العلماء يكتشفون سبب الكتابة باليد اليسرى
منذ بداية التاريخ والأعسر يعامل بطريقة سيئة.. ففي العصور القديمة كانت تتم ملاحقة كل أعسر إذ كان يمثل الشر وحتى كان يصنف على أنه من السحرة.
رغم أن العُسر حالياً خرجوا من إطار التصنيف هذا ولكن معاملتهم ورغم أنها تحسنت بشكل جذري لكننا يمكننا القول وبكل راحة ضمير بأنهم الفئة التي لا يضعها أي شخص في الحسبان، خصوصاً عند تصنيع كل ما نستخدمه في حياتنا اليومية.
حتى اللفظ المستخدم
كل شيء نستخدمه مصمم وفق راحة الذين يستخدمون اليد اليمنى وليس اليسرى، وعليه فإن بعض المهام اليومية «العادية» يمكنها أن تكون مصدراً للإزعاج لأصحاب اليد اليسرى.
لعل عدم وضعهم بالحسبان قد يبدو «منطقياً» الى حد ما حين ننظر الى النسبة التي يشكلونها، فهم لا يتجازون الـ ١٠٪ من السكان حول العالم.
ومع ذلك ورغم أن كل المؤسسات والشركات المصنعة وغيرها تتجاهلهم إلا انهم مصدر إهتمام بحكم أن سبب إستخدامهم ليدهم اليسرى ما زال سراً رغم بعض النظريات التي حاولت تفسير الأمر.
النظريات السابقة
عشرات النظريات وضعت خلال السنوات الماضية، منها ما هو غير علمي ومنها ما هو نتيجة دراسات علمية.
قديماً كان يقال بأن الأم التي تختبر الكثير من التوتر خلال حملها تنجب طفلاً أعسراً، ولكنها بطبيعة الحال نظرية لا تستند الى أي أسس عملية.
الأعسر ليس أعسر اليد فقط بل هو أعسر كل شيء فالاعتماد على الجزء الأيسر يمتد الى كل الاعضاء الأخرى ومنها القدم والسمع والعين. وعليه النظريات السابقة ركزت على الدماغ الذي من المفترض أنه يحدد ما إن كان الشخص أعسراً أم أيسراَ والخلاصة كانت أن الطريقة التي ينتظم بها دماغ الشخص الأعسر تتسم بتغير وتنوع كبيرين ويعتقد علماء الأعصاب أن ميزة الشخص الأعسر العصبية هي أن النصف النشط من مخه يكون النصف الأيمن و الذي يتواجد به أيضاً مراكز الإدراك المكاني والأبعاد، مما يؤهل الشخص الأعسر لأداء بعض الأنشطة بشكل أفضل ومن هنا شاعت النظريات بأن الاعسر هو أكثر ذكاء أو إبداعاً.. ولكن الاعسر يمكنه أن يكون مقصراً أو غير مبدع في مجالات اخرى عديدة.
ولكن النظرية هذه لا تجد قبولاً عن الجميع فعدد كبير من العلماء لا يتفقون معها ويصرون بأن السبب ما زال غير معروف وبأن المعلومات المتوفرة والتي يمكن الاعتماد عليها غير كافية.
ما الجديد الذي خرج به العلماء؟
الدراسات التي أجريت منذ العام ١٩٨٠ أكدت بشكل مؤكد بأن إستخدامنا ليدنا اليسرى أو اليمنى يتحدد قبل أن نولد، فعندما يبلغ الجنين الأسبوع الثامن يبدأ بمص إما ابهامه الأيمن أو الأيسر.
وكما قلنا الدراسات السابقة كلها ركزت على الدماغ ولكن الجديد حالياً يؤكد بأن الامر كله يرتبط بالعمود الفقري وليس الدماغ.
في دراسة أجرتها جامعة بوشوم الألماني بالتعاون مع مجموعة من العلماء من المانيا وجنوب أفريقيا وهولندا تبين بأن نشاط الجينات في العمود الفقري كان لا متماثل في الرحم وهو ما الذي يحدد ما إن كان الشخص سيكون اعسراً أم لا.
حركة اليد والذراع تبدأ من الدماغ من مكان يدعى القشرة الحركية والتي ترسل الإشارات الى العمود الفقري الذي يترجمها الى حركة.
ولكن وخلال مرحلة نمو الجنين في الرحم وحتى أسبوعه الخامس عشر يكون العمود الفقري والقشرة الحركية في الدماغ في حالة من عدم الإتصال.ولكن كما قلنا الجنين في أسبوعه الثامن يحد أي يد سيستخدم من خلال مص الإبهام.
أي بتعبير أخر الجنين يكون قد بدأ الحركة وإختار اليد المفضلة قبل أن يبدأ الدماغ بالتحكم بحركة الجسم.
بدأ العلماء بعد هذا الإكتشاف بتحليل الجينات في العمود الفقري حين يكون الجنين في أسبوعه الثامن وصولاً الى أسبوعه الثاني عشر وقد تم إكتشاف نتائج مختلفة بين الجزء الأيمن و الجزء الأيسر من العمود الفقري الذي يتحكم بحركة اليد والذراع عند الذين يعتمدون اليد اليسرى.
وعليه فإن الخلاصة كانت بان الطبيعة اللامتماثلة للعمود الفقري ترتبط بعلم التخلق أو الية تأثر المخلوقات بالتغييرات في التعبيرات الجنية وليس في الجنيات نفسها. هذه التغييرات بشكل عام سببها البيئة التي تؤثر على كيفية نمو الجنين. هذه التعبيرات الجنية تؤثر ما إن كان الجينات في الجزء الأيمن والأيسر من العمود الفقري ستكون متشابهة (أيمن) أو مختلفة (أيسر).
لماذا هذه الفئة نادرة جداً؟
لطالما حاول العلماء الإجابة عن هذا السؤال.. ولكن النظريات لم تقترب على الإطلاق من منحنا إجابة شافية ووافية.
في العام ٢٠١٢ طور مجموعة من العلماء في جامعة نورث ويسترن نموذجاً حسابياً أظهر نسبة الذين يستخدمون اليد اليسرى كنتيجة للتطور البشري.. وخصوصاً وفق مبدأ التعاون والمنافسة. أي أن العلماء ورغم أنه كانوا يضعون بالحسبان أن السبب قد يكون جينياً ولكنهم وضعوا نظريات أخرى تتعلق بالعوامل الإجتماعية.
الخلاصة كانت أن التعاون كان أساسي من أجل إستمرارية البشر وأننا ولسبب ما قررنا بأن اليد اليمنى هي الأفضل من أجل التعاون وهكذا تم الإعتماد عليها من أجل ضمان الإستمرارية.. وهذا ما قد يفسر سبب كون الغالبية الساحقة تستخدم اليد اليمنى.
ولكن الدراسة لم تفسر سبب بقاء الفئة التي تكتب باليد اليسرى وما هي الأسباب الإجتماعية التي جعلتها كذلك. ولكن العلماء فيه هذه الدراسة أكدوا بأن الفئة التي تعتمد على الجزء الأيسر ما تزال لغزاً من دون شك.
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق