التحديث الاخير بتاريخ|الإثنين, ديسمبر 23, 2024

إيران والعراق.. أهمية وضرورة التعاون والتنسيق 

العراق وإيران، بلدان مجاوران تربطهما علاقات مميزة أخوية سقطت أمامها فلسفة الحدود والحروب السابقة، حيث تؤكد تطورات الأحداث في كلا البلدين صحة الحقيقة القائلة أن القواسم المشتركة بين العراق والجمهورية الإسلامية الإيرانية جعلتهما أمام مسؤوليات وواجبات دينية وأخوية وأخلاقية تجاه أحدهما الآخر من جهة وتجاه ما يدور حولهما في دول الجوار والمنطقة والعالم من جهة أخرى، إلا أنه في الوضع الراهن، تواجه المنطقة أزمات متعددة، وتقع كل من الجمهوريتين في قلب هذه الأزمات، وهما تحتاجان بشكل متزايد للتعاون ودعم كل منهما الآخر، لكن لماذا؟

الجو العام للمنطقة:

بعد انتصار الثورة الإسلامية الإيرانية، والصحوة الإسلامية التي أحدثتها في المنطقة سعت الدول الغربية التي تعتبر الإسلام والمسلمين عدوها الأول، بكامل قدراتها لإيقاف أو تحريف هذه الصحوات الإسلامية الجديدة في سبيل تدميرها، وذلك لما لها من أثر سلبي على مصالحهم في المنطقة.

ومن هنا شهد العالم الإسلامي الكثير من المؤامرات والخطط المعادية وهو يعاني من ظروف صعبة للغاية، فهناك خلافات بين الدول الإسلامية ومختلف المسلمين، وهناك الحروب والأزمات بما في ذلك في اليمن وسوريا والعراق وأفغانستان والبحرين، التي لها تبعات سلبية كتدمير الموارد والبنية التحتية، والقتل الجماعي والفقر والجوع، والنزوح… هذه المشكلات تعدّ جزءاً مما يحدث في العالم الإسلامي، والتي بأغلبيتها لديها جذور داخلية وخارجية.

فعلى الصعيد الداخلي يعاني العالم الإسلامي، على الرغم من ثروته النفطية والطبيعية وغناه بالمعادن الثمينة وموقعه الجيوسياسي المهم في المنطقة من نظام سياسي فاسد يترأسه مجموعة سياسية غير كفوءة فاسدة تطمع للحصول على المال والسلطة والمصالح الفردية والحزبية على حساب منافع ومصالح المجتمع الإسلامي، وتكون في أغلب الأحيان أيضاً عميلة للغرب تقدّم خدمات لأعداء الإسلام عن طريق تدمير العالم الإسلامي من الداخل، وأمام هذا الوضع سوف ينهار العالم الإسلامي ويغرق في حالة من الفوضى ويصبح لقمة سائغة في فم أعداء الإسلام.

على الصعيد الخارجي أيضاً، عمل أعداء الإسلام بكل قدراتهم من أجل منع الصحوة الإسلامية من الانتشار، وعملوا على نشر الأفكار السيئة والجهل الديني والتفرقة بين المسلمين لكي يتكامل مشروعهم مع الأوضاع الداخلية الفاسدة التي يمرّ بها المجتمع الإسلامي، وتكون النتيجة في المستقبل انهيار المجتمع الإسلامي أمام الحلف الغربي المناهض.

أهمية وضرورة الوحدة والتعاون والمقاومة في العالم الإسلامي:

في السنوات الأخيرة أضحت أهمية الوحدة والتعاون بين جميع الدول الإسلامية ضرورة ملحة ومستعجلة، خاصة أن أعداء الإسلام قد اتحدوا فيما بينهم ووضعوا الخطط والاستراتيجيات من أجل تدمير الإسلام، هذا التعاون يتطلب شجاعة في اتخاذ المواقف، صحيح أنه في الفترة الأولى ستعاني الدول الإسلامية من الآثار المترتبة على هكذا مواقف، إلا أنها سوف تجني فيما بعد ثمرات نجاح هذا التعاون، كما أن العمل في غير هذا الطريق، كتفضيل المصلحة الوطنية على حساب المصالح الإسلامية هو عمل يصبّ في مصلحة الأعداء.

وللخروج من هذه الحالة المؤسفة، يتطلب الأمر، ليس شعارات فقط وإنما من الناحية العملية، يتطلب وجود أشخاص كفوئين، يمتلكون إرادة عظيمة وإيماناً حقيقياً لتحمل المسؤولية وتحمل معاناة المسلمين على حساب المصالح الشخصية والجماعية.

