بن سلمان والازدواجية؛ الفساد نموذجاً
تمكن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان خلال عامين فقط من تصدر صفحات كبرى الصحف العالمية وأصبح حديث الداخل السعودي والخارج، وكان الجميع يتوسم به خيرا لكونه شاب ومتحمس ويريد تحسين صورة المملكة النمطية وتخفيف معدل البطالة وتحسين الاقتصاد، ومضى قدما بن سلمان في ذلك، لكنه على ما يبدو أضاع الطريق أو لم يختر الطريق الصحيح منذ البداية.
نقول هذا الكلام لأننا اليوم أمام عاصفة فساد تشتد رياحها حول الأمير الشاب، الذي تتحدث عن فساده كبرى الصحف الغربية، علما أنه كان يقود حملة ضد الفساد اعتقل على اثرها ما يزيد عن 50 اسما ما بين أمير ووزير ورجل أعمال بزعم تورطهم في قضايا فساد، وهنا يبرز الفصام في شخصية بن سلمان الذي دفع المليارات لتحسين صورته أمام شعبه والخارج ولكن التقارير القادمة من الغرب تعمل عكس ما يريد الأمير الشاب، إذ لا يمر شهر حتى تخرج احدى الصحف الأمريكية أو الغربية لتكشف أسرارا جديدة عن قضايا فساد تسارعت خلال الأيام القليلة الماضية على خلفية الانتخابات التي جرت في عدة دول.
وقبل يومين خرجت صحيفة أمريكية وتحدثت في تقرير لها عن فساد ولي العهد السعودي وإخوته، حيث فضحت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية كذب وادعاءات ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان برغبته في القضاء على الفساد بالمملكة، وأوضحت الصحيفة الأمريكية أنَّ ولي العهد السعودي وأفراد عائلته استغلوا الشركات ذات الصلة بالحكومة في تكوين ثروات طائلة، بما في ذلك صفقة ذات علاقة بشركة “إيرباص”.
وأضافت الصحيفة “بحسب سجلات شركات، فإنّ الأمير محمد هو المدير الإداري، والمالك لحصة قدرها 20٪ من شركة كيماويات تزود الشركات الكبرى التي تسيطر عليها الدولة”، وتابعت قائلة “ظهرت سجلات الشركات السعودية أنّ الشركة التي يملك أغلبيتها اثنان من أخوة ولي العهد الأصغر سنًا، حصلت على ترخيص واسع النطاق من الحكومة”.
وتحدثت أيضا عن نقطة هامة، إذ كتبت أنه في عام 2015 ساعد الأمير محمد في هندسة صفقة بمليارات الدولارات بين شركة (إيرباص) العملاقة الأوروبية للطيران وشركة الخطوط الجوية السعودية المملوكة للدولة، وفقًا لوثائق اطلعت عليها الصحيفة ومقابلات مع أكثر من 12 شخصًا متورطًا في الصفقة”، موضحة أن قيمة الصفقة تحقق عشرات الملايين من الدولارات لعائلته”.
هذه ليست الورطة الوحيدة لولي العهد فقد فضح نجاح مهاتير محمد في الانتخابات الأخيرة التي أجريت في ماليزيا، ملفات أخرى عن فساد آل سعود والتي شارك فيها أيضا أولاد زايد، فمؤخرا كشف حساب “العهد الجديد” عن كواليس عملية فساد تتجاوز المليار دولار، شارك فيها رئيس الوزراء الماليزي السابق “نجيب عبد الرازق”، بالتنسيق مع رجل أعمال يدعى “طارق عبيد”، الذي تولي عملية تحويل الأموال.
وفور فوز مهاتير محمد بدء فتح التحقيقات في فضيحة فساد بمليارات الدولارات في صندوق التنمية الحكومي الماليزي (1إم.دي.بي)، وهي الفضيحة التي تتورط فيها الإمارات أيضا، وكتبت “وول ستريت جورنال” أن: “شركات تابعة للعتيبة “السفير الاماراتي في واشنطن” تلقت أموالاً مسروقة من الصندوق”.
وقال “العهد الجديد”- في سلسلة تدوينات له عبر حسابه على موقع “تويتر”- إنّ “طارق عبيد، كان مسؤول التواصل مع رئيس الوزراء الماليزي الأسبق “نجيب عبدالرزاق”، وهو الذي قام بالتحويلات المالية إليه (عبر شركته السويسرية EDOF)، الأموال التي اعتبرتها السعودية لاحقًا هبةً له، لكنها اليوم تشكّل إحدى قضايا الفساد الرئيسية التي يُحقق معه فيها”. ويشتبه بأن رئيس الوزراء السابق اختلس حوالي 750 مليون دولار، غير أنه نفى القيام بأي عمل مخالف للقانون.
ارقام مخيفة
كان من المستغرب جدا بالنسبة للسعوديين قدرة بن سلمان على شراء أشياء شخصية بما يزيد عن 1ز3 مليار دولار خلال أقل من سنتين، علما ان الأمير الشاب لم يكن يملك اكثر من 100 الف دولار قبل وصول والده على الصف الملكي، فجميعنا يذكر القصر الفاره “فرساي” الذي اشتراه ولي العهد في فرنسا والذي بلغت قيمته 300 مليون دولار، ليضاف هذا الرقم على ارقام ضخمة أخرى مثل شرائه ليخت كبير قبل عامين والذي تبلغ قيمته حوالي 550 مليون دولار أمريكي، ليتبعها بشراء أغلى لوحة في العالم “لوحة للرسام الإيطالي ليوناردو دافنشي” بقيمة 450 مليون دولار.
الغريب ان الأمير الشاب نفسه يدّعي أنه يحارب الفساد ويجري سياسة تقشف صارمة في بلاده، في ظل تراجع الاقتصاد السعودي، وزيادة نسبة البطالة، كما بلغ العجز في الميزانية العامة للدولة في النصف الأول من العام الحاليّ 72.7 مليار ريال (19.4 مليار دولار)، وذلك بحسب الأرقام الصادرة عن وزارة المالية.
وارتفع حجم الدين العام للمملكة إلى 341 مليار ريال (90.9 مليار دولار) بنهاية يونيو/حزيران الماضي، بزيادة قدرها 8% عن مستواه بنهاية عام 2016 حين بلغ 316 مليار ريال (84.3 مليار دولار).
ختاما وبحسب المغرد السعودي الشهير فإن الفساد والتبذير والاسراف في المملكة وصل إلى 160 مليار دولار (600 مليار ريال)، وسحب ما لا يقلّ عن 100 مليار دولار أخرى (375 مليار ريال) لجيب أبناء الملك سلمان، وفي ظل خروب مدمرة تشنها السعودية على اليمن وتشارك في دعم الإرهابيين في سوريا وتعقد صفقات بمليارات الدولارات لشراء السلاح، لا يمكنك ان تسأل عن تحسن في الاقتصاد.
المصدر / الوقت