قراءة في رؤية سماحة السيد خامنئي للمنطقة و طريقة الحل
ظروفٌ استثنائية تحتاج إلى مواقف استثنائية غير ضبابية كرمةً لأبناء هذه المنطقة وشبابها الذين يتعرضون لأكبر عملية مسح دماغي، وتشويه حقائق، وطمس هويات يشهدها التاريخ، ومن هنا كان لا بدّ من أن نضيء لكم جانباً من رؤية قائد الثورة الإسلامية آية الله السيد علي الخامنئي، الذي يقف سدّاً منيعاً في وجه الرياح الغربية التي تريد أن تعصف بكل هذا الشرق، ومن هنا نفهم لماذا تواجه إيران كل هذه الضغوط والرياح المسمومة التي لولا شباب الجمهورية الإسلامية، وعلمهم، ومثابرتهم، ووعيهم، لكانت نخرت عظام البلاد، وأسقطتها من الداخل.
ولأن جسور التواصل بين القائد الخامنئي، وأستاذة الجامعات، والباحثين، والمحققين الإيرانيين مبنية على الشفافية، والارتقاء ببلدهم، وتحصينها بالعلم والمعرفة، كان اللقاء في الأمس معهم تحت سقف حسينية الإمام الخميني(ره)، ليطرح قائد الثورة السيد علي الخامنئي مجموعة من المواضيع الحساسة تتعلق ببلاده، وما تتعرض له من أزمات، ومؤامرات، والقضية الأكثر جدلاً في هذه المرحلة والتي تبنى عليها حالياً سياسات جديدة وخارطة طريق لكل المنطقة ألّا وهي “القضية الفلسطينية”.
دفعت الجمهورية الإسلامية الإيرانية الثمن غالياً نتيجةً لدعمها المستمر للقضية الفلسطينية، وعدم التخلي عنها في أحلك الظروف، فعندما كان الجميع يدير ظهره لفلسطين ويتبرأ منها، ويعقد على حسابها صفقات ليبقَ في مكانه أطول مدة ممكنة، كانت إيران تشدّ على أيادي المقاومين الفلسطينيين وتدعمهم على الملأ دون خشيةٍ من أحد، فلماذا تخشى وهي تدعم الحق؟، ولطالما أن صاحب الحق سلطان، بقيت الجمهورية الإسلامية سلطان هذه المنطقة المحق بينما كان غيرها يستمتع في لعب دور “التابع”.
أن تكون سلطاناً، ومدافعاً عن الحق يعني أن تدفع ثمن ذلك؛ هذا الكلام تعرفه إيران جيداً، ومع ذلك تحمّلت جميع الضغوط الداخلية والخارجية كرمةً لعيون الحق ودفاعاً عن ثوابتها ومبادئها التي نشأت عليها.
خطة الجمهورية الإسلامية تجاه القضية الفلسطينية
وكان لافتاً في الأمس الطرح الذي أعاده السيد علي الخامنئي على مسامع الجميع فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، فخلال اجتماعه مع الأساتذة والباحثين قال سماحته: ” قلنا دوماً أنه ومن أجل تعيين نوع الحكم في بلد فلسطين التاريخي يجب اللجوء إلى الأسلوب المقبول عالمياً أي إلى الرأي العام، وأن يتم استطلاع واستفتاء رأي جميع الفلسطينيين الحقيقيين، بمن فيهم المسلم واليهودي والمسيحي، من الذين سكنوا هذا البلاد منذ 80 عاماً، داخل الأراضي المحتلة أو خارجها”.
وتساءل قائد الثورة:” مشروع الجمهورية الإسلامية هذا والذي تمت المصادقة عليه رسمياً في الأمم المتحدة.. ألا ينطبق على الموازين العامة التي تحظى بالإجماع العالمي؟ إذاً لماذا الأوربيون ليسوا مستعدين لفهمه؟”.