أهمية وضرورة العلاقات والتعاون بين إيران والعراق:

1-المجاورة: إن الجمهورية الإسلامية الإيرانية ودولة العراق هما جمهوريتان متجاورتان، ولا يمكن إلا أن يتأثر كل طرف بالآخر في حال حدوث أزمة ما في إحداهما.

2-الدين والمذهب والأيديولوجية المشتركة: إن الشعب العراقي والإيراني هما في طبيعة الحال شعبان مسلمان، وحتى من حيث المذهب الشيعي هما مشتركان أيضاً، وطبقاً للتعاليم الإسلامية، فإن على الشعبين التوحّد والتعاون ضد أعداء الإسلام ومنعهم من السيطرة على المجتمع الإسلامي، كما أن وجود العتبات المقدسة في كل من إيران والعراق، وخصوصاً الشيعية، جعل الرابط بين البلدين أكثر عمقاً وقوة.

ومن المنظار الديني، يتحتم على الشعوب المسلمة الدفاع عن بعضها البعض ضد الأعداء، دفاع غير مرتبط بـ “أما ولكن”، بل إنه في كثير من الأحيان تكون فاتورته كبيرة جداً، ومن هذا المنطلق، قامت الجمهورية الإسلامية بالوقوف إلى جانب العراقيين منذ أيام النظام البعثي الدكتاتوري، وقامت باستقبال أعداد كبيرة من العراقيين السنة والشيعة أو غيرهم من الطوائف، ولم تترد في أي لحظة من اللحظات من تقديم الدعم الكامل للهاربين من جحيم الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين، وفي أعقاب هجمات تنظيم “داعش” الإرهابي في العراق، والذي كان يتلقّى دعماً من بعض الدول العربية والغربية وخاصة من أمريكا، اتخذت الجمهورية الإسلامية في إيران على الفور ودون أي تردد موقفاً بتقديم الدعم الكامل للعراق فأرسلت مستشاريها العسكريين وقدمت الدعم اللازم له حفاظاً على وحدته وسلامة أراضيه، كما أن العراق لن يتوانى عن الدفاع عن إيران أيضاً، إذ أعلن الزعيم الشيعي مقتدى الصدر أنه في حالة الهجوم على إيران، فإن الدفاع عنها واجب شرعي وديني، كما أن الأغلبية العظمى من التيارات السياسية وكبار المسؤولين العراقيين أدانوا العقوبات الأمريكية ضد إيران وأكدوا على ضرورة مواجهتها في الساحة العالمية.

3-التهديد المشترك: تدرك الجمهورية الإسلامية الإيرانية والعراق، أن كلاً من أمريكا والصهاينة وبعض حلفائهم من العرب الذين يتبنون سياستهم في المنطقة، يعملون ضد الإسلام والمسلمين، ويعلم الشعب الإيراني والعراقي جيداً أن كل هذا العداء يرجع في الأساس إلى التمسك بالوصايا الإلهية ومحاربتهم للشيطنة في المنطقة، لقد أدرك الشعب العراقي بالتأكيد حقيقة أن وجود أمريكا في العراق هو ليس من باب الصداقة أو حسن النية، وإنما من أجل مصالحه ومطامعه بثروات العراق، ومن هنا فهم العراقيون أن أمريكا ليست حليفتهم بل إنها تستغل طاقمهم السياسي وتعمل على تخريب العراق الذي لطالما كان يقف في وجه الاحتلال الإسرائيلي، وتجعله ضعيفاً غير قادر على نصرة المظلومين المسلمين في المنطقة، ومن هنا اتحد العراقيون خلف المرجعية وقاموا بإخراج الأمريكي بالقوة من العراق في عام 2011.

الأمريكيون يدركون جيداً أهمية موقع العراق الجيوسياسية، وتحت ذريعة محاربة تنظيم “داعش” عادوا إلى بلاد النهرين، وهم يحاولون قدر المستطاع البقاء فيها من أجل تنفيذ أجنداتهم المعروفة الهدف، بتدمير الإسلام والمسلمين، ومن هنا يتضح للجميع وخاصة لإيران والعراق أن عدوهم الأول هو أمريكا و”إسرائيل”، وعليهم العمل والتعاون فيما بينهم من أجل تحقيق الانتصار برفع راية الإسلام وهزيمة راية الشيطان.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق