ما هي الجماعات الإرهابية في إدلب…وما هو مستقبلها؟!
بعد تحرير الجيش السوري وحلفائه لمناطق الجنوب السوري، تتجه الأنظار اليوم نحو أقصى الشمال وخاصة باتجاه مدينة إدلب السورية، معقل الجماعات المسلحة والإرهابية. وبحسب تقرير نشرته صحيفة “رأي اليوم”، فإن المعلومات الواردة من الشمال تشير إلى استعدادات عسكرية غير مسبوقة للجيش السوري وحلفائه لإنهاء وجود الجماعات المسلحة في الريف الشمالي الشرقي لمدينة اللاذقية والمرتفعات المطلة على “جسر الشاغور” في ريف إدلب الشمالي، من ناحية أخرى أكد مصدر ميداني في الجيش السوري هذه المعلومات، وقال إن المعركة تأخرت كثيراً بفعل محاصرة أهالي كفريا والفوعة، لكن وبعد إطلاق سراحهم باتت العملية قريبة جداً.
الجماعات الإرهابية في إدلب
تتمتع الجماعات الإرهابية في إدلب بقدر كبير من التنوع من حيث الخطاب الديني والهوية والأهداف والانتماء الأجنبي، وخلال سيطرتهم على هذه المحافظة تعرّضت المدينة إلى تحولات كبيرة بسبب التطورات التي شهدتها الساحة السورية على مدى السنوات الماضية، وبناءً على ذلك فإن معرفة هذه المجموعات ومعرفة نوع الخطاب الحاكم فيما بينها وتطورها، سوف يحدد آفاق هذه العمليات ومستقبل هذه المجموعات.
وفي الوقت الحاضر، تعتبر محافظة إدلب القاعدة الوحيدة للجماعات الإرهابية المعارضة شمال سوريا، وتشهد هذه المحافظة فوضى أمنية غير مسبوقة تمثلت بازدياد حالات الاغتيال والتصفيات والتفجيرات، وعمليات خطف مقابل فدية، وهو ما جعل المدينة تعيش حالة عدم استقرار، وقبل البدء في بحث التحولات التي شهدتها مدينة ادلب، سنقوم بعرض بسيط للجماعات الإرهابية الموجودة في المدينة ونصنفها من حيث قوتها العسكرية، وهي كالتالي:
أحرار الشام: وتسعى هذه الحركة لتشكيل دولة إسلامية مبنية على الشريعة الإسلامية، وترتبط بالإخوان المسلمين بسوريا ولها علاقة قوية مع تركيا وقطر، أسستها عدة فصائل عسكرية إرهابية منتشرة شمال سوريا وهي كتائب أحرار الشام وحركة الفجر الإسلامية وجماعة الطليعة الإسلامية وكتائب الإيمان المقاتلة، يصل عدد العناصر فيها إلى 20 ألفاً، معظمهم مواطنون سوريون، وفي عام 2016، ظهرت علامات الانقسام والفصل بين صفوف الحركة بسبب رفض بعض قادتها للعمليات التركية، وبحلول عام 2017، سيطرت هذه المجموعة على معبر باب الهوا الواقع على الحدود بين سوريا وتركيا.
جيش ادلب الحر: تم تشكيل المجموعة عام 2016 في أعقاب دمج الفروع الثلاثة للجيش السوري الحر وهي الفرقة 13، الفرقة الشمالية، ولواء صقور الجبل، وكان الغرض من التشكيل هو إقامة تحالف بين المجموعات المسلحة الثلاث التابعة للجيش الحر شمال غرب سوريا.
فيلق الشام: يعرف كذلك باسم فيلق حمص، هو تحالف يضم جماعات إسلامية إرهابية، تم تشكيله من 19 مجموعة مختلفة، كان بعضها ينتسب سابقاً لجماعة الإخوان المسلمين السورية وهيئة دروع الثورة.
جيش المجاهدين: العدد التقريبي لهذه المجموعة هو 1000 عنصر، تم تشكيلها لمحاربة تنظيم داعش.
فرسان الحق: الفرقة الشمالية، سابقًاً لواء فرسان الحق، هي جماعة تابعة للجيش السوري الحر، وحصلت الجماعة على صواريخ بي جي إم-71 تاو من أمريكا والسعودية وهي أيضاً مسلحة ومدربة وممولة من قطر، وتتمركز هذه المجموعة في منطقة كفر نبال.
فاستقم كما أمرت: هي جماعة معارضة مسلحة، قريبة من الجيش السوري الحر وتتألف من 2000 عنصر.
حركة نور الدين الزنكي: تأسست الحركة أواخر يوليو 2011 في ريف حلب من قبل شخص يدعى توفيق شهاب، وعديدها 7000 عنصر في بداياتها، كانت ضمن الجيش الحر وشاركت في العديد من العمليات ضد النظام السوري، وخلال تلك الفترة شهدت هذه الحركة الكثير من التحولات في المواقف والتحالفات مع المجموعات الأخرى، على سبيل المثال، انضمت الحركة إلى جيش الفتح لبعض الوقت وشاركت في عملية ضد الجيش السوري في محافظة إدلب، بعد بدء محادثات أستانا في أوائل عام 2017، شكلوا مع فتح الشام جبهة تحرير الشام وأصبحوا أكبر وأقوى مجموعة عسكرية في ادلب، ولكن بعد فترة وجيزة من منتصف عام 2017، بعد بداية الصراع بين تحرير الشام وحركة أحرار الشام، انفصلت حركة نور الدين الزنكي عن تحالف تحرير الشام وانضمت إلى أحرار الشام.