ما يتحدث عنه السيد علي الخامنئي يتعلق بالتجربة الديمقراطية التي تقبل بها جميع دول العالم الحالي، ومن يعارضها لا يريد أن تنعم هذه المنطقة بالاستقرار والسلام، وهذا مفهوم لنا ويمكننا أن نلمسه كممارسة فعلية على الأرض في تصرفات وتصريحات القادة الغربيين والإسرائيليين، الذين يلبسون ثوب “الحَمَل” أمام المجتمع الدولي ويتعاملون مع الفلسطينيين ومن يدافع عنهم كالذئاب.
ازدواجية الغرب والصهاينة
هذا الكلام تطرّق إليه السيد علي الخامنئي في كلمته يوم أمس، مشيراً إلى أن رئيس وزراء الكيان الصهيوني القاتل للأطفال يذهب إلى أوروبا ليتظاهر بالمظلومية بأن إيران تريد القضاء على كيانه، في حين أن الصهاينة هم أعتى وأقسى الظالمين والمجرمين في التاريخ.
وانتقد قائد الثورة، الأوروبيين الذين يستمعون إلى كلام نتنياهو ويؤيدون مزاعمه، في حين لا ينبسون ببنت شفة حيال ما يرتكبه الكيان الصهيوني من جرائم في غزة والقدس.
ازدواجية مفتعلة يمارسها الغرب ضد “فلسطين” وبما أن إيران تعتبر الحجرة الأخيرة في معسكر الدفاع عن فلسطين قولاً وفعلاً، فلا بدّ من مهاجمتها في كل مكان وبذل قصارى الجهود لمنعها من تقديم أي دعم للفلسطينيين عبر تأليب الرأي العام العالمي ضدها، وتشويه سمعتها في كل مكان تصل إليه أيادي الصهاينة، ولكن لم يحدث حتى اللحظة ما تبحث عنه “إسرائيل”.
سمعة إيران
وفي الأمس أشار السيد علي الخامنئي إلى هذه النقطة، قائلاً: ” إن إيران في الوقت الحاضر هي الدولة التي لديها أكثر الأعداء من بين الدول الاستكبارية والقوى عديمة القيمة، ولدينا أكبر دعم من قبل الشعوب في معظم دول العالم”.
وأضاف: “إن سمعة ومكانة الجمهورية الإسلامية هي أكثر من باقي الدول المجاورة وغير المجاورة، ولا يوجد بلد آخر يمتلك هذه السمعة والإرادة، لذلك فإنها تواجه أعداء خبثاء ولدودين”.
العلم هو الحلّ
ولمن يبحث عن إجابة لسبب صمود إيران كل هذه الوقت في وجه هذه التحديات التي تعصف بها من كل حدب وصوب، عليكم أن تراقبوا حركة العلم في الجمهورية الإسلامية والتي شكّلت الحصن المنيع لأي مؤامرة تحاك ضدها، فبالعلم استطاعت إيران أن تصمد 40 عاماً في وجه الحصار المفروض عليها، وبالعلم استطاعت تخصيب اليورانيوم، وبعلم شبابها الذين حيّاهم سماحة السید خامنئي تقف اليوم صامدةً شامخة.
وحول هذا الموضوع دعا السيد خامنئي إلى تغيير أسلوب “استهلاك العلم ” في البلاد إلى أسلوب “إنتاج العلم”، وبعد أن طرح عدد من الأساتذة وجهات نظرهم، في هذا اللقاء، ألقى قائد الثورة كلمة اعتبر فيها أن تجربة التخصيب بنسبة 20٪ تعدّ مثالاً بارعاً على موهبة الشباب الإيراني وقدراتهم، مشيراً إلى أنه “خلال الفترة التي كان فيها 20 في المئة من اليورانيوم المخصب معروض للبيع، وكان بعض المسؤولين يميلون إلى تقديم تنازلات في هذا الصدد، استطعنا بجهود الشباب مع المثابرة أن نصل إلى 20 في المئة من اليورانيوم، وأصبح العالم في صدمة عدم تصديق بأننا لسنا بحاجة إلى اليورانيوم الأمريكي أو الروسي أو الفرنسي.
المصدر / الوقت