هل يرضى الشعب السعودي بإهانات ترامب؟
تتوالى الإهانات الأمريكية للسعوديّة، إهانات ترامب لم تحرّك ساكناً حكومياً في الرياض، ولا ذبابها الإلكتروني، رغم أنها طالت الجميع، وكأن على رؤوسهم الطير.
لا يعدّ الابتزاز الأمريكي للسعوديّة بجديد، بل يعود للقاء الملك المؤسس عبد العزيز مع الرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت على متن المدمرة «مرفي»، لكنّ هذا الابتزاز كان يجري بالطرق الدبلوماسيّة، إلا أن ترامب يعمد إلى الأسلوب نفسه دون أي أسلوب دبلوماسي أو اهتمام بمشاعر الحلفاء أو حتى ردود الأفعال.
ما يحصل ابتزاز واضح، ولعلّ الصمت السعودي على هذه الإهانات هو الذي دفع بالرئيس ترامب لتكرار إهاناته كلّ فترة، وسنكتفي بذكر بعض هذه الإهانات التي لا يسعى هذا النصّ لسردها
إهانات بالجملّة
اعتاد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على توجيه الإهانات للسعودية منذ بدء حملته الانتخابيّة التي وصف فيها السعوديّة بالبقرة الحلوب، لاحقاً، وبعد وصوله إلى البيت الأبيض، بدأ الرئيس الأمريكي بسياسة (الحلب) التي ناهزت الـ 450 مليار دولار عند زيارته للرياض.
رغم كلّ هذا إلا أنّه أصرّ على مواصلة توجيه الإهانات للملك سلمان، والحكومة السعودية، بتذكيرهم بالأموال التي يدفعونها لواشنطن، وأنها أقل مما يجب.
بعد ذلك، وعندما كان ترامب يلتقي بوليّ العهد السعودي، في البيت الأبيض أخرج الرئيس الأمريكيّ لوحةً تحمل صور الصفقات العسكرية التي وقعها السعوديون والأمريكيون ومبلغ كل منها بالمليار، حيث وجّه حديثه لابن سلمان قائلاً: هذه المبالغ زهيدة بالنسبة لكم” وقال ترامب خلال اللقاء: السعودية ثرية جداً وستعطينا جزءاً من هذه الثروة.
مؤخراً، تحدّث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لأول مرة في لقاء خاص عن كواليس اللقاء الذي جمعه وزوجته مع الملك سلمان في السعودية، وكيف أمسك الملك سلمان يد ميلانيا زوجة ترامب وقبلها ثلاث مرات، حتى أوقفه ترامب وقال له يكفي.
لكن ترامب قد رفع مستوى هذه الإهانات مؤخراً، ففي إحدى المرّات قال ترامب (هل تعتقدون أن السعودية دولة غنية؟ نعم، وأنا أبلغت الملك سلمان أن عليه الدفع)، (أنا آسف، عليك الدفع، سنحميك لكن عليك الدفع)، وأردف قائلاً بنبرة مرتفعة: إنه لولا حمايته للمنطقة العربية، فإنها ما كانت لتصمد أمام إيران مدة 12 دقيقة.
الإهانة الأخيرة ربّما كانت الأقسى بعد “البقرة الحلوب” فقد قال ترامب بشكل مهين “أيها الملك، لقد أنفقنا الكثير ونحن ندافع عنك، وأنت تملك الكثير من المال”، حينها قال ملك السعودية: “لكن لماذا تتصل بي؟ لم يُجر أحد معي اتصالاً كهذا في السابق”، فقال ترامب: “هذا لأنهم كانوا أغبياء”، بحسب روايته.
إلى أين
لا ندري إلى متى تستمرّ هذه الإهانات السعوديّة، وهل إذا ما حصل مثل هذا الكلام من دولة أخرى لتصرّفت بالأسلوب ذاته؟ نذكر أنها انتفضت واتخذت قرارات صارمة وتصعيدية ضد كندا عندما طلبت السلطات الكندية تخفيف القيود عن السعوديين وتطرقت إلى مسألة حقوق الإنسان هناك، فهل هي سياسة صيف وشتاء تحت سقف واحد، أم عجز سعوديّة أم شيء آخر؟.
لا شكّ أنه لو لم تكن الحكومة السعودية ضعيفة، لما كرّر ترامب إهانته للملك سلمان، وعمد إلى حلبها متى أراد.
إن هذه الإهانات تشكّل صفعة كبرى لهذا النظام على الصعيد الدبلوماسي، وأكبر من ذلك لابن سلمان الذي حاول أن يقدّم نفسه أنموذجاً للشباب السعودي من خلال اللعب على الوتر الوطني؟ فهل الشباب السعودي يرضى بهذه الإهانات، بالطبع لا، فأين الذباب الإلكتروني من سخرية ترامب من السعودية في كل مرة؟
وأما عند البحث في أبعاد التهديد والإهانات الأمريكية فلا بدّ من الإشارة إلى التالي:
أولاً: هل ترامب مقتنع بأن أسلوب الإهانات هو الذي يجدي نفعاً مع السعوديّة؟ لماذا هو مقتنع بذلك؟ يبدو واضحاً أن هذا الأسلوب هو نتيجة تصوّر ترامب للواقع السعودي وهنا نسأل هل هذا التهديد الذي يكرّره ترامب هو داخلي أم خارجي؟
ثانياً: إذا كان التهديد داخلياً، فهل ترامب قادر على فرض سلطته على الشعب السعودي، هذه إهانة لآل سعود من ناحية، ولشعب الحجاز من ناحية أخرى، هل واشنطن “متغلغلة” في السعودية إلى هذا الحدّ؟ هل ذلك تمسك بمقدّرات البلد الداخليّة؟.
ثالثاً: وأما إذا كان التهديد خارجياً، ألم تكفِ صفقات التسلّح السابقة؟ ألا تكفي الصفقات التي تعقد بمئات المليارات من الدولارات من أجل التسلّح؟ وهل الأمر على هذا النحو بالفعل بحيث تسقط السعودية أمام خطر خارجي خلال أسبوعين فقط؟ فهل الأسلحة الأمريكية غير فعّالة، أم إن السعوديين غير قادرين على استخدام هذه الأسلحة كما قال ترامب في إحدى إهاناته.
عوداً على بدء، لا شكّ أن الشعب السعودي صاحب عراقة عربية یأبى الذل والهوان، وبالتالي فإن حالة الخنوع والخضوع التي تظهر بها السعودية أمام الإدارة الأمريكية أثارت امتعاضاً واسعاً في الشارع العربي، والسعودي، ليردّ المغردون على هجوم ترامب الأخير بتغريدات#ترامب – يهين – سلمان و #ترامب – يهين -السعودية.
نأمل أن يرتفع مستوى الردّ السعودي على هذه الإهانات، الشعب السعودي أرفع من هذه الإهانات، والأموال تخصّهم ومن جيبهم. لكن وصول “صبيان إلى الحكم” يجعلهم يدفعون الثمن، فهل كان مفتي ليبيا الصادق الغرياني محقّاً عندما طالب المسلمين في العالم بالاكتفاء بأداء الحج والعمرة مرة واحدة، لأنه مالٌ يذهب إما إلى حكام السعودية لقتل المسلمين والتآمر على شعوب تتوق إلى الحرية، أو للرئيس ترامب لصرفه على الشعب الأمريكي؟.
المصدر / الوقت