كواليس انفجارات جدة تكشف مدى خوف “ابن سلمان” من فيضانات المعارضين
في مفاجأة جديدة كشف تحذير من السفارة الأمريكية بالسعودية، أن سيارتين انفجرتا في مدينة جدة السعودية يوم 7 يونيو الحالي وأوقعتا عدداً من الإصابات، لكن السلطات السعودية فرضت في البداية تعتيماً على خبر التفجيرين، ولم تصدر أي بيان رسمي بشأنهما، وبعدما انتشرت العديد من التقارير في الكثير من وسائل الإعلام العربية والغربية حول هذه الحادثة، قامت وزارة الداخلية في نهاية المطاف بالكشف عن ملابسات تلك الانفجارات. وحول هذا السياق، قال المتحدث باسم وزارة الداخلية السعودية، اللواء منصور التركي في تصريحات حصرية لوكالة “أسوشيتيد برس”: “إن قوات الأمن تابعت ما حدث”، مضيفاً بالقول: “يبدو أنه عمل إجرامي يتركّز حول نزاع شخصي”.
ولفت إلى أن هذا الهجوم كان متعمداً استهدف سيارتين في مدينة جدة، ما تسبّب في إصابة إيطاليين اثنين، وتابع بالقول: “أظهرت التحقيقات الأولية أن هناك عبوة ناسفة موضوعة تحت دواستي الوقود في السيارتين، ما تسبّب في حريق وإصابة السائقين، بالإضافة إلى الركاب الإيطاليين الآخرين”.
وهنا يطرح هذا السؤال نفسه، ما هو الهدف من القيام بهذه الهجمات ولماذا حاولت السلطات السعودية في بداية الأمر التستر عن هذه الحادثة؟.
طبيعة الهجمات الإرهابية في السعودية
إن السعودية تقف على رأس الدول الخليجية التي تدعم الإرهابيين في جميع أنحاء العالم كما أنها موّلت الإرهابيين من كل الجنسيات وأرسلتهم إلى سوريا والعراق خلال السنوات الماضية للقتال وتخريب تلك البلدان على رؤوس شعبها ويأتي الدعم السعودي للإرهابيين متناقضاً مع الإجراءات التي تتخذها الرياض لمكافحة ما يسمّى بالإرهاب في داخل البلاد وهي تدرك جيداً أن من يزرع الريح سوف يحصد العاصفة ومن يموّل الإرهابيين لا بدّ ان تنقلب آثار تمويله على وضعه الداخلي، حيث إن عدداً كبيراً من الشباب السعودي توجّه بتوجيه من رجال الدعوة السلفية الحكوميين إلى سوريا للقتال وقد قتل عدد كبير من هؤلاء الشباب المغرّر بهم، ونقلت جنائزهم إلى الأراضي السعودية.
يذكر أن المفوضية الأوروبية أدرجت مملكة آل سعود على القائمة السوداء لممولي الإرهاب ومبيّضي الأموال للإرهابيين بالرغم من اعتراض “تيريزا ماي” و”ترامب” على ذلك القرار، وهذا الأمر يعدّ دليلاّ كافياً على احتضان وتمويل وتصدير الإرهاب السعودي الوهابي للعالم.
وفي سياق متصل، كشفت العديد من المصادر الإخبارية بأن الإرهابيين قاموا بالكثير من العمليات الإرهابية داخل السعودية معظمها استهدفت المساجد، ففي يوليو 2014، هاجم مسلحو تنظيم القاعدة منفذ الوديعة، وقتلوا 5 من رجال حرس الحدود السعوديين و3 من عناصر التنظيم المتطرف وفي نوفمبر 2014، قتل ضابطا شرطة أثناء تبادل إطلاق النار مسلحين وصفتهم السلطات بالإرهابيين في منطقة القصيم شرقي السعودي وفي أكتوبر 2015، خلف هجوم استهدف “حسينية الحمزة” في منطقة القطيف شرقي السعودية 5 قتلى، كما شُنّ هجوم مسلح أطلق خلاله النار على الضحايا قبل أن تقتله قوات الأمن، وسارع تنظيم داعش الإرهابي إلى تبني الهجوم وفي مايو 2015، اقتحم انتحاري بحزام ناسف مسجد “جامع الإمام الحسين” أثناء صلاة الجمعة، في حي العنود بمدينة الدمام شرقي السعودية، وتبنّى مسؤولية الهجوم الذي أسفر عن سقوط 3 قتلى تنظيم داعش الإرهابي وفي مايو 2015، فجّر انتحاري نفسه في مسجد “الإمام علي” ببلدة القديح بمحافظة القطيف شرقي السعودية، وكانت حصيلة الهجوم 21 قتيلاً وإصابة أكثر من 100 آخرين، وتبنّى الهجوم تنظيم داعش الإرهابي وفي يناير 2016 أوقع هجوم استهدف مسجد “الإمام الرضا” في مدينة الإحساء بالمنطقة الشرقية 4 قتلى و18 جريحاً، واستخدمت في الهجوم أسلحة رشاشة وقنابل قبل أن يفجّر الانتحاري نفسه.
المعارضون لـ”ابن سلمان” وحالات القمع التي يقوم بها في حقهم
اعترف المتحدث باسم وزارة الداخلية السعودية “منصور التركي”، بأن الخلافات الشخصية كانت وراء الانفجارات التي وقعت في مدينة جدة السعودية بسيارتين مفخختين، لكن لمعرفة لماذا قامت السعودية بالتكتم على هذه الحادثة، فإنه ينبغي علينا التركيز وإمعان النظر في النقاط التالية :
1. أولاً، قام “ابن سلمان” بإجراء إصلاحات اقتصادية واجتماعية مصطنعة على مدار العامين الماضيين لجذب الانتباه الدولي لتوطيد مكانته الشخصية على الساحة الاقليمية والعالمية، لكن تصرفاته المثيرة للجدل ولا سيما قتله للصحفي المعارض “خاشقجي” وسجنه للكثير من العلماء والمفكرين والمعارضين لسياساته، أثارت أيضاً الغضب والسخط العام داخل البلاد.
2- قبل بضعة أشهر، صعد “ابن سلمان” على سطح الكعبة، وهذا الأمر أدى إلى خلق حالة من الغضب لدى الشعب السعودي في الفضاء الافتراضي.
وحول هذا السياق، ذكرت صحيفة “رأي اليوم” في مقال نشرته: “كل خطوة يقوم بها تثبت للعالم أجمع بأنه السبّاق في اتخاذ قرارات مثيرة للجدل وحتى استفزازية”.
3. كشفت صحيفة “الغارديان” عقب زيارة الملك “سلمان” لمصر، عن وجود خلافات عميقة بين “ابن سلمان” وأبيه وفي ذلك الوقت، وأفاد بعض المفكرين مثل “بروكنجز” و”تشاتام هاوسز” عن احتمال قيام هذا الأمير المتهوّر بانقلاب على والده وبعد قيام “ابن سلمان” بقتل الصحفي السعودي المعارض “خاشقجي”، طالب عدد من الأمراء السعوديين الملك “سلمان”، بعزل هذا الأمير المتهوّر من منصبه كولي للعهد.
لذلك، إذا ما قمنا بوضع حالة السخط الاجتماعي من “ابن سلمان” إلى جانب السخط السياسي منه، فإننا سوف نتوصل إلى هذه الحقيقة التي تؤكد بأن “ابن سلمان” لن يتمكّن خلال الفترة القادمة من السيطرة على زمام الأمور في بلاد الحرمين، وذلك لأن هناك أيضاً العديد من علماء الدين غير الراضين عن تصرفات هذا الأمير المتهوّر والسخط والمعارضة له تزداد يوماً بعد يوم بسرعة فائقة.
لهذا يمكن القول هنا بأن هذه الانفجارات لم تأتِ من فراغ، وإنما جاءت لتؤكد مدى السخط الشعبي المنتشر بين أبناء الشعب السعودي من هذا الأمير المتهور.
والنقطة الملفتة للنظر هنا، أن هذه الانفجارات جاءت عقب إصدار المحكمة العليا السعودية حكماً بإعدام عدد من علماء الدين السعوديين، ولا سيما عوض القرني وعلي العمري وسلمان العودة وهنا يرى العديد من المحللين السياسيين بأن هذه التفجيرات جاءت أيضاً لمنع السلطات السعودية من تنفيذ هذه الإعدامات ومن المؤكد أن هذه الأحداث جاءت نتيجة لقمع “ابن سلمان” لمعارضيه ومنتقديه خلال السنوات القليلة الماضية، ومن المؤكد أن يزداد السخط الشعبي في السعودية على “ابن سلمان” في المستقبل القريب.
المصدر / الوقت