كم يلزم بن سلمان من ضحايا حتى اكتمال إصلاحاته؟
وكالات – الرأي –
لم يمر يوم لا نشهد فيه تردد أنباء عن مقتل أو اعتقال أو حبس أو تعذيب.. أو بالأحرى ترسخ الشعور باللاأمن لدى المواطنين السعوديين وخاصة أصحاب الفكر والنشطاء والإعلاميين منهم. حقيقة كم يلزم من قرابين لكي يكمل محمد بن سلمان إصلاحاته؟
بات القليل اليوم في داخل السعودية وخارجها من لم يقر بأن ولي العهد السعودي الشاب -والمتسرع طبعاً- لم تعد تتضح لديه الصورة حول ما يراها “إصلاحات”.
فنتيجة مشروع إصلاحات بن سلمان طوال عام واحد انتهت عملياً إلى إجازة النساء بسياقة السيارات، في آخر بلد كان قد أقر بهذا الحق الطبيعي والسائد للنساء. وفي الوقت ذاته وإن كان السماح لإقامة حفلات الموسيقى وتأسيس دور السينما وما شابه ذلك من إجراءات، قد تم الترويج لها إعلامياً على أنها من أكبر إنجازات بن سلمان، لكنها وفي الواقع قد أثارت حفيظة المتدينين وأصحاب الفتوى في هذا البلد المحافظ بشدة، فكان من الطبيعي أن لايرى بن سلمان مفراً بوجه ردود أفعال الدوائر التقليدية إلا توسعة دوائر السجون والقمع والتعذيب.
فمنذ بداية الإعلان عن مشروع الإصلاحات كان واضحاً أن بن سلمان قد وضع علمنة المجتمع السعودي على صدر أولويات برامجه. وكانت الذريعة لهذه العلمنة استقطاب أفئدة الجيل الشاب، استناداً على هواجس شبابية بحتة. حيث كان بن سلمان لا يدرك من هذه العلمنة وبرأيه “الإصلاحات” إلا القشرة الظاهرة. ولذلك ومنذ يومها الأول لم تلق هذه الإصلاحات الشكلية حتى من قبل دول الغرب – والتي تنظر إلى جيبه لا إلى أسلوبه – أي ترحيب، حتى أنه وفي موارد عدة تم توجيه التحذير إليه من الانتباه إلى العواقب الخطيرة وغير المتوقعة لهكذا تطرفات، ما لم يعبأ به بن سلمان أبدا.
بعد مضي أشهر قليلة من بدء بن سلمان إصلاحاته أعلن أن التطرف كان قبل قبل تسنمه المنصب 60 بالمئة وبفضل إصلاحاته أصبح الآن 10 بالمئة. بغض النظر عن صحة أو سقم هذه الأرقام، لم ينتبه ولي العهد الفتي أن جزءاً كبيراً من هذه الـ10 بالمئة هي تعود إلى إصلاحاته بالذات، وهي نابعة من أسلوبه.
على أي حال نتاج هذا التطرف لم يكن سوى وصول هذه الإصلاحات إلى طريق مسدود، الإصلاحات التي بدأت تحت شعار التصدي للفساد الاقتصادي وللمفسدين، وتبين لاحقاً أنها لم تكن سوى تصفية حسابات عائلية، من أجل التشهير وبهدف حذف الذين تكون لهم أقل داعية في الملك بالسعودية.
واستمرت هذه “الإصلاحات” بقضايا شكلية كإعطاء النساء حق القيادة وإقامة الحفلات الموسيقية وفتح دور السينما، والتي تحولت إلى أداة للتعرف على المخالفين السابقين والقبض عليهم، كما توالت الأخبار عن اعتقال النشطاء، وخاصة النساء منهم.
لكن العلمانية الشكلية التي يبغيها بن سلمان لا يمكن أن تتوقف في هذه الظروف لأن الحركة التي بدأها ليست لها خاتمة وهو غير قادر على إنهائها.
مع تصاعد المعارضة من قبل الهيئة الدينية السعودية -التي كانت في الواقع تشكل دعامة شرعنة النظام السعودي على مدى تاريخ آل سعود- ضد إصلاحات ولي العهد، يبدو أن العودة إلى الديكتاتورية أمر لا مفر منه. وبالتالي فإن أي صوت معارض سواء كان متعاطفاً أو منتقداً إلى حد ما، يجد مصيره في السجن والتعذيب وفي النهاية الموت تحت التعذيب (كما هو الحال مع سليمان الدويش).
في هذه الحالة، رسالة بن سلمان واضحة تماماً “إما معنا وإما علينا”، وهذه الرسالة لا تعرف الصديق أو غير الصديق ولا تميّز بين رجل دين، ومفتي، أو ناشط سياسي- اجتماعي، وبطبيعة الحال، كل يوم يخرج عليهم بأوامر جديدة.
وعلى الرغم من أن الشعب السعودي لم يكن له حق الاعتراض على قرارات محمد ووالده، فهو أدرك جيداً بعد اعتقال “الحضيف” أنهم لا يستطيعون حتى انتقاد أو إبداء رأي حول الإمارات وجميع الذين ولي العهد السعودي ملتزم بإطاعتهم.
كما يعتبر نشر صور من العدوان السعودي على اليمن، والإبلاغ عن موقع سقوط الصواريخ اليمنية للإعلام جريمة ايضاً.
ففي الإصلاحات الشكلية لبن سلمان هل هناك هدف لم يحققه بعد؟ على أي وجوه سياسية ودينية ومعارضة ستفتح باب سجون بن سلمان بعد الآن؟ هذه الأسئلة والعديد من الأسئلة الأخرى تنتظر الإجابة في الأيام القادمة.انتهى
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق