إيران قوة احتلال؟… كاتب أمريكي يرّد
قبل أيام أوردت صحيفة نيويورك تايمز مقالاً للكاتب ومحلل السياسات الخارجية والخاصة في شؤون الشرق الأوسط “توماس فريدمن” تحت عنوان “هل تتجه إيران وإسرائيل نحو أول حرب مباشرة بينهما؟” تناول المقال النشاطات الإقليمية لإيران، ما أثار رد المحلل الآخر في شؤون الشرق الأوسط في صحيفة “دنيس لاريسن”.
وقد كتب فريدمن في مقاله في نيويورك تايمز أنه على الرغم من عدم وجود رغبة لدى إيران و”إسرائيل” في خوض مواجهة مباشرة في المنطقة إلا أن التطورات التي شهدتها المنطقة في الأسابيع الأخيرة تسير بالطرفين نحو حرب مباشرة.
وأشار الكاتب إلى جولتين سابقتين من المواجهات المباشرة بين إيران وإسرائيل في سوريا قائلاً إن الجولة الثالثة محتملة وجدية جداً وأكثر من سابقاتها معتبراً أن سبب ذلك هو الوجود الإيراني “العبثي” في سوريا، حسب زعمه.
ويشير فريدمن في مقاله إلى وجود قلق وهواجس مشروعة لدى إيران في الخليج الفارسي ناجمة عن أعمال منافسيها العرب السنة التابعين لأمريكا، لكنه يعتقد أن إيران لا يهددها أي خطر في سوريا.
ويعتبر الكاتب قيام إيران بإنشاء قواعد مزعومة في سوريا محاولة يبذلها فيلق القدس التابع للحرس الثوري للسيطرة على كل المنطقة وذلك في سياق تنافس حرس الثورة مع الرئيس الإيراني حسن روحاني على السلطة، ويزعم فريدمن “إن فيلق القدس لايزال يتحكم بـ 4 عواصم عربية هي دمشق وبيروت وبغداد وصنعاء “ويضيف” في الحقيقة تحوّلت إيران إلى أكبر قوة احتلالية في العالم العربي”.
في المقابل يشير الكاتب دنيس لاريسن إلى هذا المقطع من مقال فريدمن ويرد عليه في مقال كتبه في صحيفة ” امريكن كانسرفاتيف” قائلاً: إن هذه الحملات هي مضللة ومخطئة في كثير من الجوانب لكنها فيما يخص اليمن تدعو للاشمئزاز جداً لأنها تخدم مباشرة الدعاية السعودية لتبرير العدوان الوحشي على اليمن المنكوبة، إن المشكلة الأساسية في كلام فريدمن هي التجاهل الكامل لللاعبين المحليين وتجاهل مصالحهم والقول الخاطئ بأنهم دمية لطهران.
ويضيف لاريسن: إن إيران التي تم تقديمها على أنها قوة احتلال تقوم بدعم سوريا والعراق بناء على طلب حكومتي هذين البلدين، وربما لم نكن نحن راضين عن هذا الدعم لكن لا يجوز أن نشبّه ذلك بالاحتلال، إن السعودية والإمارات وحلفاءهما هم من يقومون باحتلال أجزاء من اليمن وإن الحكومة المسماة بـ “الشرعية” والفارّة إلى الرياض ليست لها أي شعبية في الداخل.
إن إيران لم تحتل أي جزء من اليمن، إن كلام فريدمن في مقاله يمكن أن يفيد الأشخاص الذين ينشرون العداء لإيران والتخويف منها لكنه في الحقيقة “أراجيف وهذيان”، إن هذا التضخيم بشأن سيطرة إيران على عواصم الدول الأخرى هي نظرية تضلل الساسة الأمريكيين وباقي رجالات السياسة.
تزايد النفوذ الإيراني في اليمن بدأ تقريباً منذ 3 أعوام بالتزامن مع الهجوم السعودي على اليمن قبل 3 أعوام وإن العلاقات بين إيران و”أنصار الله” وطيدة أكثر من السابق وسبب ذلك هو الحرب العبثية الحمقاء التي تشنها السعودية في اليمن.
الحوثيون لم يكونوا تابعين لإيران في اليمن وليسوا كذلك الآن، فإيران لا تسيطر على صنعاء لا عن طريق التابعين ولا عن أي طريق آخر، وهذا الكلام يتنافى مع ما يروجّه حماة الحرب السعودية، في الحقيقة إن إيران حذرت الحوثيين من السيطرة على صنعاء في عام 2014 وهذا سلوك غريب من دولة “متسلطة” و”احتلالية”، يمكن أن يكون هناك بعض المتطرفين في إيران الذين يتمنون وجود مثل هذه السيطرة التي تنسب لإيران لكن هذا لا يتعدى حدّ الأماني والتمنيات.
ويتابع لاريسن: إن أهمية هذه القضية تكمن في قيام فريدمن باستغلال مكانته المعروفة والمهمة لنشر تحليل مدمّر ومضلّل عن حرب لا يدرك حقائقها الأمريكيون إلا بشكل بسيط جداً حتى الآن أو لا يدركونها أصلا.
إن فريدمن كان قد بعث برسالة حب لابن سلمان من قبل والآن يقوم بإعادة نشر وبث كلام السعوديين عن إيران وحرب اليمن، إن حرب اليمن تتم تغطيتها بشكل سيء جداً في أمريكا حتى الآن ولا توجد معلومات كثيرة عنها في متناول الأمريكيين وإن أي معلومات خاطئة بشأن هذه الحرب يمكن أن تتسبب بحدوث خسائر كبيرة في أمريكا، فأي شخص يرتكب الخطأ ويقرأ مقال فريدمن سيرتكب أخطاء أكبر وستكون لديه نظرة مخدوشة أكثر من السابق تجاه ما يجري في تلك البقعة من العالم.
المصدر / الوقت