التحديث الاخير بتاريخ|الإثنين, نوفمبر 18, 2024

الخوذ البيضاء: أعمال إنسانيّة أم مهمات استخباراتية؟ 

لا شكّ أن الأعمال الإنسانية ضمن الحروب لها تأثير إيجابي في تخفيف معاناة الشعب ومساعدة المتضررين من نتائج الحروب المباشرة وغير المباشرة، ومن هنا اكتسبت منظمات الدفاع المدني أهمية كبيرة، خاصةً خلال الأزمات وتمت حمايتها من قبل الحكومات والمجتمع الدولي لكونها تحظى بقبول كبير من قبل مختلف أطياف أي شعب حول العالم، ولكن تحوّلت هذه المنظمات إلى سيف ذي حدّين بعد أن اخترقتها بعض أجهزة المخابرات العالمية وأدخلت بين أعضائها جواسيس لتحقيق أهدافها من خلالهم، وربما “الخوذ البيضاء” أحد أمثلة ذلك.

سوابق

بريطانيا وأمريكا من أكثر الدول خبرة وحرفية في هذا العمل الاستخباراتي، وجميعنا يذكر كيف استخدمت واشنطن العامِل الإنسانيّ كغِطاء لأعمال تَجسُّسيّة، فقد دست وكالة المخابرات المركزيّة الأمريكية العَديد من عملائِها في أوساط فِرَق التفتيش الدوليّة في العِراق، أبرزهم المُفتِّش سكوت ريتر، الذي عاشَ صحوةَ ضمير مُفاجِئة دَفَعَته إلى الاستقالة من عَملِه، وفضح رؤسائه في الوَكالة، ومُمارساتِهم الاستفزازيّة في العِراق، والبَحث عن أسلحةِ دَمارٍ شامِل يَعرِفون جيّداً أنّها غَير مَوجودة.

“الخوذ البيضاء” لم تكن بعيدة عن ذلك وانتهجت سياسة استخباراتية لمصلحة الغرب تحت غطاء “منظمة إنسانية”، وتم الدفاع عنها وتمويلها من قبل الغرب بشكل لا يصدق، وكأن هذا الغرب لم يدعم الإرهاب في سوريا ولم يشارك في سفك الدم السوري وتأزيم الأوضاع هناك من خلال القصف المباشر أو تقديم المال والسلاح، ولكن أين تكمن خطورة دعم جهة تحمل اسم منظمة دفاع مدني مثل “الخوذ البيضاء”؟!

الخوذ البيضاء تعود إلى داعميها

أعطت الأردن الأذن قبل أيام باستقبال 800 لاجئ عبر حدودها عن طريق “إسرائيل” بالتنسيق مع الأمم المتحدة عبر أراضيه لتوطينهم في دول غربية، بعد أن قدّمت بريطانيا وألمانيا وكندا تعهداً خطيّاً ملزماً بإعادة توطينهم خلال فترة زمنية لا تتجاوز الثلاثة أشهر، وصل من هذا العدد حتى الآن 422 من عناصر الخوذ البيضاء، نفت اليوم الأمم المتحدة أن يكون لها أي دور في نقلهم مع أفراد عائلاتهم من سوريا إلى الأردن عن طريق “إسرائيل” الأحد الماضي.

وقال المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوجاريك للصحفيين أمس الاثنين: إن المنظمة الدولية “لم تشارك في نقلهم”، وأضاف: “نحن ممتنون جداً للأردنيين الذين بكرمهم وحسن ضيافتهم استقبلوا 422 سوريّاً”، ولكن من المستغرب أن تعلن الأردن تعاون الأمم المتحدة في هذا الموضوع فقد أعلن الأردن أنه قام بالتنسيق مع الأمم المتحدة في استقبال عناصر “الخوذ البيضاء”.

