التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, نوفمبر 17, 2024

التقارب الروسي- الصيني؛ كابوس يقضّ مضاجع الأمريكيين 

كشفت صحيفة “غازيتا.رو” الالكترونية في تحليل كتبه “تيموفي بورداشيف”، مدير التخطيط في معهد دراسات آسيا وأوراسيا، مستوى العلاقات بين القوى العظمى الثلاث، “روسيا والصين وأمريكا” ولفتت هذه الصحيفة إلى أن العلاقات بينهم كانت دائماً في توتر مستمر وأعربت بأن العلاقات بين “روسيا وأمريكا” كانت ومازالت متوترة وذلك لأن موسكو تُعدّ المنافس القوي لواشنطن في الكثير من المجالات الاقتصادية والعسكرية ومن ناحية أخرى لفتت إلى أن الصين تُعدّ أيضاً المنافس القوي الثاني لأمريكا التي لا تربطها بالأخيرة في وقتنا الحاضر أي علاقات حميدة معها.

كان لأمريكا تأثير كبير على ارتفاع مستوى التنمية الاقتصادية في الصين

سادت في أمريكا وكما ذكر العديد من الخبراء الاقتصاديين، الكثير من التكهنات بأن الصين ستصبح في القريب العاجل شريكاً مناسباً لأمريكا، نظراً لإرتفاع مستوى معيشة الناس ومستوى الديمقراطية فيها وذلك عندما لعبت أمريكا دوراً رئيساً في نجاح الإصلاحات الاقتصادية للصين، التي دعا لها الزعيم الصيني الراحل “دنغ شياو بينغ” قبل أربعين عاماً، عندما سافر إلى أمريكا وطالب التجار والمستثمرين الأمريكيين بالاستثمار في الأسواق الصينية ولم يكن يعتقد الكثيرون في مراكز الأبحاث الصينية بأنه في يوم من الأيام “سوف تمارس أمريكا ضغوطًا عليها”، نظراً لوجود الكثير من العلاقات الاقتصادية الثنائية بينهما ولكن العديد من السياسيين الصينيين استنتجوا من الصراع الحاصل بين روسيا والغرب، بأنهم دخلوا في مواجهة العسكرية ودبلوماسية مع أمريكا منذ ربيع عام 2014 ولهذا فلقد قامت الصين على مرّ هذه السنين، بإنشاء تحالف متين مع موسكو ودعمها بشكل صريح في المحافل الدولية.

على الرغم من توقعات واشنطن، إلّا أن موسكو وبكين لم تتنافسا بين بعضهما البعض

لقد تغيّر الوضع عندما تحوّلت الصين إلى قوة دولية كبيرة تمتلك الكثير من الإمكانات الاقتصادية وبعد الإعلان عن استراتيجية “حزام واحد – طريق واحد”، تمت دعوة العديد من البلدان الصغيرة والكبيرة في آسيا وأوراسيا للمشاركة في هذه الخطة الاستثمارية الضخمة إلى بكين وهذا الأمر جعل السلطات في واشنطن سعيدة جداً، لأنهم كانوا يأملون أن تكون هذه الخطوة بمثابة خطوة لتعتيم وتقويض علاقاتها مع روسيا.

ووفقاً لتقييم بعض الخبراء الأمريكيين وكردّ على هذه الخطوة، كان من المحتمل أن تدخل موسكو في حرب مع الصين في منطقة آسيا الوسطى لتوسيع نفوذها في تلك المناطق وحول هذا السياق، تم كتابة عشرات الكتب ومئات المقالات، في الوقت الذي شكك فيه عدد قليل من الخبراء، قائلين: لماذا يجب أن تدخل روسيا في حرب مع الصين من أجل دول آسيا الوسطى، هل تنتمي هذه المناطق إلى روسيا ؟!

ولكن على الرغم من التوقعات، إلا أن روسيا رحّبت رسمياً بمبادرة الصين في الجمهوريات السوفياتية السابقة وأبدت اهتماماً بوجودها المتزايد في المنطقة والسبب في هذا الموقف بسيط للغاية، يتمثّل في النهج الذي تتبعه الصين، فهي لا تسعى إلى تغيير الأنظمة في تلك البلدان ولا تقوم أيضاً بإطلاق الشعارات المناهضة لروسيا، كما تفعل أمريكا وحلفاؤها في تلك المناطق.

نظراً للقوة الاقتصادية التي تمتلكها الصين، فهي لا تحتاج إلى الدخول في حرب عسكرية مع أمريكا.

بالتزامن مع تزايد النفوذ الجيوسياسي للصين في العالم، قامت أمريكا باتخاذ الكثير من التدابير للتعامل مع هذا البلد، حيث أطلقت العديد من التصريحات التي سلّطت فيها الضوء على الاقتصاد غير المستقر والنظام السياسي المتأزم للصين ولطالما اعتقد الصينيون بأن تلك التصريحات الأمريكية المستفزة، هي جزء من الطريقة التي يتفاوضون بها ولكنهم في الصيف الماضي، أيقنوا خلاف ذلك عندما دعا الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب”، الحكومة الأمريكية إلى فرض رسوم جمركية على الواردات الصينية ونظراً لهذه السياسات الأمريكية الانتهازية أعلنت روسيا والصين في نهاية عام 2017، رسمياً معارضتهما للسياسات الخارجية الأمريكية ولهذا فلقد بدأت واشنطن في ربيع عام 2018، معركتها التجارية والاقتصادية مع بكين وفرضت عقوبات على بعض الصناعات الصينية العملاقة.

ونظراً لقيام الصين بتوسيع مكانتها العالمية وزيادة عدد شركائها في مختلف الدول، فإنها بذلك تكون قد وجّهت أكبر ضربة للترسانة الاقتصادية الأمريكية والمتمثلة في تحكمها بالاقتصاد العالمي وبهذا، فإن الجيش والقوات البحرية الصينية ليسا بحاجة للدخول في حرب مفتوحة مع القوات المسلحة الأمريكية.

لم تسبب سياسة “بكين” الخارجية حتى الآن أي مشكلات لـ”موسكو”

بالنظر إلى الأوضاع الاقتصادية في روسيا، فإنه تجدر الإشارة إلى أن زيادة التأثير الاقتصادي للصين لا يشكّل أي خطر على موسكو وذلك لأن روسيا مثل أمريكا، لا تكسب أموالها من خلال السيطرة على الأسواق والطرق التجارية وإنما تكسبها عن طريق بيع موارد الطاقة والمنتجات المحلية والخدمات الهندسية ولقد أجبرت السياسة الأمريكية الجديدة تجاه الصين، موسكو على إعادة تأهيل الخبراء الصينيين والوقوف جبناً إلى جنب مع بكين.

وتجدر الإشارة هنا إلى أن هناك الكثير من العراقيل والمعوقات لا تزال تشكّل تهديداً للعلاقات بين هذين البلدين، تتمثل في عدم معرفة سكان هذين البلدين بمعتقدات وعادات وتقاليد البلد الآخر، نظراً لأن عدد الكتب الروسية التي تم نشرها في الصين أكثر بـ 20 مرة من تلك الكتب الصينية التي تم نشرها في روسيا، بالإضافة إلى ذلك، توجد العديد من الحواجز الاقتصادية التي لها تأثير سلبي على وجود التجار الروس والصينيين في أسواق البلدين.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق