مُستشرق إسرائيليّ: القادة العرب مصممون على عدم السماح للفلسطينيين بتخريب “صفقة القرن”
وكالات ـ الرأي ـ
على الرغم من التوتّر في الشمال والجنوب، ما زالت خطّة السلام الأمريكيّة، التي أُطلق عليها اسم “صفقة القرن” تُهيمن على الأجندة الإسرائيليّة، وأيضًا العربيّة، وتحديدًا الفلسطينيّة.
وفي هذا السياق نقلت صحيفة (هآرتس) العبريّة، عن مسؤولٍ فلسطينيٍّ وصفته بأنّه رفيع جدًا، نقلت عنه قوله إنّ زعماء الدول العربيّة طلبوا من الإدارة في واشنطن عدم نشر تفاصيل الخطّة المذكورة، بناءً على طلبٍ من السلطة الفلسطينيّة في رام الله، على حدّ تعبيره، مُضيفًا في الوقت عينه أنّ واشنطن استجابت للطلب العربيّ وأجلّت الإفصاح عن بنود صفقة القرن.
في سياق مُتصّلٍ، رأى المُستشرق الإسرائيليّ، البروفيسور إيال زيسر، نائب رئيس جامعة تل أبيب، رأى في مقالٍ نشره اليوم الاثنين بصحيفة (يسرائيل هايوم) أنّه تمّ دفن مبادرة الرئيس ترامب للسلام من قبل المعلقين والخبراء قبل ولادتها، مُوضحًا أنّهم لا يمنحونها أيّ فرصةٍ، حتى في مواجهة قائمة مدوية من الإخفاقات في حلّ النزاع الإسرائيلي الفلسطيني على مدى مائة عام، ولكن بشكلٍ رئيسيٍّ لأنّ الرئيس ترامب وإدارته يقفان وراءها، بحسب تعبيره.
ولفت إلى أنّ سببًا آخر لحدّة الخطة يكمن في حقيقة أنّ الإدارة الأمريكيّة لا تُخفي أنّ فرضيتها ليست أنّ إسرائيل يجب أنْ تكون مستعدةً تحت الضغط الأمريكيّ والدوليّ حسب رغبات وتطلعات الفلسطينيين، ذلك أنّ نقطة انطلاق ترامب هي الحقيقة على الأرض، ومحاولته للوصول إلى تسويةٍ واقعيةٍ يمكن العيش معها ، بدلاً من اتفاقٍ قائمٍ على العدالة المطلقة حسب التفسير الفلسطينيّ.
لكن، تابع البروفيسور زيسر، اتضح أنّ اقتراح السلام الذي أعدّه ترامب يعيش وبصحةٍ جيّدةٍ، وهناك مَنْ هم على استعداد لقبوله كقاعدة لاتفاق سلامٍ إسرائيليٍّ فلسطينيٍّ، مُشدّدًا على أنّ قادة الدول العربية، هم الأوائل في قبول الخطّة، لأنّهم قرروا التوقف عن كونهم رهائن للنكهات الفلسطينيّة، وعدم قدرتهم على اتخاذ قراراتٍ تاريخيّةٍ من شأنها أنْ تنقذهم من المأزق لعقود، وتمكّن الدول العربية من تطوير علاقاتها مع إسرائيل، وبالتالي خدمة مصالحهم، كما أكّد.
ولفت المُستشرق الإسرائيليّ إلى أنّ هذا تطور هام، لأنّه في الماضي كان من المقبول بشكلٍ عامٍّ عدم تجاوز للقيادة الفلسطينية، وأنهّ يجب التوصل إلى اتفاق سلامٍ مع الفلسطينيين، بما أنّ أيّ زعيمٍ عربيٍّ لن يُحاول، وبالتالي لا يستطيع، فرض اتفاقية لا تلبي مائة بالمائة من مطالبهم، لكن الآن اتضح أنّ هذا ليس هو الحال اليوم.
وأشار إلى أنّ العرب باتوا مُتعبين من الانتظار حتى يستيقظ الفلسطينيون، ويبدو أنّهم يدركون أنّ الطريق المسدود الذي توجد فيه عملية السلام لا يخدمهم، بل إنّه يضر بمصالحهم، زاعمًا أنّ هؤلاء قادة من نوع مختلف، شباب وعزم، لا يردعهم النقد والأعداء المحليون، على حدّ قوله.
وتابع قائلاً: أعلن العاهل المغربي محمد السادس في مؤتمر القدس الذي يرأسه أنّه يجب الحفاظ على الطابع الروحيّ والدينيّ والثقافيّ للمدينة، ولكن في الوقت نفسه، يجب التوصل لاتفاقٍ سياسيٍّ على أساس الواقع الذي توجد فيه، وتنضاف تعليقات الملك المغربي إلى التقارير التي تفيد بأنّ ولي العهد السعوديّ قد طالب عبّاس بقبول أبو ديس عاصمته، وأن يستقر في عدة قرى على مشارف القدس، وأنْ يوافق على أنّ معظم المستوطنات ستبقى. في غضون ذلك، قال صنّاع القرار بالقاهرة إنّ المسؤولين المصريين أكّدوا في الآونة الأخيرة لممثلي السلطة الفلسطينيّة، الذين التقوا معهم بأنّه ليس خطأً في أنْ تكون رام الله هي العاصمة.
وتابع: كثيرون في إسرائيل، بما فيهم أنا، ظنّوا أنّه لن يكون هناك تغيير في العلاقات الإسرائيلية العربية حتى يحدث تقدم في عملية السلام بين إسرائيل والفلسطينيين، ولكن الواقع اختلف، فالسعودية تسمح بالفعل للطائرات الإسرائيلية بعبور أراضيها، وكذلك السودان، الملك الأردني التقى الأسبوع الماضي في العاصمة الأردنية مع رئيس الوزراء نتنياهو، والعلاقات المصريّة الإسرائيليّة تمُرّ في شهر عسلٍ، على حدّ قوله.
وشدّدّ المُستشرق زيسر على أنّ المصلحة العربيّة اليوم هي توحيد القوى ضدّ إيران، التي يُنظر إليها بحق على أنّها تهديد وجودي للأنظمة والدول في معظم العالم العربيّ، وهناك مصلحة أخرى هي التقدّم الاقتصادي للعالم العربيّ، الذي يُعاني من مشاكل اجتماعيةٍ واقتصاديةٍ تتفجر بين الحين والآخر، ويُهدد بنشر الفوضى والراديكالية الإسلامية في كلّ مكانٍ، ولتحقيق هذه الغاية، يجب أنْ يتّم التوصّل إلى تسويةٍ سياسيّةٍ مع إسرائيل، ويبدو أنّ القادة العرب مصممون على عدم السماح للقادة الفلسطينيين بتخريب أوْ تأخير هذا التحرّك، كما فعلوا في الماضي، على حدّ تعبيره.انتهى