بشرى سارة للسوريين
بدت الحالة السورية مع نهايات عام 2018 تظهر بشكل تدريجي، وكأنها تذهب في منحى جديد توقعه الكثيرون، وهو السير بإتجاه الخروج من عنق الزجاجة بعد حرب ضروس استمرت لثماني سنوات.
نعم بدا ذلك واضحا على الرغم من تعقيد المشهد السوري ورغم التشابكات والتقاطعات الإقليمية والدولية التي حكمتها روح الإنتقام والسيطرة وتحقيق مشاريع وأحلام تاريخية في الإستحواذ على سوريا أو جزء من أراضيها من قبل بعض القوى، هذا من جهة، ومن جهة أخرى حكمتها المصالح الجيوسياسية والإقتصادية لقوى عالمية كبرى تمثلت بالدرجة الأولى بروسيا والولايات المتحدة الأمريكية، زد على ذلك ما تفرع عن الوضع الناشىء من تحطم قواعد الحرب بالوكالة على جدران صمود الدولة السورية على أساس التكامل الجيوسياسي والإقتصادي مع الحلفاء القريبين والبعيدين، مرحلة كانت من أصعب السنوات التي مرت على سوريا في مراحل زمنية سابقة تعرضت فيها لشتى أنواع الحصار والضغط والإعتداءات والحروب.
مرحلة قاسية جداً وضعت الجميع أمام خيارات صعبة جلها لم يكن متوقعاً يقدم من خلال تقاطعاتها الأكاديمي والباحث السياسي السوري الدكتور حسام الدين خلاصي رؤية دقيقة وواضحة لما آلت ويمكن أن تؤول إليه الأمور في المستقبل القريب.
هل بدأت سوريا فعلياً بحصاد نتائج ثمان سنوات من الصمود في وجه أعتى الحروب في التاريخ الحديث إنطلاقاً من إتساع دائرة الحرب والمشاركة الواسعة فيها؟
أين موقع سوريا من ميزان الربح والخسارة في ظل معمعة حرب المصالح الدولية والإقليمية التي مازالت مستمرة وحمالة أوجه؟
هل فعلا عام 2019 عام إنتصار حقيقي للسوريين في ظل الإنتصار في الميدان وبدء التعافي السياسي والإقتصادي وعلى أي أسس ومرتكزات يمكن أن تبنى هذه الرؤية؟
ماهي ملامح المرحلة القادمة إنطلاقاً من مركزية الدولة السورية فيها لجهة التوافقات البينية على الصعيد الداخلي في ظل التناقضات الإقليمية والدولية الناشئة والمستجدة والقادمة؟
في مقدمة رؤيته لهذه المتغيرات ونتائجها ومنعكساتها على الحالة السورية يرى الأكاديمي والباحث السياسي رئيس ومؤسس الأمانة العامة للثوابت الوطنية في سوريا الدكتور حسام الدين خلاصي:
“العام 2019 يبدأ وبالتدريج بحصاد نتائج سنين ثمانية من الحرب الضروس على سوريا من قبل دول عديدة وأنظمة متآمرة على سوريا من أجل تغيير هويتها الوطنية والقومية والسياسية، تلك الهوية التي كانت تشكل أكبر إعاقة لمشروع التمدد والتطبيع الصهيوني في المنطقة والعالم. بعد توضح الصورة تماماً ومنذ عام الحسم في 2015 وتدخل القوات الروسية والحليفة إلى جانب سوريا بدأت عملية لملمة الفصول من قبل المعتدين بأكبر الأرباح وأقل الخسائر. فأعلن عن التطبيع والذي كان مقدراً الإعلان عنه بعد سقوط الدولة السورية كأمر واقع، وأعلن عن العداء لإيران بوضوح تام، وأعلن عن الرغبة في قيام دولة كردية في الشمال الشرقي من سوريا والتمهيد لمثلها في إدلب وريفها، رغم النتائج المبهرة للجيش العربي السوري وحلفائه، هذا كله تم في جو إقليمي يسوده التوتر بين القوتين الرئيسيتين في العالم، ورغبة أمريكية لإستعداء العالم كله من خلال منطق الربح والخسارة وظهور رغبة الولايات المتحدة الأمريكية بالإنسحاب من كل الإلتزامات الدولية في عهدي أوباما لأنها لم تجر إلا الخيبة وقلة الأرباح”.
بالنسبة للمتغيرات الحاصلة لجهة المواقف والإصطفافات المستجدة و المنعكسة عنها وماهية موقع وموقف الدولة السورية في ظل معمعة حرب المصالح الدولية والإقليمية يقول الدكتور خلاصي: “إن هذه الإعلانات كلها ورغم ملامح هزيمة المشروع الصهيوني في المنطقة لابد وأن يعلن عنها المفلسون كأوراق تفاوض تم التصريح عنها في لقاءات عديدة من قمة العشرين إلى قمة الدول السبع إلى جنيف إلى أستانا من منطلق أننا هنا الأقوياء نرفع سقف التفاوض لنحصل شيئاً بعد الهزيمة، وأمريكا لاحظت التقدم السريع والهادىء للروس في المنطقة، ولاحظت الإنتعاش الإيراني المزعج للكيان الصهيوني الذي بات يعرف أن إيران قاربت حدوده وإنتبهت للحرب بالوكالة والتي يديرها الروس بعناية شديدة (وهي نفس الأسلوب الذي إتبعه الأمريكان في المنطقة) وعرفت الولايات المتحدة الأمريكية رغم كل الضغوط على روسيا، بأن الروس ماضون في كسب الشراكات الجديدة على حساب التناقضات التي خلفتها إدارة أوباما في المنطقة والعالم والتي ترفضها إدارة ترامب ولكنها باتت سياسة أمر واقع”.
وأردف الدكتور خلاصي:
“يدخل عام 2019 مصحوباً بإقرار أمريكي بالفشل ومنذ إدارة أوباما في كسب سوريا، وأن سوريا هي مملكة رمال وموت، ويرافق ذلك ورطة تركية بالإيفاء بالتزاماتها بمقررات أستانا في ضبط المسلحين والتفريق بين المعتدل المسلح!!! وبين الإرهاب التكفيري، ولو حتى في مهلة الثلاثة أشهر وفي الشريط المقرر بعمق 20 كيلومتر، منكشفاً بذلك الدور الإستخباراتي والعسكري في دعم التنظيمات الإرهابية وتمردها عليه وعدم قدرته على توظيفها كلياً في محاربة الإنفصاليين الأكراد، ويبقى للتركي حجة محاربة الأكراد في الشمال الشرقي والذي لفظ في الكرد الإنفصاليين أنفاسهم الأخيرة بعد إقرار ترامب بالإنسحاب ورغبتهم باللجوء للجيش العربي السوري بدلاً من تحمل الضربة التركية المرحب بها بكل الأحوال من قبيل الورطة لأردوغان لترقى لمصاف التطهير العرقي في حال حدوثها”.
حول ملامح المرحلة القادمة وحتمية أن عام 2019 عام إنتصار حقيقي للسوريين في ظل الإنتصار في الميدان وبدء التعافي السياسي والإقتصادي وفقاً لأسس ومرتكزات هذه الرؤية يقول الدكتور خلاصي: “2019 عام إنتصار حقيقي للسوريين وهم يرون التعافي السياسي المهم والإقتصادي البطيء نسبياً، فالدول العربية من السودان بداية ولاحقاً الإمارات وبعدها موريتانيا وغيرها وما يحكى في الكواليس عم مصالحة برعاية مصرية وأردنية، وما يحكى عن شروط سورية لهذه العودة العربية إلى سوريا وطي صفحة الماضي فسوريا لن تنظر للوراء ولكنها تنظر بعين الشرط إلى المستقبل “.
وأشار الدكتور خلاصي إلى أن:
“2019 هو عام إنتصار لمحور المقاومة أيضاً وفيه تترسخ القدرة القتالية للفصائل الفلسطينية المقاتلة في غزة وفي الضفة وللمقاومة الإسلامية في لبنان، ولتوسع القدرة القتالية على جبهة الجولان، ونضيف إلى ذلك كسر الشوكة الصهيونية في سماء دمشق بعد تسلم الوجبة الدسمة من صواريخ “إس — 300” وباتت “إسرائيل” تعد للعشرة قبل أن تقدم على حماقات جديدة في السماء السورية واللبنانية بعد تبادل الخبرات القتالية بين الجيش العربي السوري والمقاومة بصورة عملية وتبادل الخبرات التسليحية والعتاد وصولاً للمقاومة في غزة.”
وأضاف الدكتور خلاصي: “2019 عام لربما يكون الحصار الإقتصادي لسورية أشد فيها، ولربما تستفيق الخلايا الإقتصادية النائمة لتعاود الإفساد الممنهج في الداخل السوري لنشاطها، ولكن اليوم صحوة الشعب السوري ستكون أكبر من إستدارة العملاء للواقع المعيشي ومحاولة تخريبه، وستكون القيادة بالمرصاد لهذه التعديات”.
2019 هو عام الربيع السوري الحقيقي ربيع الهوية الوطنية السورية وحتى حزيران 2019 ستكون الثمار قد أينعت.
نواف إبراهيم – شام تايمز
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق