الحريري يقبّل يداً صفعته بتسمية شارع سلمان بن عبد العزيز وسط بيروت
بالتزامن مع نشر مجلة “ذي نيويورك” الأمريكية تفاصيل جديدة حول “محنة سجن” رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري في الرياض، قرر الأخير توجيه الشكر للسجان وتسمية أحد الشوارع وسط بيروت باسم الملك ردّاً على “كرم الضيافة” و”خفة اليد”.
ورغم أن افتتاح الشارع كان في الثالث من شهر نيسان الحالي إلا أن الموضوع ليس “كذبة نيسان” أبداً، نعم الحريري قرّر ومعه بلدية بيروت مكافأة “طويل العمر” وابنه المدلل على إنجازاتهما النوعية التي قدّمت الخراب والدمار ليس للبنان فقط بل لكل الدول العربية بما فيها السعودية نفسها، ومكافأة محمد بن سلمان “على الكفين” اللذين تلقاهما الحريري في الرياض يوم إجباره على إعلان استقالته واحتجازه في المملكة.
اسم الملك السعودي سيمتد على الشارع من ميناء الحصن حتى خليج السان جورج في بيروت، تكريماً لإنجازات الملك وابنه فهي عابرة للحدود كما تعبر طائراتهما يومياً لقتل مئات المدنيين في اليمن، وكما تعبر طائرات “أصحاب السمو” بالمخدرات من مطار رفيق الحريري الدولي.
ولاقى “احتفال الحريري وأنصاره” بـ”الشارع السعودي” وسط بيروت استنكاراً كبيراً في لبنان، وتساءل اللبنانيون عن ماهية الصور التي تعلّق على شارع الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز في بيروت هل هي صورة ابنه أم صورتهما كليهما بجانب صور الجرائم والمجازر التي لاتزال ترتكبها السعودية بحق الشعب اليمني أم صور الأطفال الذين يموتون جوعاً في اليمن نتيجة الحصار أو ربما صور ضحايا الإرهاب الممول سعودياً في كل من سوريا والعراق وصور خراب البلدين جراء المال السعودي حيث إن “الأيادي البيضاء” للملك وابنه كثيرة ولن تتسع لها الطرقات بيروت كلها.
وبالإضافة إلى ذلك، وفي خروج على الأعراف الدبلوماسية، قام الدبلوماسي “وليد البخاري” بتوجيه دعوات رسمية بالبريد، ويدوياً وعبر الهاتف لمئات الشخصيات اللبنانية للمشاركة في احتفال تسمية شارع أو “زاروب” في العاصمة باسم سلمان بن عبد العزيز في خطوة لاقت استنكاراً لبنانياً واسعاً وتساءلت وسائل الإعلام اللبنانية عن صفة “البخاري” الذي من المفترض أنه “ضيف” ليقوم بتوجيه الدعوة لأهل البلد أو أن يقوم قبل أيام بإمامة صلاة جمعة في مدينة بعلبك وعن دوره الحقيقي في لبنان.
وتزامن الاحتفال الذي أقامه الحريري لتدشين الشارع مع معلومات جديدة تروي فصول اعتقاله في الرياض وإجباره على تقديم استقالته، حيث نشرت مجلة “ذي نيويورك” الأمريكية، على موقعها الالكتروني، مقالاً مطولاً للكاتب، دكستر فيلكنز، يتناول فيه سياسة وليّ العهد محمد بن سلمان وصهر الرئيس الأمريكي جاريد كوشنير وتطوّرات المنطقة ولفت كاتب المقال إلى أن رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري وفور وصوله إلى الرياض، احتُجز لـ11 ساعة.. ووُضِعَ خلالها على كرسي وتعرض للصفع مراراً من قبل السعوديين.
