وثائق جديدة تكشف عن أساليب تعذيب المتهمين تحت إشراف رئيسة الـ”سي آي ايه” الحالية
كشفت مديرة الاستخبارات المركزية الأمريكية الحالية جينا هاسبل، بشكل مفصّل عن وقائع التعذيب الجسمي الذي جرى تحت إمرتها، أثناء توليها رئاسة مقر للوكالة الاستخباراتية في تايلاند عام 2002 وذلك من خلال وثائق تم الكشف عنها مؤخراً، وتكشف بعض التقارير السرية للغاية التي صدرت مؤخراً عن عمليات التعذيب التي قامت بها المخابرات المركزية الأمريكية، والتي أشرفت عليها جينا هاسبل – مديرة الـ CIA الحالية – تفاصيل دقيقة عن الأساليب التي استخدمتها الوكالة لاستجواب أسرى تنظيم القاعدة بوحشية في الوقت الذي كان قادة وضباط الوكالة يسابقون الزمن لكشف مؤامرة واسعة النطاق ضد أمريكا في الأشهر التي أعقبت هجمات 11 سبتمبر.
وحسب ما ذكرته صحيفة الإندبندنت، فإن هذه الوثائق تكشف تفاصيل جديدة حول الأساليب المُتبعة من قبل المحققين التابعين لوكالة المخابرات المركزية لتعذيب الإرهابيين المشتبه بهم بغية نزع الاعتراف منهم، وجاء في تقرير الصحيفة، أنه في أواخر نوفمبر عام 2002، حذّر مسؤولو المخابرات الأمريكية أحد نشطاء القاعدة في سجن سرّي بتايلاند من أنه سيعاني إذا ما خدعهم أثناء الاعتراف، وتقدّم هذه الوثائق شرحاً مفصلاً عن التعذيب الذي تم استخدامه ضد (عبد الرحيم النشيري)، وهو مواطن سعودي معتقل لدى إحدى المعتقلات التابعة للسي آي إيه في تايلاند.
واعترف النشيري، وهو متهم بالتخطيط لتفجير المدمرة البحرية “كول” قبالة سواحل اليمن عام 2000، باشتراكه في هذه العملية خلال جلسات الاستجواب القاسية طبقاً للتقارير، وكشف أيضاً عن معرفته بالعمليات التي تم إجهاضها ضد السفن في مضيق هرمز، ولكن ليس من المعروف، على الأقل في الأجزاء المقروءة من التقارير، إذا ما كان على علم باستمرارية المؤامرات.
وتكشف التقارير، أن المحققين كانوا يحلقون شعر النشيري، ويحبسونه في صندوق صغير، ويثبتونه باتجاه الحائط، وأثبتت كذلك أن عمليات إغراق النشيري وتعذيبه بتلك الطرق القاسية لم توفر أي معلومات جديدة عن المؤامرات القائمة أو الهجمات الوشيكة، ويقال إن النشيري تعرّض لطرق تعذيب أخرى غير إنسانية بالإضافة إلى التعذيب باستخدام الإغراق بالمياه، ووفقاً لمحققي وكالة المخابرات المركزية، إن النشيري كان يخبرهم أنه سيفعل كل ما هو ممكن لمساعدتهم لكنهم كانوا يخلعون ملابسه ويجعلونه عارياً من دون ملابس، وقد حذّر المحققون المشتبه به بالإرهاب، أنه إذا لم يتعاون معهم، فستكون هناك عواقب “لم تخطر بباله أبداً”.
وجاء في إحدى الوثائق “أن وتيرة التحقيق قد ارتفعت بسرعة، وكان المحققون يستجوبونه أثناء تعذيبه وباستخدام الإغراق بالمياه بطرق مختلفة”، كما أن طرق الإيهام بالغرق “المعالجة بالمياه” والوقوف بموازاة الجدار هما اثنتان من حالات التعذيب المثيرة للجدل التي استخدمتها وكالة المخابرات المركزية في غرف التعذيب في سجن غوانتانامو وأماكن أخرى لنزع الاعترافات من الإرهابيين المشتبه بهم.
وفي طريقة الإيهام بالغرق، يتم صبّ الماء على وجه المسجون الذي يتم تثبيته واقفاً، حيث يشعر فيه الشخص أنه يغرق متوهماً، ويمكن أن تتسبب طريقة التعذيب هذه في حدوث ألم شديد وتلف في الرئتين وتلف في الدماغ بسبب نقص الأكسجين والأضرار الجسمية الأخرى، أما طريقة الضغط باتجاه الجدار، فيتم وضع سلسلة حديد على عنق الضحية، وتُستخدم لضربه أو لضغطه باتجاه الحائط.
وتشير إحدى الوثائق الأخرى، إلى أن النشيري بعد انتهاء جلسات التعذيب، كان يُجبر على دخول صندوق صغير جالساً فيه كالقرفصاء، وقد أخبره المحققون أنهم لا يعتقدون أنه يقول الحقيقة وهددوه بإجراءات أكثر صرامة في حال لم يتعاون معهم، وذكرت صحيفة انديبندنت، أن المحققين أدركوا في النهاية أن النشيري لم يخف أي معلومات خاصة عنهم، ومن المعروف أن رجلاً يدعى أبو زبيدة، وهو مواطن سعودي الأصل، قد اعتقل أيضاً بسبب تعاونه مع تنظيم القاعدة وتعرّض للتعذيب 83 مرة بطرق مختلفة مثل الإيهام بالغرق وحبسه في مكان خشبي صغير وغيرها من الوسائل.
وكانت هاسبل التي رشحها الرئيس الأمريكي ترامب لهذا المنصب، هي أول امرأة تتولى منصب رئاسة السي آي إيه، وهي مسؤولة عن مركز سري للاعتقال في تايلند في عام 2002، والذي استخدم كمختبر للتحقيق في أساليب التعذيب، وتقول التقارير إن هاسبل، في عام 2005، عندما كانت رئيساً لجهاز الأمن القومي، أمرت بتدمير العشرات من أشرطة الفيديو لمعتقلات التعذيب المثير للجدل في تايلند، كما أكدت ذلك في مجلس الشيوخ الأمريكي، مدعية أن هدفها هو إخفاء هوية بعض ضباط وكالة المخابرات المركزية الذين ظهرت وجوههم في تلك الأفلام. كما تكشف الوثائق الجديدة عن دور هاسبل في تعذيب النشيري في منظمة “الأرشيف الأمن القومي الأمريكي”، وهي منظمة غير حكومية مقرّها في جامعة جورج واشنطن.
ويقول توم بلانتون، مدير منظمة “أرشيف الأمن القومي”: “في الوقت الذي كانت فيه هاسبل مسؤولة عن مركز العمليات، كان سيتعيّن على التقارير – التي تم الكشف عنها مؤخراً – أن تمرّ عبرها أو حتى تكتبها بنفسها”، وحصلت المنظمة على التقارير السرية للغاية طبقاً لقانون حرية المعلومات، بعد أن تم تعديلها لإخفاء أسماء المحققين وضباط المخابرات الذين تضمنتهم تلك التحقيقات.
وكانت منظمة “ProPublica” غير الربحية الأمريكية، نشرت تقريراً من نفس الموقع السرّي التايلندي، عن طريق المخابرات المركزية الأمريكية في الحصول على المعلومات، وهذه الوثائق الصادرة حديثًاً تصف عمليات تعذيب النشيري باستخدام الغرق بالمياه، وكذلك وسائل التعذيب الأخرى.
المصدر / الوقت