الخوذ البيضاء
عوامل الشك تجاه هذه المنظمة تبدأ من النشأة لتمرّ عبر مسيرة متعرّجة وضبابيّة وتنتهي عبر الكيان الإسرائيلي، النشأة: المعلومات تؤكد أنها تأسست على أيدي ضابِط مُخابرات بِريطانيّ مُتقاعِد (جيمس لوموسيه) وهو ذو علاقات وطيدة مع الدول الخليجية، ورصدت الحُكومة البريطانيّة مِئة مليون جنيه إسترليني للمُساعدة في تأسيسها، في حين رصدت لها الحكومة الأمريكية نحو 200 مليون دولار صرفت منهم قبل أسابيع 6.6 ملايين دولار.
المسيرة: وجود كثير في مناطق الجماعات المسلحة المتطرفة داعش، النصرة وغيرها من الجماعات الإرهابية.
النهاية: عبر الكيان الإسرائيلي المحتل.

لا بدّ من الإشارة إلى أن العديد من وسائل الإعلام العربية حاولت تلميع صور العديد من الجماعات الإرهابية المسلّحة لأغراض سياسية، وهناك العديد من الذين انخدعوا بالعنوان الإنساني للمنظمة، ولا ننكر أن الأذى الذي ألحقته هذه المنظمة بالدولة السورية يفوق بأضعاف الأذى الذي تلقّاه الجيش السوري من الجماعات المسلّحة.
هذه المنظمة تمتلك دوراً كبيراً في تشوية صورة النظام السوري أمام الرأي العام الدولي، فضلاً عن كونها تسببت باستهداف الأراضي السورية أكثر من مرة من قبل الطائرات الأمريكية بدءاً من دير الزور مروراً بقاعدة الشعيرات وصولاً إلى دمشق.
افتعلوا أزمات الغاز الكيماوي الأخيرة في خان شيخون والغوطة الشرقية، والتي تسببت بضربتين على التوالي الأولى أمريكية والثانية الضربة الثلاثية على دمشق التي قامت بها كل من أمريكا وبريطانيا وفرنسا.

دور الغرب

التعهدات الغربية الواسعة تجاه هذه المنظمة تزيد الريبة وترجّح كفة الرواية السورية الرسمية عن المنظمة التي من المفترض أنها تعمل كمسعفة للضحايا، بكونها تملك بعداً استخبارياً كما تزيد من احتمالية الرواية الروسية التي تعتبرها أكثر تآمراً وتحمل هذه المجموعة مسؤولية “تلفيق هجمات كيماوية” في سوريا للنظام السوري.

فقد نقلت صحيفة الوطن المقرّبة من الحكومة عن مصدر في الخارجية السورية قوله: “إن العلاقة تكشّفت أمام العالم حول ارتباط هذا التنظيم بـ”إسرائيل” ومخططات الدول الغربية بما في ذلك بشكل خاص مع أمريكا وبريطانيا وكندا وألمانيا وتمويل هذه الدول السخي للنشاطات الإرهابية لهذا التنظيم في سورية”.

وأضاف المسؤول الذي نقلت الصحيفة تصريحاته في عددها الصادر يوم 23 يوليو/تموز: “إن الأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية اعتمدت روايات كاذبة روّج لها تنظيم “الخوذ البيضاء” في كل الاجتماعات التي انعقدت في منظمة حظر الأسلحة الكيميائية ومجلس الأمن من قبل الدول الممولة لها.. كما تم اعتماد أقوال هذا التنظيم في تقارير منظمة حظر الأسلحة الكيميائية مع كل ما تتضمنه من تزوير وابتعاد عن الحقيقة”.

في الختام.. هؤلاء سيفقدون الكثير من شعبيتهم “الكاذبة” بسبب خروجهم عبر الكيان الإسرائيلي المحتل، وتحديداً الجولان، ومن انخدع بهذه المنظمة التي عمدت إلى إبراز مهامها الإنسانيّة لأهداف غير إنسانية، سيدرك اليوم الحقيقة التي تتحدث عن ارتباطها المباشر بالعديد من أجهزة الاستخبارات وفي مقدّمتها جهاز الاستخبارات البريطانيّ.

التاريخ سيكشف للأجيال القادمة حقيقة هؤلاء، حينها لا يسع هذه الأجيال سوى الترحّم على الشهداء الذي قضوا بتمثيلياتهم، واللعنة على الإعلام الذي قدّمهم كملائكة رحمة.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق