عام على التحرير الثاني…المقاومة مناعة لبنان يجب الحفاظ عليها
“وان عدتم عدنا” بهذه الكلمات من العام الماضي بدأ رجال المقاومة الإسلامية جنباً الى جنب مع قوات الجيش اللبناني معركة تحرير السلسلة الشرقية من الإرهاب التكفيري الذي عثا في الأرض ظلماً وجوراً باسم الإسلام. بفضلهم تحقق الانتصار الثاني، الذي كانت حصيلته تحرير آخر بقعة من جرود لبنان كان يتواجد فيها إرهابيو تنظيم “داعش” والنصرة الارهابيين. في هذا التحرير تأكد للقاصي والداني على أهمية حاجة المقاومة في بلد كلبنان، حاجة لا يمكن أن تنتفي في ظلّ واقع لبناني انقسامي وخلاف على تحديد العدو والصديق، خلاف يؤدي الى تعطيل القرار السياسي وشلّ يد الجيش واستباحة لبنان من قبل أي عدو كان.
بادر المقاومون دون أي تردد، ووضعوا الاصبع على الزناد دون أي خوف وانطلقوا في معركة تحرير الجرود وأول أمر بادروا اليه إقامة حزام وسد عسكري منيع على الإرهاب والإرهابيين يمنعهم من التمدّد غرباً إلى المدن والبلدات البقاعية، هذه البلدات التي عانت الكثير من الإرهاب التكفيري فقدمت عشرات الشهداء الذين سقطوا جراء العمليات الإرهابية من تفجيرات سيارات مفخخة هنا وصواريخ سقطت على بيوتهم هناك. كما أن سكان البقاع لم يكونوا هم الوحيدين الذين عانوا من هذا الإرهاب، فمدينة طرابلس وبيروت وضاحيتها الجنوبية كانوا على مواعيد كثيرة مع تفجيرات الدم التي كان ينفذها الارهابيون ضد المدنيين اللبنانيين من أجل زيادة الضغط على المقاومة، الا أنهم لم يكونوا يعلمون أن لبنان واللبنانيين قدموا الغالي والنفيس مقابل العدو الإسرائيلي وهم على استعداد لتقديم ذلك مرة أخرى وأخرى وأخرى.
بعد الحزام الأمني، قامت المقاومة بالتنسيق مع الجيش اللبناني والقوى الأمنية من أجل منع عملاء الداخل الإرهابيين من زعزعة الاستقرار في ظل عمليات المقاومة في الجرود، واستطاعت من خلال هذا التنسيق توقيف العديد من الخلايا الإرهابية التي كانت تنوي تنفيذ عمليات انتحارية من أجل التخفيف عن الارهابيين في الجرود، فقام الجيش اللبناني بإجراءات امنية مكثفة وحاصر بلدة عرسال اللبنانية والقلمون الغربي اللتين كانتا قاعدتين لانطلاق الإرهابيين لتنفيذ عمليات إرهابية في الداخل اللبناني.
وفي إطار هذا النصر التاريخي المؤزر يمكن تسجيل النقاط التالية:
1-ينعم لبنان اليوم بمستوى رفيع من الأمن في الداخل تجلّى بانخفاض سقف التهديد الأمني بنسبة تتراوح بين 90 الى 100 في المئة بفضل انتصار المقاومة والجيش على الإرهاب، حيث أقيمت مهرجانات بعلبك 2017 على وقع المعارك بين المقاومة والمجموعات الارهابية التي تتحصن في الجرود الشرقية للبنان والتي كانت تبعد بضع عشرات الكيلومترات عن مكان المهرجان.
2-اثبت الانتصار أن المقاومة لديها قدرات هجومية عالية حيث استطاعت لوحدها خلال أيام تطهير أكثر من 700 كلم2 من دون انتظار قرار سياسي داخلي كان معروفاً أنه لن يأتي في ظلّ تلك البيئة الداخلية والإقليمية التي فيها معسكر يتخذ من الإرهاب سلاحه وجيشه السري.
