الغزو الأمريكي للعراق بدأ بكذبة وانتهى بكارثة إنسانية
اعتبرت شبكة دويشته فيلله الألمانية، أن الغزو الأمريكي للعراق بدأ بكذبة وانتهى بنتائج كارثية، مشيرة إلى أن واشنطن تتحمل اليوم مسؤولية إزهاق أرواح مئات آلاف العراقيين.
وأشارت الشبكة الألمانية في مقالها الذي جاء بمناسبة الذكرى 15 للغزو الأمريكي للعراق، أن أمريكا تتحمل أيضاً مسؤولية إغراق منطقة الشرق الأوسط بحالة دائمة ومتنامية من الفوضى.
كذبة أمريكية أودت بأرواح مئات الآلاف
بدأت الشبكة الألمانية مقالها بالإشارة إلى ملف الأكاذيب الذي جمعه وزير الخارجية الأمريكية آنذاك “كولن باول” تحت عنوان أسلحة الدمار الشامل في العراق، مشيرة إلى صورة “باول” التي ترسخت في الذاكرة الجماعية، في خطابه أمام مجلس الأمن الدولي في الـ 5 من شباط /فبراير عام 2003. إذ شغل “بأول” قبل ستة أسابيع على بدء الحرب آنذاك، الرأي العالم لمدة 76 دقيقة من خلال خطاب ألقاه أكد فيه ضرورة شن حرب على العراق. وارتكز محتوى خطابه بالأساس على امتلاك صدام حسين أسلحة دمار شامل وكيميائي، وكذلك دعم نظامه الإرهاب الدولي وسعيه إلى صنع أسلحة نووية
وأشارت الشبكة الألمانية إلى قصة الكيميائي العراقي رافد أحمد علوان الذي أتى عام 1999، إلى ألمانيا كلاجئ، واستجوبه جهاز الاستخبارات الفدرالي الألماني BND إلى أن اكتشف كذبه، ومن ثم قام عملاء الاستخبارات الألمانية بإخبار شركائهم الأمريكيين حول هذا الأمر، غير أن الاهتمام بـ “كيرفبول” قد ظهر مجدداً بعد هجمات الـ 11 من أيلول/ سبتمبر عام 2001 من قبل الاستخبارات الأمريكية.
وعلى الرغم من التحذيرات المتوالية والواضحة من عدم صحة تصريحات “كيرفبول”، إلا أنها أصبحت محور ترويج “باول” للحرب في العراق، وأكد رئيس جهاز الاستخبارات الفدرالي الألماني BND السابق “أغسطس هانينغ” أن أمريكا لم تكن مهتمة ما إذا كان “كيرفبول” يعرف ما الذي كان يتحدث عنه أم لا، كان لديها شيء يمكنهم عرضه للرأي العام، رغم علمها مسبقاً أن أقوال الكيميائي العراقي كاذبة، وكلف المسؤولون الأمريكيون الأشخاص المبدعين والمهنيين في قسم الرسومات في وكالة الاستخبارات المركزية، والذين تمكنوا من رسم مختبرات الأسلحة الكيميائية المتنقلة غير الموجودة، التي استخدمها “باول” في عرضه.
ولفتت الشبكة الألمانية إلى أن إدارة الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش، تجاهلت التحذيرات الأوروبية حول زيف الأدلة التي تزعم وجود أسلحة دمار شامل في العراق، وتم التخطيط للغزو الأمريكي قبل التاسع من أيلول/ سبتمبر عام 2011 بفترة طويلة، بذريعة الحرب على الإرهاب.
سؤال يحتاج إلى جواب
وأضافت الشبكة الألمانية إن هناك العديد من الأسئلة المفتوحة، أولها السؤال عن عدد ضحايا حرب العراق عام 2003 والفوضى العارمة التي تلت ذلك بين السكان المحليين، إذ تتحدث معظم التقديرات عن عدد ضحايا يتراوح بين 150 ألف ونصف مليون قتيل، حتى أن بعض الأبحاث الجادة تحدثت عن أرقام أعلى بكثير من هذه الأرقام، إذ سجّلت المجلة الطبية الأقدم والأشهر في العالم “لانسيت” في عام 2006 عدد وفيات إضافية تجاوز الـ 650 ألف حالة وفاة، وذلك بالإضافة إلى ضحايا العنف، كما تم الأخذ بعين الاعتبار أيضاً الضحايا الذين توفوا نتيجة البنية التحتية المدمرة ونظام الرعاية الصحي المتهالك في البلاد، غير أنه يبقى هناك أمر واحد معروف بشكل جيد وهو أن أسباب هذه العملية العسكرية، وحمام الدماء هذا بالمعنى الحقيقي للكلمة، كانت مبنية على أكاذيب.
مسؤولون أمريكيون اعترفوا بالكذبة
وبعد سنوات على الغزو الأمريكي للعراق وهدر دم المدنيين، اعترف وزير الخارجية الأمريكي السابق “كولن باول” بأنه كاذب واعتبر أن خطابه في يناير/ كانون الثاني 2003 في الأمم المتحدة بشأن أسلحة الدمار الشامل سيظل نقطة سوداء في ملفه.
كما اعترف “جورج تينت” رئيس الاستخبارات الأمريكية آنذاك بخطئه وقال إنه كان يعتقد أنه يقدم معلومات صحيحة، قبل أن يعترف بأن نظام الاستخبارات لم يكن يعمل بشكل صحيح، وأن الذرائع التي استخدمتها بلاده لغزو العراق كانت أكاذيب.
ويأتي التقرير الألماني في ظل تصاعد الحديث الأمريكي عن أسلحة كيميائية في سوريا، واتهام الجيش السوري بشن هجوم كيماوي على مدينة دوما في الغوطة الشرقية، الأمر الذي يفتح باب التشكيك في مصداقية الاتهامات الأمريكية خاصة أن لواشنطن بإداراتها المختلفة من وزارة الخارجية وممثليها في مجلس الأمن إلى جهاز الاستخبارات باع طويل وتجربة سابقة في الكذب وتدمير البلدان.
المصدر / الوقت