ونقل الكاتب عن ضباط أمريكيين تأكيدهم لما حدث مع الحريري، ويشير الكاتب إلى أن نقطة الانهيار بين سعد الحريري ومحمد بن سلمان كانت زيارة المسؤول الإيراني “علي ولايتي” (مستشار الشؤون الدولية لمرشد الثورة السيد علي خامنئي) الأخيرة إلى بيروت، وبحسب الكاتب فإن ولايتي قال “إن إيران تنوي الاستمرار في إثبات نفسها في المنطقة”، و بعد ذلك، تقدم الحريري، مبتسماً، لالتقاط صورة معه، ولكن عندما وصل الخبر لولي العهد السعودي جنّ جنونه وشعر بفشله واعتقد أن على الحريري أن يفعل شيئاً ما.
ويشير “فيلكنز” إلى أن ابن سلمان استدعى الحريري إلى الرياض وتلقّى الأخير المكالمة التي استُدعي فيها إلى المملكة، بينما كان يستعد لتناول طعام الغداء مع “فرانسواز نيسن”، وزيرة الثقافة الفرنسية، لكنه لم يكن في وضع يمكّنه من تجاهل ابن سلمان، إذ إن الحريري مواطن سعودي، وشركته “سعودي أوجيه” الغارقة في الديون، حقّقت أرباحاً بملايين الدولارات من تنفيذ مشاريع لمصلحة الدولة السعودية، على حدّ قول “فيلكنز”.
وأشار الكاتب إلى أن رئيس الوزراء اللبناني بدا مُتعباً في فيديو الاستقالة التي أعلنها من الرياض عبر قناة “العربية” السعودية الرسمية، ما يعزّز رواية تعرّضه للضرب والصفع”، ويقول “فلكنز” في المقال إن “الحريري عندما استُدعي إلى الرياض للقاء ابن سلمان كان يتوقّع أن يُستقبل بحفاوة من الأسرة الحاكمة”، وينقل “فلكنز” عن مساعد الحريري قوله إن “الأخير كان يعتقد بأن مشكلاته مع ابن سلمان ستحلّ خلال اللقاء”، ولكن ما حصل كان العكس تماماً، وبعد خروج الحريري من السعودية نتيجة الضغط الدولي، حيث بدا الحريري العائد إلى بيروت وكأنه سجين سابق منهك أكثر منه “بطل عائد”.
إن ما جرى مع الحريري وإجباره على إعلان استقالته ومن ثم فبركة الأمر وعودة المياه إلى مجاريها بينه وبين السعودية، وصفه ضابط أمريكي كبير بأنه “أغبى شيء رأيته في حياتي” كما تؤكد تقارير أمريكية عديدة أن لرجل البيت الأبيض القوي وصهر ترامب “جيرارد كوشنير” دوراً كبيراً في ذلك الأمر، ويذكر “فيلكنز” هنا أن ثمة مؤشرات تدل على أن ابن سلمان نسّق تحركاته مع إدارة ترامب، ناقلاً عن مسؤول استخباري سابق، رفيع المستوى وقريب من البيت الأبيض، أن “ابن سلمان حصل على الضوء الأخضر الأمريكي للإطاحة بالحريري”، وهكذا وبعد فشل المخطط السعودي-الأمريكي أراد الحريري تقديم الشكر على طريقته ولكن من جيب بيروت وتسمية شارع فيها على اسم الملك السعودي تخليداً للحادثة التي ربما ستكتب يوماً ما في كتب التاريخ وبقي على الحريري فقط أن يدشن تمثالاً لليد التي صفعته وسط شارع سلمان بن عبد العزيز.
الحريري السعودي بالهوية يحق له أن يتصرف كما يشاء ملكه وولي عهده، ولكن الحريري رئيس الوزراء اللبناني لا يحق له أن يتصرف خارج رغبة اللبنانيين وموافقتهم وأن يقوم بأعمال يدرك مسبقاً أنها كيدية وتستفز شريحة كبيرة من أبناء شعبه حتى ولو كان الأمر اسم شارع، فاليوم شارع باسم سلمان وغداً شارع باسم محمد بن سلمان وبعدها شارع باسم السبهان …ومن يعلم ؟!.
المصدر / الوقت