دمشق تنفض الإرهاب..الحياة تعود إلى العاصمة ورئتيها
من قلب الدمار في ريف دمشق بغوطتيها الشرقية والغربية انطلق مهرجان “الخير بغوطتنا” هذا العام ليعيد رسم الأمل إلى رئتي دمشق بعد أن نفضتا عن جناحيهما مؤخراً أوزار الإرهابيين الذين عاثوا فيها لعدة أعوام خراباً ودماراً.
خلال أشهر قليلة اختلفت الحياة في غوطتي دمشق ومن ثقافة الموت إلى ثقافة الحياة انتقلت قرى وبلدات الغوطتين بدخول الجيش السوري إليها ومن عربين إلى عين ترما ومن الحجر الأسود إلى النشابية فدوما فحرستا كلها مدن بات السوريون والعالم أجمع يعرفها والتصق اسم هذه المناطق خلال الأعوام الماضية بمفردة القتل والدمار والخطف، أما اليوم فإن الحياة بدأت بالعودة إلى طبيعتها بعد تحريرها من التنظيمات الإرهابية، وكما يروي أهالي الغوطة فإن هناك فرقاً كبيراً جداً يصل إلى مئة بالمئة بين هذا الأيام من الشهر المبارك والأيام التي كان يوجد فيها الإرهابيون مشيرين إلى أن الجهات الحكومية تقوم منذ تحرير بلدتهم بتوزيع الخبز على الأهالي مجاناً، إضافة إلى إقامة العديد من النقاط الطبية لتقديم الرعايا الصحية لأهالي المنطقة.
وبمشاركة نحو 35 شركة انطلقت قبل أيام فعاليات مهرجان التسوق “الخير بغوطتنا 3” في بلدة عربين التي حررها الجيش السوري قبل أقل من شهرين بإشراف شركة “شآم” لتنظيم المعارض والمؤتمرات بالتعاون مع السورية للتجارة ومحافظة ريف دمشق، وبإقبال شعبي واسع، بينما سعت الشركات المشاركة في هذا المعرض إلى إظهار دعمها لأبناء المنطقة والتأكيد على عودة الحياة إليها وتشجيع البيع وطرح المنتجات بسعر مخفض.
فيما اعتبر وزير التجارة الداخلية السوري عبد الله الغربي أن المعرض دليل على بداية التعافي في سورية، مشيراً إلى أن المعرض سيشمل العديد من البلدات المحررة من الإرهاب بهدف دعم المواطن الذي تعرضت منطقته للخراب والدمار وعلى ذلك سيكون المبيع بسعر الجملة وبأسعار مخفّضة جداً، اليوم في عربين وبعده في عين ترما ثم مضايا.
بينما أكد المتحدث باسم شركة شآم التي تقيم المهرجان للإعلاميين قائلاً “نظراً للحاجة الملحّة لأبناء الغوطة الشرقية، وبعد فترة حصار عاشوها لسبع سنوات، أقمنا مهرجان “الخير بغوطتنا” بدءاً من كفر بطنا ومن ثم دوما والآن في عربين، ونتيجة الإقبال وضعنا خطة مع وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك لنتجول داخل مناطق الغوطة الشرقية، ونحن الآن في عربين وفي المرحلة القادمة في عين ترما ومن ثم سوف نخرج إلى مدينة التل التي بداخلها عدد كبير من الأُسر المهجّرة لكي تستفيد من عروض هذا المهرجان”.
خدمياً أيضاً باشرت محافظة ريف دمشق بإعادة تأهيل وصيانة المدارس في المنطقة، وذلك فور تحرير بلدات الغوطة الشرقية من رجس الإرهاب، ومن أصل قرابة 100 مدرسة خرجت عن الخدمة منذ أعوام، فإن 33 مدرسة حتى الآن، عادت لاستقبال أبناء المنطقة بعد إجراء صيانة إسعافية سريعة عليها بالتعاون مع محافظة ريف دمشق، وعدد من المنظمات الدولية، كما تم تمديد العام الدراسي لأبناء الغوطة الشرقية حتى نهاية العطلة الصيفية بغية تعويض الفاقد التعليمي، إضافة إلى إحصاء الأطفال والطلاب الذين سيلتحقون بالتعليم، والعمل على انتظام العملية التعليمية وتأمين مختلف احتياجاتها في ظل عودة الأهالي إلى قراهم وبلداتهم بوتيرة متسارعة.
أهالي غوطة دمشق أعربوا عن أملهم بعودة الحياة إلى قراهم وبلداتهم معتبرين أن ابتسامة الأطفال اليوم في المهرجان تنبعث من قلوبهم وتختلف تماماً عن نظرة البؤس والجوع التي كانت تسود خلال وجود الإرهابيين، مؤكدين أن الخير والبركة والسعادة بدأت بالعودة بعد تحرير الغوطة الشرقية والغربية من ظلم الإرهابيين وعودة مؤسسات الدولة إلى العمل وتقديمها الخدمات الصحية والتعليمية ما انعكس على أيام شهر رمضان الكريم.
أما من الناحية الميدانية، فللمرة الأولى منذ سنوات صامت العاصمة السورية دمشق في شهر رمضان الكريم وهنا نتحدث عن صيام العاصمة عن القذائف الصاروخية، بعد أن انتشر الجيش السوري في آخر معاقل الجماعات الإرهابية المسلحة في حيي الحجر الأسود ومخيم اليرموك.
وتمكّن الجيش السوري من السيطرة بشكل كامل دمشق ومحيطها للمرة الأولى منذ العام 2012 معلناً إياها مناطق “آمنة” إثر طرده تنظيم داعش من آخر جيب له في جنوب العاصمة ورفع عسكريون الأعلام السورية وصور الرئيس بشار الأسد على مبنى تضرّر بفعل المعارك واخترق الرصاص جدرانه.
أما المرحلة القادمة بعد عودة الغوطة لحضن الوطن ستكون بعنوان البناء وإعادة الإعمار بعد هزيمة التنظيمات الإرهابية، وما عانته دمشق على مرّ السنون الخمس الماضية سيبقى فقط كذكرى لكابوس عصيب.
المصدر / الوقت