الاعتداءات الإسرائيلية على سوريا ومغامرة اللعب بالنار!
أعلنت وكالة الأنباء السورية “سانا” عن تصدي وسائط الدفاع الجوي في الجيش العربي السوري لأجسام غريبة في أجواء المنطقة الجنوبية.
وذكرت الوكالة أن المضادات الأرضية تعاملت مع أجسام غريبة دخلت من الأراضي المحتلة إلى أجواء المنطقة الجنوبية، وفي أعقاب هذا الهجوم أعلنت بعض وسائل الإعلام المعارضة للدولة في سوريا أن هذه الضربات استهدفت مستودعات تابعة للمقاومة في منطقة الكسوة السورية.
أهداف وآثار الغارات الجوية الإسرائيلية
خلال السنوات الماضية لعب الكيان الإسرائيلي دوراً رئيساً في اندلاع الاضطرابات وانتشار الإرهاب في سوريا وذلك بهدف تحقيق مصالحه الشخصية عبر كسر سوريا وتقسيمها لما تلعبه من دور مهم في محور المقاومة “العدو الرئيس له في المنطقة”.
إلا أنه ومع انتصار المقاومة على الإرهاب واستعادة الدولة السورية عافيتها باستعادتها أكثر من 95% من مساحة سوريا من الإرهابيين عادت لتزداد المخاوف الأمنية الإسرائيلية من مستقبل مبهم مليء بالمخاطر الأمنية، وهذا بدوره أدّى بالزعماء الصهاينة والمسؤولين الغربيين إلى ضمان أمن الأراضي المحتلة في أي تطوّرات قد تشهدها المنطقة في القادم من الأيام، وخاصة في سوريا، لذلك نرى الصمت الدولي اليوم حول الغارات الإسرائيلية على سوريا، ففي سبتمبر 2018، وفي خطوة غير مسبوقة من قبل جيش الدفاع الإسرائيلي، أعلنت وزارة الدفاع الإسرائيلية في بيان لها أن “الجيش الإسرائيلي شنّ أكثر من 200 غارة جوية على أهداف إيرانية في سوريا خلال العام الماضي وأطلق أكثر من 800 صاروخ وقذيفة هاون على مواقع للجيش والمقاومة في الجنوب السوري”.
وبالرغم من اتباع الكيان الإسرائيلي لهذه السياسة، إلا أن الواقع يظهر عدم استطاعته التأثير ولو بشيء طفيف على نتائج المعركة في سوريا.
وفي هذا السياق نذكر ما قاله علي شمخاني، الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني في فبراير 2019: “هل كان للاعتداءات الصهيونية تأثير رئيس ولافت في منع تحقق أهداف المقاومة في سوريا أم لا؟ الجواب هو أننا حققنا أكثر من 90 في المئة من أهدافنا، لذلك الاعتداءات لم يكن لها تأثير استراتيجي، والمقاومة تقدّمت في مهمتها”، واعتبر شمخاني أن “هذه النسبة من النجاح رغم الدعايات التي تتم بشأن الإشراف الاستخباراتي الإسرائيلي في سوريا، تشير إلى أن الصهاينة ليس لديهم إشراف استخباراتي أيضاً، ففي إحدى المحاولات الإسرائيلية وجهوا صواريخهم نحو مخزن للسجاد ظناً منهم بأنه مخزن للصواريخ حيث يعتبر هذا الأمر فضيحة مدوّية من الناحية العسكرية”.
يضيف: “اتخذنا بعض الإجراءات لنحافظ على خطوطنا الحمراء من ناحية الخسائر البشرية الناجمة عن أي اعتداء، جرى القيام بهذا الأمر بالتعاون مع الجيش السوري ومجموع الحلفاء في هذا البلد وسنشهد قريباً تطوراً مهماً في مجال تعزيز ردع المقاومة في سوريا.
أظن أن المسؤولين الصهاينة ولا سيما المسؤولين العسكريين والاستخباراتيين يدركون هذا الأمر جيداً، وقال: “أسلوب التعاطي مع اعتداءات الكيان الصهيوني على سوريا ومحور المقاومة في عام 2019 سيكون مختلفاً عنه في السابق” معتبراً أن هذه الاعتداءات تخدم الإرهابيين.
واختتم شمخاني: “استهداف قوات إيران والمقاومة في بعض الاعتداءات كان تجاوزاً لخطوطنا الحمراء، لذلك الأمر قمنا بالرّد القاسي بعد الاعتداء على مطار التيفور ووجهنا ضربة قاسية لهم”.
كما أنه إذا أجرينا نظرة كلية على التحولات في الميدان السوري نرى أن ما تحقق هو في مصلحة المقاومة وسوريا، كما أن الصواريخ الإسرائيلية لم يكن لها أي أثر إلا أنها كانت تهدف إلى جذب الانتباه الغربي للحفاظ على أمن الكيان المتذبذب، كما أن هذه الهجمات الإسرائيلية تظهر أيضاً وبحسب محللين الحصار الذي يعيشه الكيان من قبل محور المقاومة فجبهته الشمالية كانت تحتوي قبل الأزمة السورية عدوّاً واحداً وهو حزب الله، أما اليوم فإنها تحتوي سوريا وإيران وحزب الله والحشد الشعبي، كما تجدر الإشارة إلى أن تل أبيب فقدت اليوم ميزتها الاستراتيجية من حيث التفوّق الجوي بعد نشر الدفاع الروسي S-400 في سوريا، ما قلل بشكل كبير من قدرتها على المناورة.
ماذا وراء الاعتداءات الأخيرة
بالإضافة إلى ما تم ذكره أعلاه من أهداف يسعى العدو الإسرائيلي إلى تحقيقها من خلال الغارات الإسرائيلية على سوريا، ومن خلال قراءة السلوك الإسرائيلي والتطورات على الساحة الإقليمية وخاصة الخليجية، فإنه يهدف أيضاً من خلال هذه الهجمات إلى زيادة الضغط على طهران عبر استهدافها في سوريا، ودفع الأمريكيين إلى زيادة الضغوط على إيران عبر وجودهم الكبير في الخليج الفارسي في حال أرادت الرد على هذه الهجمات.
وبالرغم من إعلان كل من طهران وواشنطن أنهما لا يعتزمان بدء المواجهة العسكرية، لكن الحادث المشبوه الذي استهدف ناقلات النفط في مياه الإمارات كشف حقيقة أن بعض الأطراف، ولا سيما الكيان السعودي والإماراتي والصهيوني يتمنّون وقوع هكذا مواجهة، وكان يأمل “التحالف بين” (بنيامين وابن سلمان وابن زايد) أن تكون ردّة فعل ترامب على هجوم الناقلات النفطية مغايرة، إلا أنه أظهر الحرص في الرّد لعلمه خطورة حصول هكذا مواجهة.
هذا الأمر دفع الإسرائيليين إلى الانتقال إلى خطة ثانية وهي استفزاز إيران للرد على هجمات إسرائيلية من الأراضي السورية ما يدفع ترامب إلى الهجوم على إيران إثر مهاجمتها للأراضي المحتلة.
ختاماً.. إن أي مواجهة بين إيران وواشنطن وحلفائها في المنطقة ستخرج منها طهران منتصرة بشكل حتمي، نعم ستكون هناك خسائر ستلحق بها إلا أن خسائر أمريكا وحلفائها ستكون أكثر، خاصة الكيان الإسرائيلي الذي سيتلقّى ضربات موجعة كبيرة بفعل الصواريخ الإيرانية، هذا الكيان الذي لم يقدر على تحمل الصواريخ الفلسطينية لمدة يومين، ونحن هنا لا نقلل من شأن هذه الصواريخ، فالكيان الإسرائيلي الذي أخذ يركض يميناً ويساراً من أجل وقف الصواريخ الفلسطينية كيف سيتحمل آلاف الصواريخ الإيرانية البالستية التي ستتساقط عليه في اللحظات الأولى لأي معركة كانت؟!
المصدر / الوقت