3-نجاح المقاومة في الجرود حرر القيود عن أيدي الجيش اللبناني فقاد عملية فجر الجرود بعد أن تغيّر القرار السياسي في ظلّ تغيّر موازين القوى داخلياً وخارجياً لصالح محور المقاومة الذي يعتبر فيه حزب الله عنصراً رئيسياً.
4-أكد تحرير الجرود صوابية حرب حزب الله على الإرهاب في سوريا، لإضعافه في اطار جهود محور المقاومة وصولا الى قطع يده عن الداخل اللبناني، رغم كل مزاعم بعض اطراف الداخل عن استجلاب الارهاب وما الى ذلك من اقوال واهية.
5-بفضل هذا الانتصار، أصبح لبنان الدولة الاولى في المنطقة التي تطرد آخر مسلح ارهابي عن ارضها وذلك بفضل المعادلة الذهبية “الجيش والشعب والمقاومة”.
6-الخيبة الإسرائيلية من هذا الانتصار، وانكسار داعش أمام ضربات المقاومين، كما اثبت ما كان ينفذه هؤلاء الارهابيون في المشروع الامريكي الصهيوني ضد لبنان، ليكون النصر على هؤلاء الارهابيين عند جانبي الحدود نصرا على العدو الصهيوني ومشاريعه.
7-لا نبالغ ان قلنا إن تحرير السلسلة الشرقية في ٢٦ آب ٢٠١٧ ليس بحدث عابر في تاريخ لبنان، بل على العكس تماماً حيث يجوز القول إن أهميته توازي أهمية تحرير الجنوب من الاحتلال الإسرائيلي عام ٢٠٠٠ وذلك بفضل التنسيق الكبير الذي حصل بين المقاومة والجيش اللبناني الذي كان غائباً وممنوعاً من التحرك نحو جنوب لبنان بسبب ارتباط قراراه بحكومة ضعيفة كانت تعتبر قوة لبنان بضعفه وكان قرارها السياسي مرتبط في أغلب الأحيان بالخارج.
هنا لا بد من الإشارة أن انتصار المقاومة والجيش اللبناني وكذلك انتصارات الجيش السوري على الإرهاب لا تعني أبداً انتهاء ظاهرة الإرهاب في المنطقة بشكل تام لأن الجماعات الإرهابية التي هي وليدة التطرف، ونتيجة الدعم الذي تتلقاه، لازالت تشكل خطراً لا يمكن الاستهانة به بسبب الأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية المضطربة في عدد من دول المنطقة والتي يتطلب حلّها جهوداً مضاعفة، باعتبار أن الفقر والجهل والاضطراب السياسي يوفر أرضية خصبة للجماعات المتطرفة تمكنها من معاودة عملياتها الإجرامية ضد شعوب ودول المنطقة.
ختاماً لا يسعنا الا ان نهنئ لبنان واللبنانيين اليوم، وفي 26 آب 2018، بذكرى مرور عام على انتصار مقاومتهم وجيشهم وشعبهم الثاني على احتلال بربريٍّ ووحشي يتستر باسم الدين لينفذ عملياته التكفيرية. هذا الانتصار الذي حققه الجيش والمقاومة بعتادهما المتواضع، كسر شوكة “داعش” وأخواتها، وداعميهم الصهاينة والامريكي من خلفهم وأثلج قلوب اللبنانيين ووحد صفوفهم حول المعادلة الذهبية، لتكرّر هنا ومرة أخرى مشهدية اندحار الاحتلال الإسرائيلي، ونشوء المقاومة، وتحرير الجنوب، الذي بات اليوم يسمّى التحرير الأول، ويؤكد مرة أخرى مدى حاجتنا للمقاومة واستمرارها لحماية لبنان وحماية من يقول لأمريكا نرفض استعمار ويقول للكيان الاسرائيلي نحن بالمرصاد فلا تتجرأ على العدوان.
المصدر / الوقت