الغوطة تلفظ الإرهاب؛ جيش الإسلام وحيد ينتظر عودة الباصات الخضراء
انفرط عقد المسلحين في الغوطة الشرقية وكرّت مسبحة التسويات، إذ لم تمضِ إلا ساعات قليلة على بدء سريان اتفاق حرستا القاضي بإخراج مسلحي “حركة أحرار الشام” وعوائلهم إلى الشمال السوري حتى دخل “فيلق الرحمن”، الذي يسيطر على جيب الغوطة الجنوبي، على الخط وأعلن التوصل إلى اتفاق مماثل ليبقى مسلحو “جيش الإسلام” في دوما وحيدين ينتظرون دورهم في ركوب قطار التسوية وركوب الباصات الخضراء أيضاً.
وما إن كانت محركات الباصات الخضراء التي تقل 1500 مسلح و6000 من أفراد أسرهم من مدينة حرستا في الغوطة الشرقية تدور، حتى أعلن التوصل إلى اتفاق مماثل في بلدات جوبر وعين ترما وعربين وزملكا، وحزم مسلحو “فيلق الرحمن” حقائبهم بانتظار عودة الحافلات التي تقلّ مسلحي “حركة أحرار الشام” إلى شمال البلاد، مستعدين لموسم الهجرة إلى إدلب.
وقال التلفزيون السوري إن الفصائل المعارضة المسيطرة على حي جوبر وبلدات عين ترما وزملكا وعربين وافقت على تسليم المنطقة إلى القوات الحكومية والخروج إلى محافظة إدلب، وذكر التلفزيون السوري أن الاتفاق المبرم بين الطرفين يقضي بتسليم المسلحين المنطقة وأسلحتهم الثقيلة والمتوسطة للجيش مقابل ضمان خروجهم الآمن إلى إدلب مع عوائلهم، وعددهم الإجمالي نحو سبعة آلاف شخص ممن لا يرغبون في تسوية أوضاعهم.
وأشار التلفزيون السوري إلى أن الصفقة تقضي أيضاً قيام المسلحين بالإفراج عن المختطفين المحتجزين لديهم، حيث ستسلم الفصائل المسلحة لوائح أسماء المخطوفين صباح السبت إلى الجانب الروسي، وستسلم أيضاً خريطة الأنفاق والألغام في المنطقة، في نفس اليوم الذي ستغادر فيه إلى إدلب.
التطورات الأخيرة جاءت بعد مواجهات عنيفة مع الجيش السوري على مدار الأيام الماضية حيث تمكّنت القوات الحكومية من إحكام السيطرة على كامل وادي عين ترما ودخول البلدة والسيطرة على مجموعة من الأبنية فيها، وتوصل عناصر “فيلق الرحمن” بعد ذلك إلى قناعة بأن الجيش السوري حسم أمره، وأن مسألة تحرير المنطقة مسألة وقت ليس أكثر، فإما الرحيل إلى إدلب أسوة بمن سبقهم، أو حفر قبورهم بأيدهم وأيدي أهالي المنطقة الذين ذاقوا طعم الذلّ والقمع بعدما تحوّل السلوك العنيف إلى جزء أساسي من الشخصية العنيفة للمسلّح في الغوطة خصوصاً، وسوريا عموماً، وصار المسلح جلاداً بكل معنى الكلمة، دفع بأهالي المنطقة إلى الارتماء في أحضان الجيش السوري هرباً من بطشه وجوره وهو ما رأيناه بشكل مباشر لحظة خروج أكثر من 90 الف مدني من أهالي الغوطة وتوقهم للوصول إلى حواجز الجيش السوري.
الاتفاق الجديد الذي أبرم مع فيلق الرحمن سيتيح للجيش السوري استعادة السيطرة على جيب محاصر من قبل المسلحين في غوطة دمشق الشرقية، لتبقى بعد ذلك مدينة دوما الخاضعة لجيش الإسلام آخر معقل للمعارضة المسلحة في المنطقة، في وقت جرى الحديث فيه عن توصل الجيش السوري إلى اتفاق أوّلي مع هؤلاء المسلحين، يتم خلاله تحرير 3500 مخطوف كانوا محتجزين لدى الجماعات الإرهابية في مدينة دوما بالغوطة الشرقية لدمشق وتحديداً في “سجن التوبة “ذائع الصيت، بالإضافة إلى إجلاء 3000 حالة إنسانية أيضاً ضمن أحد بنود الاتفاق الذي تم التوصل إليه بين الجهات المعنية من الحكومة السورية والإرهابيين في دوما.
وفي هذه الأثناء أعلن المتحدث باسم مركز المصالحة اللواء فلاديمير زولوتوخين، أن عسكريين روس من المركز عقدوا بوساطة أممية، لقاءً مع قيادات “جيش الإسلام” بهدف التوصل إلى اتفاق على خروج مسلحيه من الغوطة، وأشار المسؤول الروسي إلى أن مركز المصالحة يجري مفاوضات مع سلطات عدد من قرى وبلدات الغوطة بغية تقديم المساعدات إلى المدنيين وضمان خروجهم الآمن عبر الممر الإنساني في مخيم الوافدين، وأضاف إن المنفذ الإضافي لا يزال يعمل في محيط بلدة جسرين جنوب الغوطة، حيث أقيم مركز طبي ومركز تقديم وجبات ساخنة، وتنتظر وسائل النقل المدنيين لنقلهم إلى مناطق آمنة.
جيش الإسلام أكد خبر التفاوض مع روسيا عبر الأمم المتحدة، مشيراً إلى أن الاتفاق الذي تم التوصل إليه حتى الآن يقضي بعملية إجلاء المصابين على دفعات للعلاج خارج الغوطة نظراً لما أسماه ظروف الحرب، فيما توقّع مراقبون أن يتم الإعلان عن الاتفاق النهائي على خروج مسلحي دوما خلال الساعات القليلة القادمة بعد الانتهاء من تطبيق اتفاق التسوية في حرستا وعربين وجوبر ويكون بذلك مسلحو جيش الإسلام آخر الراكبين في باصات التسوية الخضراء التي ستودّع دمشق وغوطتها بشكل نهائي.
المصدر / الوقت