صقور الشام: هذه المجموعة لها هوية الإخوان وقد تم تشكيلها بهدف إقامة دولة إسلامية لحماية حقوق الأقليات، أنشأها أحمد أبو عيسى، الملقب بأبو عيسى، وعدد عناصرها يتجاوز 6000 عنصر، في سبتمبر 2016 انضموا إلى جيش الفتح الذي يعتبر أحرار الشام أيضاً أحد أعضائه، وفي 25 يناير 2017، انضم صقور الشام إلى أحرار الشام لكنه استعاد في وقت لاحق قدراً من الاستقلال الذاتي كحليف لأحرار الشام.
جيش العزة: جماعة سورية تابعة للجيش السوري الحر تنشط شمال غرب سوريا، وخاصة في سهل الغاب شمال حماة والمناطق المحيطة به.
هيئة تحرير الشام: جبهة النصرة سابقاً وهي أخطر الجماعات الإرهابية الموجودة في ادلب، أسستها عدة فصائل عسكرية منتشرة شمال سوريا وهي جبهة فتح الشام، وحركة نور الدين الزنكي، ولواء الحق، وجبهة أنصار الدين، وجيش السنة، وذلك إثر انعقاد مؤتمر أستانا، ويترأس هيئة تحرير الشام القائد العام السابق لحركة أحرار الشام الإسلامية هاشم الشيخ المكنى بأبو جابر، وفي الوقت الحالي تسيطر هذه الهيئة على أكبر مساحة من محافظة إدلب.
لواء الحق: هذه المجموعة قريبة من جبهة النصرة وتتألف من ألفي عنصر عسكري.
جند الأقصى: بعد انفصالها عن داعش، بايعت هذه المجموعة جبهة النصرة وهي تتألف من 1000 مقاتل أجنبي متشددين.
حزب الإسلامي التركستاني: هذه المجموعة هي واحدة من أوائل الداعمين لتنظيم القاعدة التي تشكلت شمال غرب الصين، وبعد دخولها سوريا مباشرة سرعان ما حصلت على مكان خاص بين الجماعات الإرهابية.
جيش البادية وجيش الملاحم: بعد إعلان تحرير الشام انفصالها عن القاعدة، انشقت هاتين المجموعتين في عام 2017 عن تحرير الشام، وتتمركز حالياً في المحور الجنوبي لإدلب.
التحولات التي شهدتها الجماعات الإرهابية في إدلب
في عام 2016، ومع بدء مفاوضات أستانا ومشاركة ممثلي بعض المجموعات العسكرية في المحادثات، هاجمت فتح الشام (النصرة سابقاً) مقرات المجموعات المشاركة في هذه المفاوضات، واستطاعت السيطرة على جزء كبير من جغرافيا المحافظة، وخلال هذه الحملة انضمت العديد من المجموعات العسكرية الإرهابية إليها، بما في ذلك حركة نور الدين الزنكي، وأنشأت فيما بينها هيئة تحرير الشام، وعلى الطرف المقابل أكدت الجماعات المسلحة المشاركة في محادثات أستانا تأييدها لحركة أحرار الشام، التي تعتبر أقوى جماعة عسكرية مقربة من جماعة الإخوان المسلمين، وأكدوا أيضاً على رفضهم لهيئة تحرير الشام.
ومنذ ذلك الحين، انقسمت محافظة إدلب إلى معسكرين، معسكر برئاسة تحرير الشام ومعسكر آخر برئاسة حركة أحرار الشام، ويؤيد المعسكر الأول الخطاب السلفي التكفيري ويعود إلى تنظيم القاعدة وتدعمه السعودية، أما المعسكر الثاني فهو لديه فكر الإخوان المسلمين ويتلقى الدعم المالي واللوجستي والفكري من تركيا، وخلال هذه الأعوام تعرّض المعسكران إلى الانقسامات، فانفصلت بعض المجموعات من معسكر والتحقت بالآخر، كحركة نور الدين الزنكي التي انفصلت عن معسكر تحرير الشام وانضمت إلى أحرار الشام.
وبسبب هذه الانقسامات والانشقاقات، تحوّلت هيئة تحرير الشام إلى أقوى تنظيم إرهابي في ادلب مقارنة مع أحرار الشام، حيث استطاعت السيطرة على مساحة كبير من المحافظة، ومن أجل منع توسعها أكثر قامت أحرار الشام في 18 فبراير 2018 بتشكيل جبهة تحرير سوريا بعد دمج قامته مع حركة نور الدين الزنكي الإرهابية.
بشكل عام، إن محافظة إدلب اليوم هي أشبه بمسرح مواجهة بين الخطابين السلفي – التكفيري وخطاب الإخوان المسلمين، هذا الخلاف أدّى إلى فجوة كبيرة بين هذه المجموعات، زادت اتساعاً بسبب الاختلافات بين داعميهم الرئيسيين السعودية وقطر، ومن الناحية العسكرية تعدّ هذه الفجوة نقطة ضعف ستساعد الجيش وحلفاءه بشكل كبير على مواجهة هذه الجماعات الإرهابية وهزيمتها في فترة زمنية قصيرة، وعلى الرغم من اتخاذ تركيا خطوات مهمة لتشكيل مجموعة جديدة تحت اسم الجبهة الوطنية، من أجل خلق الوحدة والتناغم بين الجماعات المنسوبة إلى جماعة الإخوان المسلمين السورية، بما في ذلك فيلق الشام، صقور الشام، جيش الأحرار، جيش إدلب الحر وجبهة تحرير سوريا والألوية المنضوية تحت راية الجيش الحر، إلا أن التحدي الرئيسي للجيش وحلفائه يتمثل في مواجهة “جبهة تحرير الشام”، التي تتمتع بقدرات وإمكانات عالية من حيث الأعداد والعتاد.
المصدر / الوقت