إصدار عفو ترامب: لفتة إنسانيّة أم هجوم على القضاء؟
يخطئ من يعتقد أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رجل ساذج. فهو يعي ما يفعله جيّداً، إلا أنه إنسان انفعالي بطبيعة الحال، ولكن هذا الأمر لا يفسد في واقع الرجل شيء.
يحاول ترامب جاهداً إنقاذ أمريكا من فقدانها للهيمنة والمكانة التي كانت تتمتع بها في السابق، وما يريده ترامب هو الحفاظ على هيمنة “القطب الواحد” لأطول فترة ممكنة، وهذا ما يعدّ أمراً صعب المنال في عالم يشهد تحولات متسارعة على جميع الأصعدة، ظهرت من خلالها أقطاب جديدة تنافس واشنطن في كل شيء، لذلك نعتقد أن المهمّة شبه مستحيلة، أو صعبة وانقلبت في بعض الأحيان ضد مصالح أمريكا وقوّضت علاقاتها الخارجية إلى حد كبير، ولكن والحق يقال إن الداخل الأمريكي الذي كان يرفض في أغلبيته أسلوب ترامب السياسي بات اليوم ينجذب نحوه.
ومنذ وصول ترامب إلى الحكم وهو يحارب وسائل الإعلام ويتهمها بالكذب، وكذلك يهاجم العديد من الساسة الأمريكيين، ويرفع شعارات اقتصاديّة تحاكي وجع الأمريكيين الذين لم يعتادوا على شخص من خارج النظام مثل ترامب.
وحالياً يحاول ترامب المراوغة مع القضاء عبر إصدار قرارات إعفاء أدلى بها يوم الجمعة وقال إنه قد يصدر عفواً عن أسطورة الملاكمة محمد علي.
وقال ترامب للصحفيين قبيل مغادرته لحضور اجتماع قمة مجموعة السبع في كندا إنه يفكر في إصدار عفو عن نحو ثلاثة آلاف شخص من بينهم “علي” الذي توفي عام 2016، وأضاف “ترامب” أفكر في شخص كلكم تعرفونه جيداً وقد واجه الكثير، ولم يكن يحظى بشعبية في ذلك الوقت، ذكراه تحظى بشعبية الآن، إنني أفكر في محمد علي، أفكر في ذلك بشكل جدي تماماً”.
جاء ذلك خلال إعلان ترامب عن سعيه للعفو عن قائمة تضمّ نحو 3 آلاف شخصية مدانة، بينهم لاعبو كرة قدم، وفق قناة “الحرّة” الأمريكية، وقال ترامب قبيل مغادرته إلى كندا للمشاركة في قمة مجموعة الدول السبع الكبرى: “أدرس قائمة تضم أسماء آلاف الأشخاص الذين قد يتم منحهم عفواً محتملاً؛ لأنهم عوملوا بشكل غير عادل (من قبل القضاء) أو تم الحكم عليهم بعقوبات طويلة الأمد”.
وفي يوم أمس، خرجت أليس جونسون، جدة عارضة الأزياء كيم كاردشيان من السجن بعد إصدار ترامب عفواً بحقها الأربعاء الماضي، وكانت جونسون (63 عاماً) تمضي عقوبة السجن مدى الحياة منذ 21 عاماً، بتهمة الاتجار بالمخدرات والعمل مع شبكة لبيع الكوكايين.
وحالياً لاتزال قضية تدخل روسيا في الانتخابات الأمريكية تطغى على حديث الصحف الأمريكية والعالمية، وجديد هذا الموضوع أن رودي جولياني محامي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، قال الأربعاء، إن مكتب المحقق الخاص روبرت مولر يسعى لتلفيق الاتهام للرئيس في التحقيق بشأن دور روسيا في انتخابات الرئاسة الأمريكية.
وصرّح جولياني في جلسة استجواب بمؤتمر “غلوبز لأسواق المال” في تل أبيب، “فريق مولر يتألف من 13 عضواً ديمقراطياً شديدي التحزب باستثنائه هو، وهم يحاولون جاهدين تلفيق الاتهام وإثارة المتاعب له (ترامب)، في حين أنه لم يرتكب أي مخالفة”.
والجميع يخشى أن يصدر ترامب قرار عفو عن نفسه، وقد تم توجيه هذا السؤال إلى بول رايان رئيس مجلس النواب من قبل صحفيين في مبنى الكونغرس، فكان رده: “لا أعرف الإجابة الفنية عن هذا السؤال لكن ينبغي ألّا يفعل ذلك.. لا أحد فوق القانون”.
ومؤخراً جرى الحديث عن أن محاميي “ترامب” وجّهوا إلى مولر رسالة سرية من 20 صفحة، يجادلون فيها بأن المحقق الخاص لا يمكنه إرغام الرئيس على الشهادة أمام هيئة محلفين كبرى، وقد حصلت عليها “نيويورك تايمز” ونشرتها على شكل تقرير.
وتقول الرسالة: “في الواقع، لم يكن لدى الرئيس فقط وضع دستوري غير مقيّد وسلطة دستورية مطلقة لإنهاء خدمات مكتب التحقيقات الفيدرالي، بل إنه يتمتع أيضاً بسلطة دستورية لتوجيه وزارة العدل إلى فتح تحقيق أو إغلاقه، وبطبيعة الحال سلطة العفو عن أي شخص قبل أو أثناء أو بعد تحقيق و/ أو إدانة. “
أما الرئيس نفسه فقد صرّح بأن له الحق المطلق في إعفاء نفسه من التحقيقات حول التدخل الروسي في الانتخابات، وأضاف ترامب في تغريدة له على “تويتر”: “تعيين المحقق الخاص غير دستوري”.
وهناك من وجّه أصابع الاتهام في مسألة التواطؤ في الحملة الانتخابية لترامب إلى “اسرائيل”، حيث سأل ضابط مخضرم في الاستخبارات الأمريكية: “ماذا لو أن السرّ الحقيقي لحملة ترامب ليس هو عملية الكرملين، بل عملية إسرائيلية تتنكر في صورة عملية روسية”، وكتب جون شيندلر وهو خبير أمني ومحلل سابق في وكالة الأمن القومي الأمريكي مقالة في موقع “أوبزرفر” الأمريكي حول دور “إسرائيل” الخفي في التدخل الروسي لدعم دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2016، مشيراً إلى بدء المحقق الخاص روبرت مولر بالتحقيق في الصلة الإسرائيلية.
المصدر / الوقت