اليد الأميركية تعبث بأمن العراق
العلاقة بين الوجود العسكري الاميركي في اي مكان بالعالم، وانعدام الامن في ذلك المكان، باتت علاقة ملازمة، وهذه الملازمة طبيعية، نظرا لحاجة التواجد الاميركي، في اي بلد كان، لاجواء تسودها الفوضى وانعدام الامن، لتبرير اصل التواجد.
يمكن سرد عشرات الامثلة لهذه الحقيقة المؤلمة التي كلفت شعوب العالم مئات الالاف بل الملايين من ابنائها قتلا وتشريدا، كما هو الحال في افغانستان والعراق وسوريا واليمن وليبيا والصومال وفيتنام وفنزويلا وكوبا ونيكاراغوا وشيلي وشبه الجزيرة الكورية ، والعديد من دول العالم الاخرى، قديما وحديثا.
رغم اختلاف اساليب اميركا في ضرب الامن والاستقرار في تلك البلدان، الا ان الهدف يبقى واحدا، وهو بسط الهيمنة الاميركية، عبر تنصيب عملائها كقادة في تلك البلدان، لسرقة خيرات وثروات شعوبها.
من اجل ان تكون لاميركا اليد الطولى في تلك البلدان، وتأمن جانب شعوبها، فانها تعمل على الهاء واشغال هذه الشعوب، بفتن سياسية ودينية ومذهبية، تحول دون اتحادهم وتكاتفهم، وتنخر نسيجهم الاجتماعي، وتستنزف قواهم، بينما تتقمص اميركا، دور المنقذ للجميع، والضامن لامن واستقرار هذه الشعوب!!.
هذه السياسة الاميركية الخبيثة، تجري اليوم على قدم وساق في العراق، الذي كلما ارادت حكومته وقواه الوطنية، وضع حد للتواجد الاميركي غير المرغوب فيه ، تتفجر الفتن وتُختلق الحوادث، اما على شكل تفجيرات او اغتيالات او ظهور مجموعات ارهابية لا تمت للعراق والعراقيين بصلة، بهدف خلط الاوراق وتعكير صفو الاجواء، لتبقى خيوط اللعبة بيد اميركا وحدها.
خلال الايام القليلة الماضية، شهد العراق عددا من الحوادث الامنية المريبة، التي تم الصاقها لصقا، من قبل الاعلام الاميركي والاعلام الخليجي، بالتصعيد الاميركي ضد ايران على خلفية انسحاب امريكا من الاتفاق النووي، واعادة فرض الحظر الاميركي الظالم ضد الشعب الايراني، بهدف اظهار الامن العراقي على انه هش، وحاجة العراق للقوات الاميركية للحفاظ على هذا الامن، بالاضافة الى زرع الفتن بين ابناء الشعب الواحد، وصولا الى الهيمنة على المشهد العراقي، وتسهيل عملية نهب ثروات العراق وخيراته، كما اعلن ترامب في اكثر من مناسبة.
في وقت متأخر من يوم امس الثلاثاء، سقط صاروخ من طراز كاتيوشا قصير المدى، قرب قاعدة عسكرية تضم قوات أميركية في مدينة الموصل شمال العراق، بينما نقلت وكالة رويترز عن مصادر أمنية، بشكل منفصل إن صاروخين من طراز كاتيوشا سقطا على القاعدة.
وقبل يوم، اي يوم الاثنين الماضي، سقطت ثلاثة صواريخ على قاعدة تستضيف قوات أميركية شمالي بغداد، ولم تعلن لحد الان، أي جهة مسؤوليتها عن إطلاق الصواريخ قرب هذه القواعد.
في ساعة مبكرة، من صباح اليوم الاربعاء، اعلنت الشرطة العراقية إن صاروخا سقط قرب مقر للسكن والعمليات يتبع عددا من شركات النفط الأجنبية العالمية بما في ذلك شركة إكسون موبيل الأميركية قرب مدينة البصرة بجنوب العراق، قيل انه اصيب عراقيان اثنان في الهجوم.
لا نكشف سرا ان قلنا ان التواجد الاميركي في العراق غير مرحب به من قبل الشعب العراقي، بعد ان تكشف لهذا الشعب الدور الخطير الذي تقوم به هذه القوات، في دق اسفين بين مكونات الشعب العراقي، عبر الحديث عن حق هذه المكونات في اقامة اقاليم خاصة بها، على اسس عرقية وطائفية، الا ان ما تعرضت له المصالح الاميركية، من هجمات خلال اليومين الماضين، لا يندرج في اطار مساعي الشعب العراقي للتخلص من الكابوس الجاثم على صدر العراق، بل يندرج في اطار السياسة الاميركية الرامية الى تحريض العراقيين بعضهم ضد بعض، و وضع فصائل المقاومة العراقية وخاصة فصائل الحشد الشعبي في دائرة الاتهام بهدف شيطنتها، وصولا الى تعكير صفو العلاقات الاخوية والتاريخية والدينية التي تربط الشعبين العراقي والايراني.
نبيل لطيف / العالم
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق