتي هدفت جميعها إلى إيقاف حصول إيران على التكنولوجيا النووية.
تعاون على الاغتیالات
ودعماً لهذه الأعمال التي استهدفت إيران؛ وقّع الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش ورئيس الوزراء الإسرائيلي السابق ايهود اولمرت اتفاقاً ثنائياً للتعاون بين وكالة المخابرات المركزية الأمريكية وجهاز الموساد الإسرائيلي ووكالة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية “أمان”، ويقول خبراء حول هذه الاتفاقية أنّها صفقة غير عادية بين واشنطن وتل أبيب، فحتى البلدان التي تمتلك أوثق الروابط والعلاقات فيما بينها، ستعتبر هكذا اتفاقية استخباراتية غير طبيعية.
التحالف الاستخباراتي بين الولايات المتحدة وإسرائيل؛ وضع كل جهوده في مواجهة التقدم في البرنامج النووي الإيراني، بما في ذلك فرض عقوبات اقتصادية شديدة، مع مواجهة استيراد السلع اللازمة لهذا البرنامج، ومن بين هذه العمليات التخريبية التي قام بها الحليفان محاولة تدمير المنشآت النووية الإيرانية وتعطيل تشغيل أجهزة الطرد المركزي، ومن أكبر وأهم الجهود المشتركة لوكالات الاستخبارات بين واشنطن وتل أبيب ضد طهران استخدام برمجيات “ستوكس نت” الخبيثة لتعطيل منشأة “نطنز” لتخصيب اليورانيوم.
وعلى الرغم من كل ما سبق؛ واصل الإيرانيون عملهم وبقوّة، كما واصل الموساد الإسرائيلي حرب الاغتيالات ضد العلماء النوويين الإيرانيين، حيث أكدت مصادر صهيونية عدّة أن وكالة الموساد الإسرائيلي أقرّت خطة بعلم وكالة الاستخبارات الأمريكية لتنفيذ عدّة اغتيالات بحق العلماء النوويين الإيرانيين، حيث وضع الموساد الإسرائيلي أسماء أهم العلماء النوويين الإيرانيين على لائحة الاغتيالات، وقام بقتل خمسة علماء إيرانيين هم: “مسعود علي محمدي، مجيد شهرياري، داريوش رضايي نجاد، مصطفى أحمدي روشن ورضا قشقايي”.
ختاماً وعلى الجانب المقابل عمل جهاز المخابرات الإيراني على كشف وإحباط عدّة اغتيالات قبل وقوعها كان جهاز الموساد يخطط لتنفيذها، وتؤكد المجلة أنّ اغتيال العلماء لا يُعتبر مشروعاً في أي قانون أو في أي دولة، كما أنّه وبموجب الدستور الأمريكي؛ فإن اغتيال العلماء يُعدّ أمراً غير قانوني وغير شرعي، الأمر الذي دفع وكالة المخابرات المركزية الأمريكية إلى نفي التعاون مع الموساد في اغتيال العلماء الإيرانيين.
المصدر / الوقت