من سينتصر ايران ام اميركا؟
في خضم التصعيد وتبادل الاتهامات، والحرب الاقتصادية والنفسية والحرب الشاملة التي لا ينقصها الا العمليات العسكرية، المستعرة بين الجمهورية الاسلامية الايرانية واميركا، لعل الكثير يتساءل: من سيكون المنتصر في النهاية، ايران ام اميركا؟
بالطبع الاجابة عن هذا السؤال تتمثل في نوعين من الاجابة، حسب منطلق المجيبين عليه، فإنك إن سألت المتخاذلين والانهزاميين، أو إن سألت من يأخذ فقط بالمظاهر المادية، فسيؤكد لك ان اميركا هي اكبر قوة اقتصادية وعسكرية في العالم، ولا يمكن لإيران ان تصمد امامها، وحسب هذا المنطق ان أميركا ستكون المنتصرة في المواجهة ضد ايران.
وفي المقابل، إن سألت العقلاء وشعوب المنطقة، بل حتى الخبراء الاميركان والصهاينة يتخوفون من المواجهة مع ايران، ولذلك فأبسط مؤشر هو ان هذا العداء مضى عليه اكثر من 40 سنة، وخلال هذه السنوات، ازدادت ايران قوة وتأثيرا في المنطقة، فيما انحسر تأثير اميركا على الصعيدين الاقليمي والدولي.
ان العقل المادي والعقل الانهزامي، ينظر فقط الى القوة العسكرية الهائلة، والمعدات والاسلحة المتطورة، لذلك لا يرى خيارا الى الاستسلام امام هذه القوة للحفاظ على الحياة، واي حياة هذه؛ انها حياة مذلة، لا تستحق ان تسمى حياة.
ولكن عقل المقاومة، ينطلق من الآية الكريمة “وأعدّوا لهم ما استطعتم من قوة”، ولذلك لم تفتأ المقاومة طيلة الاربعين عاما الماضية، ولم تغفل لحظة واحدة عن زيادة قدراتها استعدادا للمواجهة، وقد أثبت هذا المنطق فاعليته، فمن كان يتصور ان تتمكن ثلة مؤمنة في لبنان، لا ترقى امكاناتها الى ادنى الجيوش العربية، ان تتمكن من فرض هزيمة منكرة بالجيش الصهيوني الذي كان يوصف انه الجيش الذي لا يقهر. ومنذ ذلك الحين بدأت حلقات الهزائم الصهيونية على يد المقاومة تتوالى، لتفرض المقاومة واقعا يختلف عما قبل.
ايران ازدادت قوة، ليس فقط من الناحية العسكرية، بل حتى من الناحية الدبلوماسية والسياسية، ففي الماضي، كانت واشنطن اذا اتخذت قرارا ضد طهران، كان العالم تقريبا يواكبها، ويتخذ مواقفه ضد ايران، ولكن الآن الوضع يختلف، فلم يعد يؤيد ترامب في مواقفه ضد ايران، الا القليل، هذا في حين انه من كان يتصور ان رئيسا اميركيا يستجدي التفاوض مع ايران، وايران هي التي تترفع وترفض وتضع الشروط.
إن قوة الاسلحة وتطورها لم تعد أمرا حاسما في المعارك، خاصة مع توفر البعد المعنوي للفئة المقاومة، فها هي اليمن، تقاوم وتصمد امام الماكنة العسكرية السعودية والاماراتية رغم ان اميركا والغرب لم ينفكوا يزودونهما بأحدث الاسلحة، بل حتى ان هناك طيارين وضباط غربيين يساهمون في هذه الحرب، ضد من؟ ضد “انصار الله” والشعب اليمني المقاوم، ورغم انهم دمروا البلد ولم يتركوا بنية تحتية الا وقصفوها، وقتلوا الاطفال والنساء والشيوخ، لكن هذا الشعب الأبي مازال صامدا، بل اخذت بتغيير المعادلة، من خلال نقلات نوعية في هذه المعركة، وكان آخرها استخدام الطائرات المسيرة، التي اقضت مضاجع آل سعود وحكام الامارات، فبدأوا يتصارخون والصراخ على قدر الألم.
وأما اصحاب القرار الاميركان، فإنهم وقبل شن اي حرب ضد ايران، فإنهم يحسبون لها الف حساب، فهم يحسبون الكلفة المادية، التي ستكلفهم كثيرا جدا، خاصة ان الحرب اذا بدأت مع ايران، فلن تنتهي وقت ما تشاء اميركا، بل ان ايران هي التي تنهي هذه الحرب. واذا كانت الحرب على اليمن قد طالت اكثر من خمس سنوات، فكم ستطول الحرب مع ايران؟ وكم ستكلف الخزانة الاميركية وخزانة آل سعود ومن لف لفهم؟
وفوق كل ذلك، ماذا ستكون نتيجة هذه الحرب؟ فالخبراء واصحاب القرار الاميركان وحتى الصهاينة ليسوا متأكدون من نتائج اي حرب مع ايران، مع تملكه من موقع استراتيجي وقوة عسكرية وصواريخ بعيدة المدى، فضلا عن عمق استراتيجي في المنطقة، يجعلها قادرة على قلب كل المعادلات الاقليمية.
إذن، ورغم كل الصعوبات التي تواجهها ايران، وخاصة من الناحية الاقتصادية، فإنها قادرة بذكاء شعبها وحنكها قيادتها، على تطوير القدرات الذاتية وقادرة على زيادة قوتها، بل وحتى تعزيز جبهة المقاومة، مثلما فعلت في سوريا وساهمت بشكل كبير في احباط المؤامرة ضد سوريا. ونقولها بملء الفم ان ايران ستكون المنتصر في هذه المواجهة لا ريب. وقل انتظروا إنا منتظرون.
المصدر / فارس